بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته وأهلاً وسهلاً بكم نرحب بكم اجمل ترحيب ونحن نجدد اللقاء بكم من خلال نافذة برنامجنا حكايا وخفايا المطل على كل ماهو مشوق وممتع ومفيد من حكايا وقصص وأساطير يحفل بها تراث الشعوب والأمم المختلفة وثقافاتها حيث سنكمل المشوار معكم عبر القسم الثاني من أسطورة السعلاة والأعرابي التي كان منشأها الجزيرة العربية بفيافيها وفلواتها واماكنها الموحشة والمهجورة والتي تطلق الخيال للإنسان لتصور وجود ما يشاء أن يتصور من كائنات خرافية تعكس خوفه مما يحيط به من اجواء لاتبعث الأمان والطمأنينة في النفس فندعوكم للمتابعة.
مستمعينا الأفاضل بعد أن تحدثنا عن منشأ ذلك الكائن الأسطوري المعروف عند العرب بإسم السعلاة وقد يسمى أحياناً في اللهجات المحلية بالسعلوة او السلعوة وحديث بعض المصادر التاريخية والجغرافية عنه نسوق لكم الآن احدى الأساطير والقصص الكثيرة التي حفلت بها الكتب المهتمة بمثل هذه المواضيع فلنتابع معاً بعد الفاصل.
أخوتنا أخواتنا المستمعين كان الأعرابي يقود فرسه قاطعاً تلك الفيافي القاحبة التي خبرها وعركته لسنين طويلة حتى أصبح ملماً بأدق تفاصيلها. لم يكن يبدو عليه التعب لكنه كان غاضباً فها هو يسير وحيداً في تلك الصحراء الموحشة.
اللعنة!! دمدم بغضب ثم همس محدثاً نفسه بحسرة: ما كان لي أن امضي معهم لولا طمعي وها أنا ذا اعود وحيداً خالي الوفاض، اللعنة!
أطرق الرجل متذكراً تفاصيل ماحدث معه. لقد خرج مع رهط من قومه في غزوة طمعاً في الغنيمة لكنهم إنهزموا هزيمة منكرة وتفرقوا كل يريد النجاة بنفسه. وفيما كان الأعرابي سارحاً في أفكاره يؤنب نفسه ظهرت في الطريق الخالي امامه امرأة لم يكن يعلم كيف صارت قبالته فجأة كأنها خرجت من العدم لذا تفحصها جيداً. كانت غادة حسناء ترتدي ثوباً داكناً لمع جيدها الأبيض من بين طياته كالبرق الساطع.
لكن من أين أتت هذه الفاتنة؟ وماذا يفعل مثلها في هذا القفر الموحش؟ تسائل الرجل مع نفسه قبل أن تبادره المرأة بصوت عذب رخيم: حياك الله يا أخ العرب! هل لك في مساعدة امرأة ضعيفة تقطعت بها السبل؟
رد الرجل تحيتها: حياك الله، ثم أردف متسائلاً: من أنت؟ وماذا تفعلين لوحدك في هذا المكان المنقطع؟
اجابت المرأة بلهجة يبدو عليها التضرع والشكوى: آه ياسيدي لقد كنت مسافرة مع قومي لكني إبتعدت قليلاً عن القافلة وحين أردت اللحاق بهم مرة اخرى كانوا قد رحلوا، لقد نسوني وتركوني خلفهم وحيدة.
سألها الرجل مرة اخرى: أي طريق سلكوا؟ وكم مضى على رحيلهم؟
أشارت المرأة الى الطريق الذي يسلكه وهي تقول: لقد ذهبوا في هذا الاتجاه عند إمتصاص النهار.
أجاب الرجل وهو يمد يده الى المرأة ليساعدها على الركوب خلفه على الفرس: إنها نفس طريقي، هلمي وأركبي ورائي لعلنا نلحق بهم!
مستمعينا الأفاضل مضى الأعرابي والمرأة الحسناء لبرهة صامتين. فكر الرجل في المرأة وكانت بارعة الجمال وهما وحيدان وسط هذا البحر الشاسع من الرمال. حدث الرجل نفسه وهو يتحسس يد المرأة الناعمة التي خيل اليه أنها لابد وأن تكون ناعمة والتي طوقت حسده وهي تتمسك به خلف الفرس. لعل الآلهة أرسلتها لي عوضاً عن الغنيمة التي فاتتني هذا اليوم. ثم مد أصابعه نحوها بهدوء، لمسها بلطف لكن تباً ماهذا؟ لقد وقعت يده على جسد خشن كانه وبر الابل. فزع الرجل بشدة، ادار وجهه نحو الحسناء الجالسة خلفه لكن ما شاهده كاد يخلع فؤاده من موضعه، كان وجه المرأة الصبوح قد اختفى وحلّ محله وجه أسود كالح لم ير في حياته شيئاً في قباحته. ادرك الرجل على الفور بأن المرأة التي أركبها خلفه لم تكن سوى سعلاة محتالة اتخذت صورة امرأة جميلة لتغرر به وتخدعه، اراد أن يسلك بها بسيفه لكنها اطبقت أسنانها الحادة على رقبته فأسقطته عن فرسه يتخبط في دماءه، صرخ طلباً للنجدة لكنهما كانا وحيدين في تلك الصحراء القاحلة المترامية الأطراف فذهبت صرخاته ادراج الرياح بينما راحت السعلاة تتلذ بإمتصاص دمه.
أحبتنا المستمعين نرجو أن تكونوا قد استمتعم معنا عبر حكايتنا لهذا الأسبوع حول الرجل الأعرابي التعيس الحظ الذي شاءت الأقدار أن يكون ضحية للسعلاة التي تتجسد دوماً في صورة امرأة حسناء وتترصد للمسافرين بين الفلوات والأماكن المهجورة القفرة كي تفتك بهم وتلتذ بإمتصاص دمائهم بعد خدعهم والتغرير بهم. نعم أحبتي الأفاضل نتمنى من الله تعالى أن لاتلتقوا طوال حياتكم بالسعلاة او السعلوة كما يقال على امل أن نلتقيكم إن شاء الله عند حكاية اخرى في الأسبوع القادم نترككم في رعاية الله. استمعتم الى برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران كونوا في إنتظارنا عند حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي المتجدد حكايا وخفايا، الى اللقاء.