البث المباشر

أسطورة رستم وسهراب

الإثنين 1 يوليو 2019 - 12:01 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم احبتنا المستمعين الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ها نحن ذا نلتقيكم مرة اخرى عند محطة اخرى من محطاتنا الأسبوعية التي نتوقف عندها بين رحاب حكاية اخرى من حكايات الأمم والشعوب في مختلف أصقاع الأرض مستلهمين منها الدروس والعبر ومتعرفين على ثقافات تلك الشعوب وتراثها من خلال تلكم القصص والحكايات التي تعد خير مرآة لعاداتها وتقاليدها وطرق تفكيرها ونظرتها الى الحياة. ندعوكم أيها الأخوة والأخوات الى متابعتنا مع ما أعددناه لكم لهذا الأسبوع من برنامجكم حكايا وخفايا آملين أن تقضوا معنا اطيب الأوقات.
أحبتي المستمعين كثيرة هي الحكايات والقصص والأساطير التي يحفل بها تاريخ ايران العريق على مر العصور والتي تؤرخ للبطولات والمعارك التي خاضها ملوك هذه البلاد وما تخلل ذلك من احداث ومواقف انسانية تعكس نظرة الأمة الايرانية الى الكون والحياة والانسان، من هذه الحكايات والأساطيرالهامة التي نقشت في تاريخ ايران وإكتسبت طابعاً عالمياً وسردتها كتب التاريخ العربية منها والفارسية ومنها ملحمة الشاهنامة لشاعر ايران الأكبر الحكيم أبي القاسم الفردوسي، قصة رستم وسهراب ثم القصة التي جاءت بعدها والتي ارتبطت بالقصة السابقة وهي قصة سياوش الذي يمثل بطلاً آخر من أبطال التاريخ الوطني الايراني حيث كان له الدور الأكبر في تعيين الحدود بين بلاد ايران وبلاد طوران بعد أن انهكتهم الحروب وتطاحنت جيوشهما لعدة قرون. فتعالوا معنا اعزتنا المستمعين لنتعرف اولاً في هذه الحلقة على قصة رستم وولده سهراب ثم نعيش في الحلقة القادمة إن شاء الله أجواء قصة سياوش المفعمة بالبطولات والتحديات والمآسي والتراجيديا في ذات الوقت.
مستمعينا الأفاضل تفيد الحكاية كما قصها لنا الفردوسي في ملحمته الخالدة الشاهنامة بأن سهراب كان ابن رستم من إبنة ملك سمنجان من بلاد طخرستان الذي ما إن علم بمجيء رستم بن دستان الى مملكته بحثاً عن فرسه الذي ضاع منه في رحلة صيد كما ذكرنا ذلك في أسطورة الجني الأبيض حتى انزله في ضيافته طالباً منه مبيت ليلته عنده ثم أن ملك سمنجان عرض على رستم الزواج من إبنته بعد أن سمع ببأسه وبطولاته ليكون له الشرف في مصاهرة هذا البطل وبالفعل تزوج رستم من ابنة الملك ولما اراد أن يغادر ليكمل رحلته أعطاها خرزة وطلب منها إن كان مولوده انثى أن تربطها على ضفائرها وإن كان ذكراً أن تربطها على عضده ثم عاد الى ايران بعد أن إستعاد فرسه وهكذا ولد سهراب على صورة رستم بن دستان فلما بلغ الثالثة من العمر شب خارقاً بشجاعته وبطولته ثم أن والدته ما لبثت أن أخبرته بحقيقة مولده فقرر احتلال ايران وتنصيب نفسه ووالده ملكاً عليها فسار على سيرة والده في القوة والشجاعة واختار لنفسه فرساً من نسل فرس ابيه رخش ثم ساق تحت إمرته الآلاف بعدما إتصل به أفراسياب وحرضه على الإستيلاء على ايران فسار حتى بلغ قلعة سفيد التي كانت معقل الايرانيين فنازل قائدها هجير وشقيقته التي تخلصت منه بحيلة ثم استولت على القلعة.
أعزاءنا الأفاضل مازلتم تستمعون الى برنامج حكايا وخفايا من طهران
مستمعينا ما لبث كيكاووس أن علم بالخطر القريب فأرسل في طلب قائد زابل فلما وصل رسوله جييو الى رستم إستمهله ورده عن قصده فأقام هناك عدة ايام وكيكاووس في قصره على نار الإنتظار ثم رحلا معاً فلما وصلا دخلا على كيكاووس الذي ما إن علم برجوعهما حتى صب جام غضبه عليهما وأمر بقطع رأس رستم عقاباً لهما على تأخرهما، لكن احداً لم يستطع تنفيذ أمره وأسرعوا كلهم خلف رستم يعتذرون عما بدر من كيكاووس. فرجع الى حضرة كيكاووس الذي طلب الصفح والمغفرة وعن امره وغضبه سأل معتذراً وجلسوا الى الصباح في روض معطر ثم توجهوا بمئة الف الى جوار قلعة سفيد ولما امسوا خيموا هناك وتسلل رستم الى معسكر الأتراك قاصداً معسكر سهراب. ثم إستعد الجيشان لبدأ القتال وأخذ سهراب يسأل أسيره هجير عن أصحاب السرادق الايرانية لعله يكون بسرادق رستم فأجابه هجير عن كل سؤال لكنه صد الكلام عن احوال رستم فإغتاظ لعدم المعرفة وخرج ناوياً تهديم سرادق كيكاووس فإستنجد الأخير برستم الذي جاء مسرعاً وعد نفسه لملاقات سهراب فتلاقيا وإستعدا للمنازلة وظلا يتقارعان بسيفهما غير مدركين أن الوالد ينازل ولده وان القلب يمزق أغشيته والعين تطفأ نورها. فلما اخذ منهما التعب رجعا الى مخيميهما ليستريحا ثم عادا في اليوم التالي يستأنسان المبارزة فلما تقابلا تناوشا وتناطحا وصرع سهراب رستم وأراد ذبحه لكن الأخير إستمهله قائلاً: ليس من شيم الأبطال عندنا أن تقتل عدوك الذي بمنزلتك في اول نصر لك لكن البطل من نازل عدوه ثانية وانتصر عليه، حينئذ تكون حياته ملكك ويحق بك قتله وذبحه.
معم احبتي الأفاضل وهنا إغتر سهراب بكلام رستم فتركه معداً نفسه للمنازلة الثانية وبدأ المبارزة حامية الوطيس وظل البطلان يتقاتلان لساعات حتى استطاع رستم اخيراً أن ينال من سهراب وإستل خنجره ونحر ولده دون أن يعلم أنه فلذة كبده ولما رأى خرزته معلقة على عضده اكتشف أنه ولده فلطم على وجهه نادماً وبكى ناحباً وظل على ذلك مدة من الزمن وتأخر عن العودة الى جموع الايرانيين الذي شدوا الرحال للإستفسار عن احواله فساعدوه وواسوه وعن سره إستفسروه فطلب من اخيه زوارة أن يقصد هومان قائد عسكر الترك ويصحبه الى بلاده كي لايتعرض هو وعساكره لأي أذى وأرسل جوذر الى الملك كيكاووس يسأله شربة من الدواء الذي يجلب الشفاء لأن ابنه سهراب لم يمت بعد لكن كيكاووس رفض فقام رستم بنفسه يحمله لكن ولده مات وهو في الطريق فأقام باكياً نادماً على فعلته عالماً أن الدموع لن ترجع اليه ولده. وفي ناحية اخرى من المدينة كانت هناك أم تلطم خدها وتنعى حظها وعن ذكر ولدها سهراب لاتنقطع أبداً وبقيت على ذلك الحال سنة حتى اتتها المنية وطواها الثرى.
مستمعينا الأفاضل وبذلك تنتهي تلكم القصة المأساوية التي ضرب بها المثل للندم حين لاينفع ولايمكن أن يرد ما فات لتبدأ قصة بطولية اخرى تشكل لبنة اخرى من لبنات تاريخ بلاد ايران الحافل بالملاحم وهي قصة البطل سياوش الذي كانت له ايضاً نهاية مأساوية ومصير يقطع القلوب سوف نتعرف عليه بإذن الله في الحلقة القادمة من برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا. حتى ذلك الحين نستودعكم العلي القدير راجين منكم أن تتقبلوا تحيات قسم الثقافة والأدب والفن في اذعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران بكم منا اطيب المنى والتحايا، الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة