بسم الله الرحمن الرحيم أحبتي الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً ومرحباً بكم يسرنا أن نلتقيكم من جديد بين رحاب حكاية اخرى من حكايات الأمم والشعوب على أمل أن تمضوا معنا اوقاتاً تجمع بين المتعة والفائدة مع ما اعددناه لكم لهذا الأسبوع.
أيها الأخوة والأخوات تكاد القصص والحكايا والمتعلقة بما يسمى الدمى المسكونة تشكل جزءاً مستقلاً من التراث الأسطوري للشعوب في أرجاء العالم وهي حكايات ربما إستمدت قوتها وخلفيتها من ظاهرة الشبه الظاهري بين الدمية والانسان وظاهرة تكلم الأطفال مع هذه الدمى واعتبارهم إياها كائنات حية يمكن التعامل معها وإتخاذها أصدقاء أوفياء لهم على الأقل في مخيلة الطفل الخصبة. ولكن وكالعادة في معظم الأساطير من هذا النوع جاءت مخيلة الكبار لتتدخل في الأمر ولتضفي طابع الرعب على هذه الأشياء التي تعد في الأساس وسيلة تربوية تسهم في بناء شخصية الطفل وتنمية قدراته ومواهبه فإخترعت تلكم المخيلة القصص ذات الطابع الأسطوري لتلصقها بتلك الأشياء المسكينة التي لاحول لها ولاقوة، ومنها حكايتنا لهذا الأسبوع والتي عرفت بقصة الدمية المسكونة روبرت فلنتابع أخوتنا المستمعين تفاصيل هذه الحكاية بعد هذا الفاصل.
أعزاءنا قصة الدمية روبرت تبدأ في جزيرة كيوست في فلوريدا عام ۱۹۰٤ في منزل فخم يعود لعائلة فنان ومؤلف يدعى روبرت أوجيني أوتو او جين كما اعتادوا على مناداته في صغره والذي كان طفلاً وحيداً لوالدين ثريين إعتادا الترفيه عن نفسيهما بالسفر وخلال سفراتهما الطويلة والمتكررة تلك كانا يتركان إبنيهما جين وحيداً برعاية مربية عجوز تعود أصولها الى جزر البهاما ويقال إن تلك العجوز كانت متمرسة بسحر ما يسمى الفوتو القائم على استغلال الأرواح الشريرة وتسخير الجن والعفاريت لغرض إنزال اللعنات السوداء على الأعداء والخصوم. والدة جين كانت معروفة بعصبيتها وسوء معاملتها للخدم، وفي احدى نوبات غضبها قامت بطرد المربية العجوز لسبب تافه لكن تعلق إبنها الشديد بمربيته أجبرها على التمهل في طردها حتى نهاية الشهر. وقد أمضت المربية العجوز أيامها الأخيرة في المنزل حبيسة غرفتها لاتغادرها إلا لماماً. لايعلم أحد ماذا كانت تفعل في خلوتها تلك ولكن زملاءها في العمل كانوا موقنين أنها كانت تدبر امراً ما للإنتقام من مخدوميها الذين بالغت في رعاية إبنهم فكان جزاءها الطرد والإهانة. وأخيراً تركت المربية حجرتها حين حان موعد رحيلها في نهاية الشهر، لكن قبل أن تغادر المنزل نهائياً صعدت هذه العجوز السوداء ببطئ نحو غرفة جين وقدمت له دمية مصنوعة من القماش والقطن وأخبرته أنها صنعتها خصيصاً له وأسمتها روبرت تيمناً بإسمه الأول وطلبت منه أن يحتفظ بها كذكرى منها ثم ودعته ورحلت.
مستمعينا الأفاضل سرعان ما أصبح جين متعلقاً بدميته الجديدة فألبسها ثياب البحارة وصارت لاتفارقه حتى خلال نومه وأخذ يمضي معظم يومه باللعب معها وصار يحادثها ويتكلم معها. بدا الأمر عادياً بالنسبة لطفل في عمره لكن والديه وخدم المنزل بدأوا يسمعون صوتاً آخر معه في الغرفة ظنوا في البداية بأن جين يقوم بتغيير صوته لكي يتحدث بالنيابة عن الدمية روبرت وهو أمر طبيعي يقوم به الأطفال حين يتكلمون مع انفسهم لكن الصوت الآخر كان اخشن من أن يكون صوت طفل، أحياناً كان يعلو ليتحول الى صراخ فيهرع الوالدان الى غرفة جين ليجداه قابعاً في زاوية الغرفة بينما الدمية روبرت جالسة على الكرسي وهي تحدق اليه. كانوا يسألون عن سبب صراخه فيشير الى الدمية ويقول بغضب إنه روبرت، هو من بدأ الشجار أولاً!!
بمرور الأيام أعزائي الأفاضل بدأت تحدث أمور غريبة في المنزل، اخذت الصحون تتطاير من فوق الموائد وتتحطم من تلقاء نفسها، الأبواب تقفل من الداخل ومن دون سبب، الكتب تقع عن الرفوف وتتناثر على الأرضية كأن يداً غاضبة إمتدت اليها وعبثت بها. ثم اخذت ألعاب جين تتحطم وتتكسر وصارت دماه وعرائسه تتعرض للتمزيق وتتبعثر اوصالها حول المنزل. والدا جين كانا يظنان بأن إبنهما هو من يقوم بهذه الأمور وكانا يلومانه ويعنفانه فيشير بإصبعه نحو الدمية ويجيبهما مستنكراً إنه روبرت، هو من فعل ذلك ولست أنا!
لن يصدق والدا جين بأن الدمية هي من تفعل ذلك لكن العديد من الخدم آمنوا بأن المربية العجوز قد صبت فعلاً احدى لعناتها السوداء على الدمية للإنتقام من العائلة وأقسم بعضهم بأنهم شاهدوا روبرت وهو يركض ليلاً بين الغرف وحين حاولوا الإمساك به بدأ يتسلق الجدران ويسير بالمقلوب على السقف وهو يضحك ويسخر منهم، صاروا يرتعبون منه ويتحاشون قدر الإمكان الدخول الى غرفة ألعاب جين خاصة في الليل.
لم تقتصر المشاهدات الغريبة على خدم المنزل فالجيران ايضاً صاروا يتحدثون عن مشاهدتهم للدمية روبرت وهو يتمشى داخل المنزل ويتنقل من شباك الى آخر حين تكون العائلة في الخارج. وواصلت الأمور ذروتها في احدى الليالي حين هرع والدا جين الى غرفته بعدما سمعاه يصرخ وينتحب، عثروا عليه غارقاً تحت أثاث الغرفة الذي تكوم جميعه فوق السرير بطريقة ما. كان يصرخ جين مرعوباً: إنه روبرت يريد إيذائي! عند هذا طفح كيل والدي جين، حاولا تمزيق الدمية وحرقها لكن الخدم حذروهما من فعل ذلك لأن لاتعم اللعنة المنزل كله لذلك قام والد جين بحبس الدمية في حجرة صغيرة في علية المنزل، أقفل الباب عليها ومنع الجميع من الاقتراب من تلك الحجرة. أحبتي الأفاضل من برنامج حكاية وخفايا نحييكم أطيب تحية والذي يقدم لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. بعد الفاصل نواصل حكاية الدمية روبرت.
أيها الأحبة مضت الأيام والسنوات مسرعة، مات والدا جين وأصبح هو رساماً ومؤلفاً يشار اليه بالبنان، تزوج من فتاة جميلة تدعى آني وخلال العقود الطويلة التي قضياها معاً في المنزل ظل باب الحجرة العلية مقفلاً ونسي الجميع امر الدمية روبرت، لم تقع أي حوادث غريبة بإستثناء شكوى بعض الجيران من وجود شخص يحدق اليهم من خلف زجاج العلية القديم والمغبر. كان يسأل الزوجين حول اذا ما كان هناك شخص ما في العلية لكن الزوجين إعتادا النفي، كانا يعلمان إنه روبرت لكنهما كانا يتجاهلان الأمر. وفي النهاية إنتهى المطاف بالدمية روبرت الى احد المتاحف الأمريكية وأغلب الظن أن عائلة الفتاة تبرعت بها الى ذلك المتحف ليتخلصوا من شره لكن مشاكسات الدمية روبرت لم تنتهي فسرعان ما بدأ عمال وموظفوا المتحف يتحدثون عن امور غريبة تحدث خلال الليل، بعض الحراس أقسموا بأنهم شاهدوا الدمية تتجول في أرجاء المتحف ليلاً وأيقن بعضهم بوجود شيء ما غريب بشأن هذه الدمية، راحوا يفتشون وينقبون في تاريخها الذي يربوا على قرن من الزمان فتكشفت لهم جوانب قصته الغريبة وهكذا انتشرت القصة في أنحاء البلاد حتى وصلت شهرتها الى مواقع الأنترنت والفضائيات.
وتلافياً لمشاكله ومشاكساته قررت ادارة المتحف وضع روبرت داخل قفص من الزجاج حيث لايزال قابعاً هناك حتى يومنا هذا يزوره العديد من السياح ليطلعوا على قصته العجيبة وليلتقطوا له الصور بحذر فالأسطورة تزعم أنه يجب اولاً أخذ الاذن من روبرت بأدب قبل إلتقاط أي صورة له وفي حال رفض ذلك عن طريق إمالته رأسه قليلاً الى الخلف فعلى السائح او الزائر تجنب إلتقاط الصورة لكي لاتصيبه لعنة شريرة لافكاك منها.
أحبتنا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران استمعتم الى حلقة اخرى من برنامج حكايا وخفايا شكراً لحسن متابعتكم والى اللقاء.