بسم الله الرحمن الرحيم أخوتنا المستمعين الأكارم سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات. يسرنا أن نلتقيكم من جديد عبر برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا حيث نمضي معاً دقائق حافلة بالفائدة والإثارة والمتعة في رحاب عالم الحكايات والأساطير من مختلف بقاع العالم. ندعوكم أخوتنا المستمعين الى مرافقتنا.
أعزائي توقفنا في حلقة الأسبوع المنصرم عند نهاية القسم الأول من الأسطورة الهندية "المصباح المسحور" وها نحن نكمل معكم تفاصيل القسم الثاني والأخير من هذه الأسطورة الشيقة حيث تركنا أم الفتى الفقير وهي عازمة على خطبة إبنة الراجا الثري لولدها الوحيد وقد إعترتها حالة من الأمل واليأس خشية أن يرفض الراجا مصاهرة عائلتها الفقيرة المعدمة. فلنتابع أيها الأخوة والأخوات ما سيحدث.
إنطلقت الأم الى الراجا فوقفت ببابه وقالت له بإستحياء: إن ولدها يجب الأميرة ويسأله أن يأذن له بزواجها.
أجاب الراجا: لامانع لدي من أن تتزوج إبنتي ولكني لن أزوجها إلا لمن يستطيع أن يقدم لها من المال ما يزيد على ما أملكه أنا نفسي !
عادت الأم الى ولدها وأخبرته بما اجاب الراجا وإمتلأ الفتى حيرة وراح يقضي النهار والليل يفكر والعشق يكاد يقضي عليه، وبينما الفتى في عذابه إذ ذكر العفريت الذي كان يظهر له عندما يحك المصباح بخاتمه فأسرع اليه وحكه بخاتمه فإذا العفريت أمامه، وما إن طلب منه ما يريد حتى قدم له من المال أضعاف ما يملكه الراجا وحمل الفتى كنزه الى قصر الراجا الذي فتح عينيه دهشة ثم قبله خاطباً لإبنته وحدد موعداً قريباً لإتمام الزفاف.
إنقضى الموعد والحب يكاد يهلك الفتى، وبدا أن الراجا لايريد أن ينجز وعده، وعندما ذهبت اليه أم الفتى آخر الأمر تستنجزه الوعد حاول التهرب والتحلل مما وعد به فلما ضيقت عليه الخناق طلب أن يعد الفتى لإبنته قصراً لايقل عن قصره رونقاً وفخامة. وما كان من الفتى إلا أن أمسك المصباح من جديد وطلب من العفريت أن يبني الى جوار قصر الراجا قصراً يفوقه رونقاً، وما إن أسفر الصبح حتى كان العفريت قد إنتهى من تشييد قصر رائع بدا قصر الراجا الى جواره كوخاً ضئيلاً. وهكذا تزوج الفتى بفتاته وفي ذات يوم خرج في رحلة صيد وبينما هو على مسافة غير قصيرة من القصر ظهر امام الرتاج رجل كئيب الوجه عملاق، كان هو نفسه العم الشرير الذي حبس الغلام في ظلام السرداب.
فتحت الأميرة باب القصر للرجل الذي كان يحمل مصباحاً جديداً يتألق ويبرق وعرض الرجل على الأميرة المصباح الجديد متنازلاً عنه مقابل أي مصباح قديم تعثر عليه في القصر، فما كان منها إلا أن أعطت المصباح المسحور القديم للرجل!
أحييكم من جديد أيها الخوة والأخوات وأنتم تستمعون الى برنامج حكايا وخفايا من طهران. نعم اعزائي الأفاضل عندما إبتعد الرجل قليلاً عن القصر حكّ المصباح بخاتمه فظهر العفريت وإنحنى يقول له: مولاي أنا خادمك بين يديك، مر بما تريد أنفذه بالتو واللحظة. طلب الرجل من العفريت أن ينقل القصر والأميرة بداخله الى بلده عبر البحار. وعندما عاد الأمير من صيده راعه أن يجد لقصره أثراً فطفق ينادي على زوجته الحبيبة ولكن رجع الصدى وحده هو الذي كان يجيبه من بعيد. بالطبع لم يكن من الممكن للراجا أن بفهم شيئاص من ذلك السر المجهول، كل ما كان يبغيه أن تعود إبنته التي إختفت مع القصر فصرخ بالفتى وهو يهدد ويتوعد: سأمهلك أيها الفتى ثلاثة عشر يوماً فقط فإن لم ترد إليّ إبنتي خلالها قطعت رأسك قبل الصباح !
إنطلق الفتى يبحث بجنون وطفق يدور في كل مكان وجاء اليوم الثالث عشر وأيقن الفتى أن الغد سيحمل له الموت فإستسلم لقدره وصعد على قمة جبل لينام على الصخر ويريح جسده المنهوك وبينما هو نائم إذ إحتك خاتمه بالصخرة التي أسند اليها رأسه، وفي لحظة ظهرت جنية إيقظته وسألته عما يريد، صرخ الفتى: لقد فقدت زوجتي وقصري فدليني على مكانهما. وهنا تحولت الجنية الى نسر كبير طار به في الهواء وعندما بلغ بلد التاجر هبط النسر وترك الفتى امام باب القصر ثم إختفى، كأنما إبتلعته الأرض وبقدرة السحر حوّل الفتى نفسه الى هيئة كلب وإنطلق في حديقة القصر حيث كانت الأميرة جالسة في ذهول، عندما رأته نظرت في اعماق عينيه وأدركت أنه زوجها الحبيب فراحت تحدثه عن التاجر الذي خطفها. وعندما سألها الفتى عن المصباح قالت له: إن التاجر لايتركه في القصر أبداً بل يحمله في سلسلة تحيط بعنقه حتى لايخطفه منه أحد.
سألها زوجها: وما الذي يمكن أن نصنعه الآن؟
أجابته الزوجة الوفية: إن الشر لايقضي عليه سوى الشر فدعني أدس له السم في طعامه هذا المساء.
فلما عاد التاجر من عمله أمر بعشاءه فأعد له، ولما إنتهى منه احس آلاماً مبرحة قاتلة ولم يكد يدرك سرها حتى سقط على الأرض ميتاً وعاد الكلب الى صورته الأولى ومدّ الفتى يده وخلع المصباح من السلسلة التي تحيط بعنق التاجر وسأل العفريت أن يعيد القصر وهما فيه الى مكانه الأول بجوار قصر الراجا، حمل العفريت القصر فوضعه في مكانه القديم ولكنه قبل أن يختفي أقسم أن لايعود أبداً فما عاد بإمكانه حمل القصور!
وهكذا تنتهي أسطورتنا لهذا الأسبوع هذه النهاية السعيدة الي إجتمع فيها شمل الأحبة وقضي فيها على الشر وبلغ كل واحد مناه. نرجو أن تكونوا قد إستمتعتم معنا بهذه الحكاية التي نقلناها لكم من بلاد الهند الحافلة بالقصص والأساطير حيث الأسرار الغامضة وحيث الخيال يمتزج بالحقيقة لينتج لنا حكايا حافلة بالخفايا وعلى أمل تجديد اللقاء بكم في الأسبوع المقبل بإذن الله عند حكاية اخرى نترككم في رعاية الخالق والى الملتقى.