البث المباشر

حكاية البراهما والنمر وابن آوا

الإثنين 1 يوليو 2019 - 11:53 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم
أهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا واياكم عبر وقفة اخرى مع حكايا الشعوب وأقاصيصها وأساطيرها من خلال برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا راجين أن نوفر لكم أوقاتاً حافلة بالمتعة والفائدة.
أيها الأحبة حكايتنا لهذا الأسبوع من بلاد الهند وهي من نوع الحكايا ذات المغازي السلوكية والأخلاقية التي وردت على لسان الحيوانات وهو الأسلوب الذي تميل اليه القصص والحكايات الهندية وعنوان هذه الحكاية هو البراهما والنمر وابن آوا حيث تصور لنا كيف أن على الانسان أن يحذر من العدو الذي لايرحمه وإن هو عفا عنه أن ينجو من بطشه وفتكه وكيف ان على هذا الانسان أن يكون ذكياً وفطناً في تعامله مع هذا العدو وأن يسعى للخلاص من قبضته بلطائف الحيل وحسن التدبير وهو ماتتضمنه حكايتنا لهذا الأسبوع والتي ندعوكم اخوتنا المستمعين الى الاستماع الى تفاصيلها بعد الفاصل.
أيها الأخوة والأخوات يحكى أن البراهما مرّ ذات يوم بإحدى قرى الهند واذا به يرى على قارعة الطريق قفصاَ كبيراً من الخيزران وفي داخله نمر هائج كان الفلاحون قد اصطادوه بإحدى شراكهم، وما أن شاهد النمر البراهما حتى قال بصوت جريح: أيها الأخ البراهما افتح لي الباب وأتركني أخرج لأشرب الماء فأنا عطشان ولن يضعوا لي ماءاً في القفص!
فرد البراهما عليه: اذا فتحت لك الباب ياأخي النمر فإني أخشى أن تلتهمني كما تلتهم أغنام القطيع.
فقال النمر متوسلاً: آه أيها الأخ البراهما كيف فكرت بذلك؟ هل تعتقد أني قادر على هذه الفعلة المشينة؟ دعني اخرج لحظة واحدة لأخذ رشفة واحدة من الماء !
أشفق البراهما على النمر وفتح باب القفص وعندما احس النمر أنه صار طليقاً قفز على البراهما ليأكله.
وهنا صاح البراهما قائلاً: أيها الأخ النمر انتظر لقد وعدتني انك لن تلحق بي أي أذى، وما تفعله الآن ليس فعلاً نبيلاً ولاعادلاً!!
أجاب النمر ساخراً: هذا لايهمني فأنا سألتهمك لأن الأمر يبدو لي عادلاً ولي الحق بذلك.
إنهالت التوسلات من البراهما على النمر وأخيراً استطاع أن يقنعه بأنه ينتظر سماع رأي أول ثلاثة عابرين يصادفونهم في الطريق.
وكان أول من صادفوه الجاموس الذي كان متمدداً على قارعة الطريق فتوقف البراهما وقال له: أيها الأخ الجاموس هل يبدو لك من العدل والنبل أن يلتهمني النمر بعد أن أطلقت سراحه من قفص محكم الإغلاق؟
رفع الجاموس عينيه الحزينتين وقال ببطئ: عندما كنت فتياً وقوياً كان مالكي وسيدي يجبرني على أن أعمل بلا توقف والآن وقد تقدم بي العمر وخارت قواي فقد أهملني وتركني هنا لأموت من الجوع والعطش، إن البشر لجاحدون! فإذا أكل النمر البراهما سيكون ذلك عملاً عادلاً!
هنا قفز النمر هائجاً على البراهما الذي صرخ قائلاً: لا لا انتظر علينا أن نجد اثنين آخرين لنستشيرهما، لقد وعدتني بذلك!!
وبعد قليل شاهدا نسراً يطير على علو منخفض فوق الرؤوس فصرخ البراهما مخاطباً إياه: أيها الأخ النسر، قل لنا إن كان يبدو عدلاً أن يأكلني هذا النمر بعد أن حررته من سجن رعيب؟
أوقف النسر تحليقه للحظة وحطّ الى جانبهما وقال: إنني أمضي حياتي بين الغيوم ولاأوذي أحداً من البشر لكن بني البشر يطلقون عليّ السهام وعندما يصلون على عشي فإنهم يقتلون فراخي، اعتقد أن النمر سيقوم بعمل جيد إن أكلك.
قفز النمر على البراهما في حين صرخ البراهما: لالالا انتظر ياأخي النمر، إنها المرة الثانية التي نستشير فيها ولقد اتفقنا على أن نسأل ثلاثة عابرين وينقصنا واحد الآن!!
ومع أن النمر كان يزمجر لكنه واصل الطريق مع البراهما.
نعم مستمعينا وماهي إلا لحظات حتى ظهر ابن آوا وهو يمشي ويختال فرحاً، إقترب البراهما منه وقال له: أيها الأخ ابن آوا كيف يبدو هذا الأمر لك؟ هل ترى من العدل أن يلتهمني النمر بعد أن حررته من القفص؟
سأله ابن آوا وهو يتظاهر بعدم سماعه: ماذا تقول؟
أعاد البراهما سؤاله وبصوت مرتفع: هل تعتقد أنه من النبل والعدل أن يأكلني النمر مع انني شخصياً ساعدته بالخروج من قفص محكم الإغلاق وأنقذته من الموت؟؟
ماذا من قفص؟ ردد ابن آوا الكلام وكأنه لم يكن منتبهاً.
نعم نعم من قفص، أنا فتحت الباب له والان نريد أن نعرف ماهو رأيك؟؟
أجاب ابن آوا: آه تريدان معرفة رأيي؟ في هذه الحالة عليكما أن تقصا عليّ الحكاية كلها وبوضوح فأنا مشوش مرتبك ولاأفهم الأمور جيداً، هيا لنرى ماذا جرى.
بدأ البراهما الحديث: أنظر كنت ماشياً في الطريق عندما شاهدت النمر محبوساً في القفص عندما ناداني.
قاطعه ابن آوا قائلاً: اسمع اسمع اذا بدأت بحكاية طويلة فلن أفهم منك ولاكلمة واحدة، عليك أن تشرح لي بشكل أفضل، أي قفص تقصد؟
أجابنه البراهما: إنه قفص عادي، قفص مصنوع من قصب الخيزران !!
طيب لكن هذا لايكفي، فمن الأفضل أن أرى ذلك القفص وبذلك أفهم ما جرى بشكل أفضل!!
نعم مستمعينا الكرام مشى البراهما وابن آوا والنمر في الطريق حتى وصلوا الى المكان الذي ترك فيه القفص.
قال ابن آوا: الآن لنرى، اين كنت أنت يا أخي البراهما؟
هنا بالضبط في الطريق!
وأنت ياأخي النمر؟
أجاب النمر وهو غاضب ومستعد ليأكل الاثنين معاً: انا في داخل القفص!
آآه معذرة أيها النمر فأنا مشوش الأفكار ولاأقدر أن أفهم الأشياء بالضبط، دعني أرى كيف كنت في القفص وفي أي وضع كنت؟؟
قال النمر وهو يقفز داخل القفص مزمجراً: هكذا أيها المعتوه، في هذه الزاوية كنت ورأسي بهذا الاتجاه.
آه نعم نعم لقد بدأت أفهم ولكن لماذا لم تخرج من القفص؟
أجاب النمر وقد نفد صبره: أيها الغبي ألا ترى أن الباب كان مقفلاً؟
آه الباب كان مقفلاً؟ وكيف، كيف كان مقفلاً؟؟
قال البراهما وهو يغلق القفص: هكذا !
أضاف ابن آوا لكنني لاأرى قفلاً، لقد كان بمقدوره أن يخرج؟
هذا هو القفل، وأحكم البراهما إغلاقه!!
آه نعم يوجد قفل، أنني أرى قفلاً. قال ابن آوا ذلك وهو يسخر من النمر بعد أن اطمئن أنه في القفص، ثم إستدار بإتجاه البراهما قائلاً: الآن والقفص محكم الإغلاق بالقفل فإنني أنصحك أن تتركه كما كان، وأنت ياحضرت سيد النمر بإمكانك أن تبقى هادئاً فربما يمر أحد ما وقد يخاطر بإطلاق سراحك. هنا راح ابن آوا يختال بمشيته وهو يمضي في طريقه سعيداً فرحاً.
أيها الأحبة بهذا نصل واياكم الى ختام حلقتنا لهذا الأسبوع من برنامجكم حكايا وخفايا آملين أن تكون حكايتنا قد راقت لكم وحظيت بحسن إصغاءكم ومتابعتكم وحتى نلتقيكم في حلقة الأسبوع المقبل بإذن الله نتمنى لكم أطيب الأوقات وتقبلوا تحيات قسم الثقافة والأدب والفن في اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة