بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم وأهلاً بكم ها نحن ذا نلتقيكم مرة اخرى أيها الأحبة على المحبة والود عبر برنامجكم حكايا وخفايا حيث عالم القصص والأساطير الحافل بالإثارة والغموض المحبب الى النفوس وحيث التشويق والمتعة التي لاتخلومن الفائدة والدروس والعبر التي حاول الانسان من خلالها تصحيح مسيرته في الحياة والتوصل الى فهم أفضل لما يجري من حوله. ندعوكم إخوتنا المستمعين لأن تكونوا برفقتنا في تجوالنا لهذا الأسبوع.
أعزائنا سنواصل تطوافنا في حلقتنا لهذا الأسبوع كما وعدناكم في رحاب القسم الثاني والأخير من الأسطورة الأفريقية مزرعة الشيطان التي تصور لنا مدى السذاجة التي قد يبلغها بعض الأشخاص حينما يتخلون عن القدرات التي حباهم بها الله عزوجل والتي يمكنهم من خلالها تأمين حياتهم والصعوبات التي تقف امامهم في مسيرتهم في هذه الحياة وإعتمادهم بدلاً من ذلك على الطرق المستوية السهلة والرخيصة التي تكلفهم في النهاية تدمير حياتهم وحياة من حولهم عبر الإستكانة واللصوق بالقوى التي لاتريد بهم خيراً والتي تحاول دوماً الإيقاع بهم ليعظوا في النهاية أصابع الندم على مافرطوا بحق أنفسهم فلنتابع أيها الأحبة القسم الأخير من هذه الأسطورة المعبرة.
مستمعينا الكرام تركنا الفلاح الساذج سابونيومه وقد عاد من حقله مسرعاً الى البيت والأرض لاتكاد تسعه بعد أن غمر الفرح والسرور كيانه لإكتشافه تلك الطريقة السهلة والسريعة في بلوغ الثراء وما أن حلّ الصباح حتى إنطلق من بيته وقد إزدحمت الأماني والآمال في رأسه متوجاً نحو الحقل ليراه وقد تم حرثه كله وإزداد فرحاً وايماناً بالأصدقاء الذين يصنعون له كل شيء ولم يكد يشرع في جمع الحشائش التي ملئت الأرض ويكدسها ليحرقها حتى تكاثرت الأكداس وتجمعت الحشائش لوحدها من كل مكان في بضع لحظات وإشتعلت النيران فيها قوية متأججة. حدث سابونيومه نفسه قائلاً: لم يعد أمامي الآن إلا تمهيد الأرض وإستئصال الأعشاب لنلقي بعدها بذور الزرع وإنحنى سابونيومه ليستأصل العشب واذا بقية العشب يقتلع من كل مكان ويلقى به خارج الحقل الكبير وإمتلأ قلب سابونيومه فرحاً فهو لايكاد يكلف نفسه سوى بدأ العمل حتى يقلده الجميع فينتهي في لحظات.
عاد سابونيومه الى بيته وقد أصرّ على إخفاء السر حتى عن امرأته وشاهدت المرأة فرحته فسألته غير أن الرجل لم يحر جواباً ولم يذكر لها من امر الحقل شيئاً وإن كان طمئنها بأن ثراءً كبيراً في إنتظارهما. وعندما حلّ الصباح عاد الى الأرض وقد حمل فوق كتفه كيس ذرة وإن مدّ يده لينثر البذور حتى إنطلقت الحبات وكأن ملايين الأكف تحملها وتنثرها كالرذاذ في كل ثلمة من الأرض وغمرت الفرحة قلب سابونيومه وصفق للزراع الصغار وفي الحال إقتدى به ألجينارو وأصدقاءه ودوى تصفيقهم في كل أرجاء الحقل الفسيح. وانقضت عشرة أيام وفي ذات صباح قال سابونيومه لأمرأته: تعالي معي الآن لأريك شيئاً يقنعك اني كنت على حق حين بشرتك بالثراء الكبير.
إنطلقت المرأة مع زوجها حتى توقفا عند حقل ألجينارو وكانت البذورقد بدأت تبزغ من الأرض زرعاً صغيراً ناشراً أوراقه الجميلة الخضراء وهتفت المرأة قائلة: ما هذا ياسابونيومه؟
فأجابها: هو عملي وعمل أصدقائي.
فقالت له: أي الأصدقاء تعني؟
وراح سابونيومه يقص على امرأته القصة كلها وعندما بدأ له وكأنها غير مقتنعة دعا اليه ألجينارو وطلب منه أن يطمأنها بصوته الرقيق ولكن المرأة صرخت وإنطلقت تجري في رعب حتى بلغت القرية وهي لاتزال تصرخ وتسد أذنيها وحينما احاط بها الجيران يسألونها عن سر رعبها راحت تقص عليهم الأمر وكيف أصبح زوجها صديقاً للشياطين.
أيها الأخوة والأخوات نحييكم من جديد مازلتم تستمعون الى برنامج حكايا وخفايا يأتيكم من طهران.
مستمعينا الأفاضل في ذات يوم سقط سابونيومه في داره طريح الحمى فراح يصرخ ويبكي وقد أدرك أن الطيور ستنقض على الحقل بينما الذرة تقترب من وقت الحصاد فلاتجد من يبعدها وكانت امرأته تصغي اليه وهو ينتحب وتمتلأ ألماً ووجدت نفسها تنهض الى زوجها وتقول له: كفّ عن البكاء الآن، سأذهب بنفسي الى الحقل وأبعد الطيور عن زرعك حتى تشفى.
اجابها سابونيومه وقد غمره السرور: إنك لن تلقي كبير عناء هناك فحين يراك الجينارو وأصدقاءه ترجمين الطيور بالحجارة والطوب سيقلدونك هم ايضاً ويقومون بالعمل خير قيام.
إنطلقت المرأة الى حقل ألجينارو فوجدت الطيور وهي تنقض على الزرع حتى لتكاد تقضي عليه وإنحنت امرأة سابونيومه وتناولت قبضة من الحصا قذفت بها الطيور ولم تكد تفعل ذلك حتى وجدت الحصا يرتفع من كل مكان وتقذفه أيادي خفية على الطيور فتنطلق هاربة بعيداً.
نعم مستمعينا وظلت غارات الطيور تتوالى ويتوالى معها قذف الحجار والحصا لإبعادها عن الحقل وراحت المرأة تتطلع الى ذلك المشهد الغريب وقد ملئها الإطمئنان وإنقضت ساعتان كانت الطيور خلالهما قد توقفت عن الإغارة على الحقل وأحست المرأة عطشاً وجوعاً جعلها تفكر في قطع احدى سيقان الذرة تمتص لبابها وتستعيد بعض قواها ومدت المرأة يدها وكسرت ساقاً وقربته من شفتيها ولم تكد تفعل ذلك حتى تكسرت كل أعواد الذرة التي تملأ الحقل وكان منجلاً جباراً قطعها بضربة قوية واحدة وصرخت المرأة وهي ترى الحقل قد تحول الى أكوام من أعواد الذرة المقطوعة بينما كان سابونيومه في طريقه الى الحقل بعد أن زالت الحمى عنه. وقف سابونيومه يطل بذهول الى زرعه الذي تحول الى أكوام من الحطب وصرخ في امرأته: ما الذي حدث ياامرأة؟
ركعت الزوجة المسكينة أمام زوجها وهي تبكي قائلة: لقد صنعت كل ما بوسعي لأحمي الذرة من الطيور ولكن لاأدري كيف سقطت السيقان كلها من تلقاء نفسها، لاشك أنه من عمل الشيطان، وزمجر سابونيومه صارخاً: بل انت الشيطان أيتها الملعونة. أهكذا تبددين في يوم واحد كل الثروة التي بذلت من اجلها جهدي وعرقي؟ أيتها المرأة الشقية ماذا فعلت لتجلبي عليّ كل هذا الخراب؟ تكلمي كيف حدث هذا وإلا طردتك في الحال من البيت ومن القرية.
نعم مستمعينا الأفاضل وفي تلك اللحظة سمع سابونيومه صوت ألجينارو يقول: تشجع ياصديقي فنحن هنا لنساعدك في أي عمل تقوم به ولاتكلف نفسك عناء ضرب امرأتك لأننا سنقلدك ونقوم عنك بهذه المهمة، ألا تسمع صياحها، هيا اضربوها وساعدوا صديقنا. وراح جسد المرأة يدور في كل الجهات وصفعات قوية تنقض على وجهها من أيد خفية لاتبين حتى إنطرحت على الأرض تصرخ وهي تدفع عن نفسها وابل الصفعات الرهيبة الهائلة وإنطلقت المرأة تجري في طريق القرية وإنتبه سابونيومه على صوت ألجينارو وهو يقول: إنها على صواب وهي لم تقطع سوى ساق واحدة من الذرة فتمتم سابونيومه الذي بدأت الحقيقة تتكشف امامه قائلاً: ولكن هذه السيقان الأخرى لماذا كسرت؟
أجاب ألجينارو بعجب: لقد قمنا نحن بذلك وأوكد لك أن هذا العمل لم يستغرق وقتاً طويلاً.
صاح سابونيومه: الويل لي إنني لأشقى كل الرجال في أمسالة، لقد صدق السحرة والشيوخ حين قالوا إن هذا الحقل ملعون وملاعين هم الذين يقربونه وإستمر سابونيومه يصرخ ويكاد يغمى عليه بشدة غيظه وراح يضرب رأسه ويقتلع شعره وإرتفع صوت ألجينارو: أسرعوا أيها الأصدقاء هيا ساعدوه معي على ضرب رأسه وإقتلاع ما بقي من شعره الغزير. وراح سابونيومه يصرخ ويجري حتى تجاوز حدود الأرض وعندئذ ملئت الجو ضحكات وقهقهات عاليات قوية رنانة تجاوبت معها صرخات كل الشياطين وحتى اليوم لايزال الناس في قرية أمسالة يشيرون الى منزل الأقرع الملعون. وأما أرض ألجينارو فما تزال جرداء شاسعة تغطيها اعواد حطب قديم.
بهذا نصل بكم إخوتنا المستمعين الى ختام جولتنا لهذا الأسبوع في دنيا الحكايا والأساطير ضمن برنامج حكايا وخفايا قدمناه لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. حتى نلتقيكم في حلقة الأسبوع المقبل نترككم في رعاية الله عزوجل والى اللقاء.