بسم الله الرحمن الرحيم اخواتنا المستمعين الأكارم تحياتنا الخالصة وأمنياتنا القلبية نبعثها لكم في هذا اللقاء الجديد الذي يسرنا أن يجمعنا بكم عند حكاية الشعوب وأساطيرها عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد حكايا وخفايا أملين أن نزودكم بكل ماهو طريف ومفيد وممتع حيث سنصل بكم في حلقة هذا الأسبوع الى القسم الثالث والأخير من الحكاية الهندية الاجتماعية تحت عنوان "عريس واحد وست بنات". لنرى كيف سينتهي الأمر بصاحبنا الضابط شاندور مع فتاة احلامه نور الفجر وهل سيحظى بها زوجة وشريكة في حياته بعد أن نالت اعجابه وراقت له صفاتها وأخلاقها؟ فلنتابع معاً تفاصيل ما تبقى من أحداث هذه الحكاية.
مستمعينا الكرام تسلل شاندور من القاعة وسار بخفة حتى بلغ غرفة مسدلة الستائر واذا بنور الفجر رائعة وديعة جالسة في هدوء تكتب على الورق. وقف فترة طويلة يتأملها وإنحنى أمامها معتذراً على جرأته في إقتحام عزلتها وقال لها بأدب: هل أستطيع أن أسمح لنفسي بسؤالك عما تكتبين؟
ترددت نور الفجر لحظات ثم أجابته ببساطة وخجل: كنت انظم قصيدة !
ولكن الفتاة رفضت في خجل أن تقرأها له غير أنه ألح عليها فإستحيت من الرفض وراحت تقرأ له ما كتبته.
قال لها معبراً عن إعجابه: ما أروع معانيها وما أرق ألفاظها!! إنها لتكاد تحكي رقة نفسك وتكشف الفرق بينك وبين شقيقاتك الأخريات.
أجابته نور الفجر: إن شقيقاتي جميعاً لطيفات رقيقات ولن تجد خير منهن زوجات. فقال لها: بل إن إختيار إحداهن لأمر شاق فما وجدت واحدة منهن خالية من العيوب!
فقالت نور الفجر: لقد فهمتك الآن فأنت صاحب مثل أعلى تريده في المرأة، إنك تريدها حائزة لجميع الصفات الحسنة وهذا ما لايمكن أن يتوفر في امرأة.
فوجأ شاندور وهو لم يكن يتصور أن تجيب امرأة بالرفض على عرضه. وشعرت الفتاة بالصدمة التي أصابته بها ولكنها قررت أن تواجهه بحقيقة رأيها فيه فقالت في شجاعة: إنك ياسيدي تظن نفسك مالك الرقاب فيكفي أن تزور أسرة لينحي اليك كل فرد فيها وأن تصدر أمرك فيتلهف الجميع الى إرضاءك، إنك مغرور ياسيد شاندور، ولم يشرف امرأة أن تقبلك زوجاً لأنك تستهين بالمرأة وتحتقرها !!
سكت شاندور وراحت مظاهر الإعجاب المختلطة بالدهشة تتضارب في أعماقه، وهنا قالت: إن سكوتك يعني أني صادقة ومع هذا انا لاأستطيع أن أنكر أنك نلت إعجابي وإنني اذا فكرت بقبولك زوجاً فإن لي شروط أنا ايضاً.
هتف شاندور مغضباً: شروط؟؟ لعلك تظنين نفسك خير النساء؟ لاياسيدتي إنك لمغرورة متكبرة تغالين في تكبير صفاتك.
ضرب شاندور الأرض بقدميه بغيظ ونهض من مكانه وغادر الدار حانقاً وقد أقسم أن لايتزوج على الاطلاق!!
في اليوم التالي إنطلق ماتهو ومعه شقيقاته الخمس الى الوزير وقد قررن أن ينتقمن من الضابط الذي رفض الزواج من احداهن ولم تكن نور الفجر قد ذهبت معهن فقد أبت أن تشترك في عمل لايرتاح له ضميرها او قولوا أنها كانت قد أحبت الفتى بالفعل.
وقف ماتهو يطلب من الوزير إنزال النقمة بشاندور. فما كان من الوزير إلا أن أرسل جنوده لإستدعاء الضابط بتهمة عدم دفع الضرائب. وعندما حضر كان الوزير جالساً في حجرة جانبية يدبر الأمر مع ماتهو في حين كانت الفتيات الخمس يجلسن مع أونا زوجة الوزير التي راحت تستمع الى وصفهن لشاندور في إعجاب حتى دخل الضابط القاعة فأحست قلبها يخفق بين جنبيها وتقدمت من الضابط وقالت له: لماذا ترفض دفع الضرائب أيها الضابط؟ ألا تعلم أن الضرائب تضمن حسن سير أمور الولاية؟
أجابها شاندور في تحدي: واذا كنت لاأرى شؤون الولاية تسير سيراً حسناً بل أراها تسير من سيء الى أسوء. وكان الوزير قد دخل في تلك اللحظة فأثاره رد الضابط وأصدر أمره في الحال بإحتجازه حتى يتم التحقيق وبينما هو في غرفة الحجز اذ أطل عليه من خارج الغرفة وجه كان يعرفه جيداً، إنه وجه نور الفجر!! التي لم يستطع أن ينساها منذ غادر دار أخيها حتى تلك اللحظة التي ظهرت له فيها وهو غارق في ظلمات السجن.
همست الفتاة: أيها الضابط، أسرع بالفرار. خذ هذه الأدوات لتكسر بها نافذة السجن فالمسائلة أدق وأخطر من كل ما يبدو لك، فهناك مؤامرة تدبر ضدك. فأهرب في الحال قبل أن يلصقوا بك تهمة التآمر ضد الحكومة.
قال شاندور: لن أهرب حتى أعرف سر الأمر بالقبض عليّ، ومع هذا فما سر إهتمامك بي؟
أجابت الفتاة: لقد شعرت بالخطر الذي يحيط بك ولايسعني إلا لأسرع اليك لأنقذك، فأنا أشعر بالميل اليك!!
في تلك اللحظة سمع وقع قدمي الوزير فإختفت نور الفجر في حين دخل الوزير واونا والفتيات ووقف الوزير يقرأ الحكم الذي أصدره على المتهم: لقد حكمنا عليك أيها الضابط بالحرمان من الحب لمدة عام كامل فإن خالفت القرار كان عقابك الموت، كما تعاقب بالموت ايضاً كل امرأة تشاركك الحب خلال هذه المدة!!
طربت الفتيات الخمس وصفقن شماتة في حين رنت اونا الى زوجها الوزير وهي تغمز بعينيها وملأ الذعر قلب شاندور.
وفي لحظة كان قد إرتمى على ماتهو متوسلاً وهو يهتف: أيها الحكيم أنني أطلب منك يد نور الفجر!
صعقت الفتيات بينما كانت نور الفجر تدخل من الباب وتحول الجميع اليها واذا بها تقف في جرأة معلنة أنها لن تتزوج سوى شاندور.
هزّ الفتى كتفيه وشعر بإرتياح كبير لإعتراف نور الفجر وقال: من أجل أن أكون جديراً بنور الفجر أقبل أن أظل عاماً كاملاً محروماً منها. عندما رأي الحكيم جرأة اخته وتصميم الضابط أمر إثنتين من أخواته بإقتياد نور الفجر الى البيت وحبسها هناك حتى لاتحاول الاتصال بالضابط السجين. وبينما كان الجميع يغادرون غرفة السجن تأخرت اونا لتهمس في أذن الضابط: إنك الآن تتحدى النساء ولكنك ستثوب الى رشدك بعد حرمان شهر كامل منهن وسترى أنك سترتمي تحت قدمي أنا!
ضحك شاندور في سخرية فقد أقسم أن يكون وفياً لنور الفجر مهما طال به الحرمان.
والحق أن شاندور كان قد أثبت وفاءه بالعهد رغم محاولات أونا خلال زياراتها له في السجن مثيراً بذلك قلوب كل الناس الذين راحوا يهاجمون الوزير لقسوة الحكم الذي أصدره على الفتى ويتهمونه بالسماح لأمرأته بالتدخل في شؤون الحكم. وإزدادت ثورة الرأي العام ضد الوزير حتى أضطر الرضوخ صوناً لكرامته وحفاظاً على مركزه. وإنطلق ماتهو الى شاندور في السجن وحينما دخل عليه تلقاه بين ذراعيه وقال له: إنني أهنئك على ثباتك ولاتظن أنني قصدت أن أسبب لك كل تلك المتاعب فإنما كنت أريد أن أختبر صدقك ووفاءك، وها انا ذا أقدم لك أختي نور الفجر لتكون زوجتك.
أجل مستمعينا الأكارم وفي اليوم نفسه تم زواج العروسين ومدت زهرة اللوتس يدها بنفسها فوق رأس أختها الصغرى تبارك زواجها وتتمنى لها التوفيق.
على أمل أن تكونوا مستمعينا الأكارم قد أمضيتم معنا أحلى الأوقات بين رياض الحكايا والأقاصيص تقبلوا منا أجمل المنى وأحلى التحيات راجين منكم التواصل معنا بملاحظاتكم وإقتراحاتكم عبر بريدنا الأكتروني adabfan۲۰۲۰@gmail.com شكراً لطيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.