بسم الله الرحمن الرحيم احبتنا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم وأهلاً بكم مستمعينا الكرام ها نحن ذا نلتقيكم مرة اخرى حيث نحط رحالنا عند أراضي اخرى من بقاع الأرض وأصقاعها لنتعرف على ما جادت به مخيلة سكان هذه الأرض، حيث لاتزال رحالنا هذه مستقرة بين غابات القارة السوداء وأحراشها بما تعج به من حكايا وأسرار وأساطير صاغتها هذه المخيلة عبرالعصور، ندعوكم الى مرافقتنا.
أخوتنا المستمعين سنعيش في حلقة هذا الأسبوع مع حكايا وخفايا أجواء القسم الثالث والأخير من الأسطورة الأفريقية الفرس العجوز حيث نتابع معاً ماستفعله الأميرة فاطيما وهي تعاني الأمرين من كيد الساحرة العجوز صوما التي اكتشفت هويتها الحقيقية وراحت تحوك لها المؤامرات من اجل الإيقاع بها. فقد حل يوم آخر وكانت صوما قد إنطلقت الى الملك ليلاً وراحت تنصحه بأن يزيد من اعباء الفتى ويعوده على الأعمال الشاقة ليصبح رجلاً قوياً. ومع ذلك فقد إحتملت الفتاة كل المتاعب وإن كان امرها يفتضح في عدة مرات، ومر ذلك اليوم ايضاً وأسرعت فطيما عندما أذن لها الملك ودخلت غرفتها وأغلقت الباب من خلفها ولم تكد تستند في راحة ورضى حتى وجدت العجوز تتوسط الغرفة فغمرها رعب هائل وبدأت العجوز تتكلم: لقد جئت لأهنئك فقد إستطعت أن أقنع الملك بأن يزوجك كبرى بناته ويجعل لك ولاية العهد!
بهتت الأميرة وغمغمت في ذهول: ولكني...
قاطعتها العجوز بإبتسامة ساخرة ماكرة وهي تقول: أراك لاتشكرني أيها الأمير العزيز بل تنظر اليّ وكأني رسول الشيطان؟؟ أهكذا تقابل من يحمل اليك خبر المصاهرة التي تعتبر هدية رائعة لمثلك؟ لقد أردت أن اخدمك لأني أشعر نحوك بحب الأم وعليك أن تعتبرني أماً لك أيها الأمير، فلا تنادي إلا بكلمة الأم!
وماإن تركت صوما الأميرة حتى إنكبت هذه تبكي وقد فقدت كل قدرة على التفكير والادراك. وهنا سمعت الفتاة صوت النملة وهي تحدثها قائلة: لاتنزعجي فلا يزال امامنا الوقت فنامي الآن في هدوء وثقي بي وبأصدقائي الذين يعملون من اجلك.
مستمعينا الأفاضل وجاء الغد يحمل امراً من الملك للأمير بالمثول بين يديه وعندما وقف الأمير أمام الملك مدّ يده اليه ليبارك له وينبأه بإختباره ولياً للعهد وزوجاً لكبرى بناته. وإقتربت العجوز صوما وأخذت بيد الأمير تقوده الى حيث العروس. وأطلت فطيما امامها، لقد كانت العروس قزماً حدباء لاتختلف في شيء عن عمتها العجوز حتى في سواد النفس وإنطلقت العجوز في قهقهة قوية صاخبة واخذت العروس تضحك هي ايضاً في سرور وفرح. وفجأة صرخت العروس روميرا وسقطت على الأرض وبادر اليها الأطباء والسحرة لإنقاذها ولكن بغير طائل فقد ماتت روميرا مخنوقة!
وقال بعض من كان في القاعة إنهم رأوا نملة تخرج من فمها ووقعت على الأرض منسلة الى حيث لايعلمون، في حين قال الأطباء إن روميرا ماتت من شدة الفرح. وهنا زفرت فاطيما زفرة الخلاص غير أن صوما إنطلقت الى الملك عندما لمحت بريق الفرح في عيني الأمير وهمست اليه قائلة: أيها الملك إن هذه إرادة الإله فلاتحزن ولاينسينك حزن الساعة عزمك على أن يكون صديقك الأمير ولياً لعهدك فلننتهز هذه الفرصة ونحتفل بزواجه من ابنتك الثانية روهارا.
أحست فطيما كأنه الطوفان وبدت كمحكوم عليه بالموت يسمع قرار إعدامه وإنتبهت خلال رعبها الى صوت النملة تهمس اليها أن تتسلل قرب الباب فراحت تحرك خطواتها الى الخلف في بطئ شديد. وسكتت صوما فجأة ورفعت سبابتها تأمر بالصمت وراحت تصغي الى ضجة خفية احدثتها أصوات كأنها مناشير دقيقة تقرض شيئاً ما، وإستمرت فطيما تتراجع ناحية الباب في بطئ شديد غير أنها إضطرت الى التوقف حين صرخ الملك وهو ينهض من مكانه ويهتف: إنه صوت إعصار! وقال آخر من الحاضرين: إنه الإله يريد شق الأرض! وهتف ثالث: إنه الإله وندي يقتلع جميع الغابات من الناحية المقابلة للبحرالعظيم! وفجاة صرخت صوما: أوقفوا الشيطانة...أوقفوها...
نحييكم من جديد أيها الأخوة والأخوات وانتم تتابعون برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
أعزائي اخذت صوما تجري وهي تمد يديها المعقومة لتمسك بفطيما التي كانت في تلك اللحظة تخطو الخطوة الأخيرة لإجتياز باب القاعة وفي هذه اللحظة نفسها صرخ الملك برعب كما صرخ كل الحاضرين في القاعة فقد كانت القاعة كلها تنهار بالجميع ورغم ذلك وثبت فطيما الى الخارج وراحت تجري في قوة وعنف والنملة تهديها الى أسرع الطرق وأقصرها وتجتاز بها الحفر والتلال والقنوات. وحينما ظنت فطيما انها قد نجحت في الهروب وكادت تقف لاهثة سمعت من وراءها صوتاً ساخراً يضحك ويقهقه، لقد كان صوت صوما التي إجتازت الباب قبل أن ينهار البلاط كله على من فيه اذ كان النمل قد قرض الأعمدة القاعة في الوقت المناسب ليتيح للأميرة الهروب. وكانت فطيما قد فقدت كل مابيها من قوة وبدأت تنهار ولم يعد بإمكانها الجري غير أن النملة راحت تشجعها وتهتف في أذنها أنه لم يعد سوى خطوات لتصل الى الفرس وتركبها وتطير. وعادت فطيما تستجمع ما بها من قوة لتجري حتى بلغت آخر الأمر مربط الفرس فقفزت فوقها وأمسكت بعرفها وإستوت على سرجها في أمل ممزوج بالخوف. ومع ذلك فقد كان صوما العجوز تركض وراءها ويداها المعقوفتان مبسوطتان الى الأمام وصاحت بصوت حاد: أيتها الشياطين اوقفي هذا الولد القاسي الهارب من امه!
وهنا قالت فطيما وهي تهذي ذعراً: أمي أمي اقتليها أيتها النمل، أقتلي امي
ولم تكد فطيما تنتهي من كلماتها المذعورة حتى لمحت جسد العجوز يتساقط وينهار أرضاً ومن حوله ملايين النمل تقرضه وتنهشه وبدأ الجسد يتلاشى شيئاً فشيئاً حتى إختفى. وفي تلك اللحظة نفسها وجدت الفرس قوائمها ترتفع عن الأرض وبدأت تطير محلقة في الهواء ولم يدر أحد كم من الزمان ظلت تطير غير أن الناس في مملكة الغرب ظلوا يتحدثون عن فطيما إبنة الملك التي رفعت الى السماء ثم عادت بعد أيام على ظهر فرس عجوز.
أيها الأخوة والأخوات من طهران إستمعتم الى حلقة اخرى من برنامج حكايا وخفايا، نشكركم على حسن المتابعة إنتظرونا في حلقة الأسبوع المقبل عند أسطورة اخرى من أساطير الشعوب إن شاء الله، الى اللقاء.