بسم الله الرحمن الرحيم أعزاءنا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرحب بكم أجمل ترحيب في هذا اللقاء الجديد الذي يسرنا أن يجمعنا بحضراتكم عبر محطة اخرى من محطات برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا راجين أن تقضوا معنا دقائق حافلة بالمتعة والفائدة عبر ما اعددناه لكم في هذا الأسبوع، رافقونا مشكورين.
أعزاءنا من الظواهر التي نسجت حولها القصص والحكايات على مر التاريخ ودخلت تراث الشعب من اوسع أبوابه ظاهرة ما يطرحه البعض من أن هناك أشخاصاً يمتلكون مواهب وقدرات روحية ونفسية خارقة بإمكانهم من خلالها توقع ما سيحدث في المستقبل سواء على صعيد الأشخاص او العالم وشفاء بعض الأمراض المستعصية على الطب من خلال توظيف قواهم وطاقاتهم الروحية. من بين هؤلاء الأشخاص الذين عرفت عنهم تلك القدرات او إدعوا ذلك في الأقل رجلاً يدعى إدغار كيسي، قيل إنه كان يتمتع بتلك الموهبة طيلة ثلاثة وأربعين عاماً حيث تمتع بقدرات مذهلة وغير عادية الى درجة أن البعض وصفه بأنه أقوى رجل قرأ الطالع على مر التاريخ. حيث كان يدخل في حالة خلسة مابين اليقظة والنوم ويزود الشخص بمعلومات مفصلة عن ماضيه وحاضره ومستقبله بما فيها تفاصيل حياته السابقة لذا عرف بإسم المتنبأ النائم وكان كيسي يطلق على تلك المعلومات اسم القراءات. لقد تناولت قراءات كيسي النفسية جوانب متعددة منها التنبأ بوقوع الحرب العالمية الثانية وإغتيالات الرؤساء مثل حادثة إغتيال الرئيس الأمريكي جون كندي وما سوف يكون عليه مستقبل الطب ومايتعلق بنهاية العالم وحتى عن قارة أطلنطس وحادثة إنقلاب قطبي الأرض التي حصلت في الماضي البعيد والتي تطابقت مع تقدير علماء الأرض فيما بعد. لكن أكثر ما يميز قدرات كيسي المزعومة هو طريقة تشخيصه للأمراض وعلاجها عن طريق الدخول في حالة الخلسة او التنويم المغناطيسي الذاتي ومن ثم القراءة. ربما يذكرنا كيسي بالعراف نصرا داموس الذي عاش من القرن السادس عشر حيث كان كلاهما متواضعين بشأن قدراتهما وبدأ كلاهما كمعالجين للأمراض ثم إشتهرا لاحقاً بتنبئاتهما عن المستقبل، كان نصرا داموس يعالج حالات مرضية في حقبة تاريخية إنتشر فيها مرض الطاعون في اوربا وكان على صلة وثيقة بملك فرنسا وقدم رباعيات ملغزة تلمح الى أحداث مستقبلية وكان يعتمد على التنجيم. في حين أن كيسي يعتبر نفسه مسيحياً ملتزماً وعاش قبل ظهور حركة العصر الجديد مع أن البعض يرى أنه هو من أسس تلك الحركة وكان له تأثير على تعاليمها.
أعزاءنا ولد إدغار كيسي في بلدة ريفية من ولاية كنتاكي الأمريكية عام ۱۸۷۷ ونشأ في كنف عائلة ريفية متدينة من الطبقة المتوسطة ومنذ نعومة اظفاره كان كيسي مختلفاً عن باقي الأطفال في الرؤى التي تراوده ففي أحد الأيام غرق احد عمال أبيه في المزرعة وبعدها صار كيسي يرى شبحه حول الترعة التي غرق فيها وكانت تلك الرؤى البداية حيث اكتشف إدغار قدرته الغامضة عندما كان عمره ثلاثة عشرة سنة، كان آنذاك طالباً وفي ذات يوم غلبه النعاس فسقط رأسه على كتاب الاملاء الخاص به وعندما إمتحنه والده في وقت لاحق تمكن إدغار من تهجئة كل كلمة في الكتاب حتى أنه كان يعرف رقم الصفحة التي تتواجد فيها وفي تلك اللحظة علم الأب بموهبته. عندما أصبح كيسي في الثالثة والعشرين من عمره فقد بشكل مفاجئ قدرته على النطق حيث فشل الأطباء على مدار عام كامل من تفسير مرضه او علاجه وكملاذ اخير قام والدا إدغار بإقناعه بأن يذهب الى أحد أخصائي التنويم المغناطيسي، وفعلاً حضر طبيب عائلته وسجل كل التفاصيل الدقيقة للجلسة وأقنع طبيب العائلة كيسي بمحاولة تطبيق التشخيص على المرضى الآخرين الذين لن تنفع معهم طرق علاج الطب التقليدي وقد وافق ولكن وفقاً لإبنه فإن النتيجة النهائية قد أصابته بخيبة أمل حيث قال ظهرت المشكلة عندما بدأ الناس يطرحون عليه أسئلة في نهاية بعض القراءات، على سبيل المثال: من هو الحصان الذي سيفوز في السباق؟ ما سيحدث في سوق الأسهم؟ ونتائج مباريات الكرة والخ. وعندما إكتشف ما كان يفعله الناس قرر التخلي عن هذا الأمر.
أحييكم من جديد احبتي الأفاضل وأنتم تستمعون الى برنامج حكايا وخفايا يأتيكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وفي حلقتنا لهذا اليوم نتحدث عن المتنبأ النائم إدغار كيسي. إخوتنا أخواتنا المستمعين والمستمعات في تلك الفترة تخلى كيسي عن قراءاته النفسية وتزوج وإنتقل الى ولاية ألاباما حيث عمل كمصور وقبل عام ۱۹۱٤ أنجب ولدين هما إدغار إيفان وهيولين وعندما أصبح الأخير في الثامنة من عمره أصيب بجروح خطيرة نتيجة إنفجار وقع في الغرفة المظلمة التي يستخدمها كيسي لتحميض الأفلام ووفقاً لإدغار ايفان فإن الطبيب المحلي لم يكن لديه أمل كبير في الشفاء حيث قال: حسناً نحن نعتقد أننا سوف نستأصل احدى عينيه ويرجح أن يفقد بصره في كلتا عينيه.
فقال الابن لأبيه: أبي أعطني قراءة!
كان هذا هو الاختبار النهائي بالنسبة لإدغار كيسي بعد أن توقف عن ممارسة قراءاته لعدة سنوات، فهل يستطيع الآن إنقاذ إبنه من العيش كفيفاً؟
بدا الأمر وكأنه معجزة ففي غضون ستة أسابيع عاد بصر هيولين لوضعه الطبيعي تماماً وانتشر خبر شفاء الصبي وسرعان ما أصبح كيسي مشهوراً. نال كيسي شهرة واسعة في تشخيص الأمراض على الرغم من أنه لم يخضع لأي تدريب طبي لكنه على مدار حياته اجرى أكثر من تسعة آلاف تشخيص او قراءة يدلي بها خلال دخوله لمرحلة الخلسة وفي عام ۱۹۲٥ انتقل في فرجينيا بيرتش في ولاية فرجينيا الأمريكية وفتح مركزاً هناك. ساهمت كتابات كيسي في إيجاد أتباع له. لم تكن تكهنات كيسي او قراءاته صادقة إلا أن أغلبيتها تحققت ووفقاً لحديث إبنه فقد كان كيسي تلقى على مدار السنوات العشرين التالية الآلاف من طلبات الحصول على قراءات ونظراً للإجهاد أصيب إدغار كيسي بجلطة وتوفي في عام ۱۹٤٥ مخلفاً وراءه أكثر من مئة وعشرين ألف صفحة من القراءات ولاتزال هذه القراءات بمثابة منبع أمل لأولئك الذين يبحثون عن علاجات استعصت على الطب الحديث.
أعزاءنا على الرغم من وفاة كيسي فإن العديد من الممارسين لايزالون يتبعون تعاليمه ويرفض البعض اعتبار تلك العلاجات مجرد مصادفة او حسن حظ. مازالت اساليب إدغار كيسي تعتبر أمل عند اولئك الذين لم يستطع الطب الحديث علاج امراضهم. يبقى السؤال هنا كيف يمكن تفسير حياة إدغار كيسي الفريدة؟ هل كان فعلاً يمتلك موهبة روحية من نوع خاص في علاج الأمراض العضوية؟ فضلاً عما زعم من قدرته على التنبأ بالأحداث المستقبلية. إنها حالة لها الكثير من الشواهد في حياتنا فالكثير منا نجد أشخاصاً يدعون او يدعي الناس بشأنهم أنهم يتمتعون بموهبة التنبأ بمستقبل الآخرين وما حدث لهم في الماضي فضلاً عن أشخاص آخرين يدعون القدرة على شفاء الأمراض بالطرق والوسائل الروحية مثل اللمس ومايسمى بالطاقة الروحية. نحن لانستطيع نفي هذه الحالات ولاإثباتها خاصة فيما يتعلق بالتنبأ بالمستقبل لأن الغيب بيد الله سبحانه وتعالى ولايعلمه إلا هو أما بالنسبة الى شفاء الأمراض واستخدام القوى والطاقات الروحية فربما كان صحيحاً وله وجود في الواقع ولكن الى أي مدى يمكن لهذه القوى علاج الأمراض وشفاءها بشكل نهائي من دون الإستعانة بالأساليب الطبية المعروفة؟ فإن هذا هو موضع النقاش والجدل بين الباحثين والمهتمين بدراسة هذه الظواهر.
أحباءنا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران استمعتم الى برنامج حكايا وخفايا إنتظرونا في حلقة مقبلة إن شاء الله مع حكايا وخفايا أخرى بإذنه تعالى، شكراً لكم الى اللقاء.