البث المباشر

أسطورة أوربا وقدموس ۲

الأحد 30 يونيو 2019 - 14:17 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم أعزاءنا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم وأهلاً بكم نرحب بكم كل الترحيب أعزائي المستمعين ونحن نقف معكم وقفة اخرى في عالم الحكايا والأساطير عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد حكايا وخفايا فندعوكم للمتابعة.
أعزاءنا الكرام تابعونا في حلقة هذا الأسبوع في القسم الثاني من أسطورة قدموس وأوربا حيث تركنا الفتاة اوربا وقد وقعت في فخ جوبيتر الذي قد كان حوّل نفسه الى ثور ابيض لتركبه ويطلق ساقيه للريح منطلقاً بها نحو المجهول. كانت اوربا فتاة لعوباً فقفزت على ظهر جوبيتر الثور ليمشي بها متمهلاً ويترك اليابسة خطوة خطوة وهي تلتفت الى رفيقاتها مزهوة ضاحكة حتى غمرت المياه قوائمه وسبح مبتعداً الى لجة البحر فإرتعشت اوربا رعشة الذعر وتلفتت نحو الشاطئ البعيد وكانت الريح تعبث بثوبها الأرجواني الهفاف فخشيت أن تسقط بين أمواج اليم فأمسكت بيمناها أحد قرنيه وإستلبت بيسراها الى ردفه وحاولت أن تدريه نحو الشاطئ ليعود بها ولكن هيهات.
ولما غاب الشاطئ عن ناظريها دبّ الرعب في قلبها وصاحت تستغيث جوبيتر واذا به يخلع عنه ثوب الثور ويبدو في ثوب من النور وهو يقول: ها انا ذا من تدعين فلبيك. لاتخافي ولكن آتيه جمالاً ودلالاً. أليس من العزة والسؤدد أن تلتقي رب الأولمب وتجعليه مطية لك؟ ثم حملها الى جزيرة كؤيت وتزوجها تحت شجرة الدلب فتخلدت عليها أوراقها منذ ذلك اليوم فهي لاتيبس ولاتسقط قط. ووقفت عذارى صور مأخوذات دهشة ورعباً حينما رأين الثور الأبيض يحمل اوربا ويسير بها في البحر فلبثن متوقعات أن يعود بها حتى هبط الظلام وهبت أنسام الليل الباردة فعدن الى بيوتهن يكتمن حزنهن خشية من الملك الذي كان شديد التعلق بإبنته.
نعم أخوتنا المستمعين سكن الليل وإظلم دون أن تعود اوربا الى قصر أبيها فضج القصر وريعت نساءه ورفعن الصوت معولات باكيات فسمع الملك صيحاتهن وأقبل مبغوتاً يتلقى الخبر ولما علم بغيبة إبنته صعق وإن إنتبه الى نفسه حتى بادر بإرسال العبيد والإماء يجوسون بمشاعرهم شاطئ البحر وأنحاء المدينة لعل برون لها أثراً او يعرفون خبراً. وكان قدموس يعرف أتراب أخته وكثيراً ما كان يغازلهن ويلاطفهن فأسرع اليهن يستطلعهن أمرها فأخبرنه بما كان من أمر الثور الأبيض ولم تكن حيل جوبيتر في خطف الإنسيات بخافية على أحد فأدرك قدموس سرّ فقدان أخته وعاد الى أبيه بالخبر اليقين وبعد بحث طويل لقي قدموس شقيقته وكانت قد تزوجت من الإله جوبيتر وأنجبت منه ثلاثة بنين أصبحوا فيما بعد من كبار الفاتحين. وحينما أبحر قدموس الى جزيرة رودس باحثاً عن أخته اوربا بنا هناك هيكلاً على اسم الإله بوصيدون ثم تابع مسيرته نحو بلاد اليونان للبحث عن أخته التي أمره والده أن لايعود من دونها وعبثاً سعى الى تحقيق رغبة أبيه حتى إستعان بالعرافة دلفي فنصحته أن يتخلى عن تلك المهمة الشائكة وأن يتبع بقرة على خاصرتها صورة هلال وطلبت منه أن يقيم حيث ترقد البقرة فنفذ الأمر وتبع البقرة حتى تعبت ورقدت وأقام هناك مدينة طيبة وحين أراد أن يقدم البقرة قرباناً للآلهة إكتشف أن النبع الذي يجب أن يحمل منه ماء القربان يحميه تنين هائل فقتله وأمرته الإلهة أثينا أن يبذر أسنان التنين ففعل ونشأ منها مسلحون تقاتلوا فيما بينهم ماعدا خمسة أفراد منهم أعانوه على إنشاء المدينة وأصبحوا أسلاف اهلها. وتزوج قدموس هارمونيا بنت أريس وحكم طيبة بالعدل والحكمة وعلم أهلها الأبجدية الفينيقية.
نعم أحبائي الكرام علم قدموس اليونان الحروف الأبجدية الكتابية فإنتقل فيما بعد من بلاد اليونان الى اوربا التي اطلق عليها إسم شقيقته اوربا التي تعني الغرب وهذا ما يفسر كون اللغات الأوربية اللاتينية والجرمانية، السكسونية نعود بجذورها الى الحروف الأبجدية الفينيقية التي دعاها اليونان فينيقية غرامات او القواعد الفينيقية. يقول المؤرخ اليوناني هيرودتس في الكتاب الخامس من تاريخه: والآن نذكر الفينيقيين الذين جاؤوا مع قدموس فقد أدخلوا معهم الى اليونان صناعات كثيرة منوعة منها صناعة الكتابة التي كان يجهلها اليونان قبل ذلك فنقلوا حروفهم اولاً على مثال الحروف الفينيقية مع تعديل قليل في رسم بعضها ومازالوا حتى الآن يسمونها بالفينيقية. ويشير هيرودتس الى أنه شاهد بنفسه كتابة بالحروف القدموسية محفورة على بعض القوائم المثلثة في معبد أبولون إسبيناس وعلى احدها هذه العبارة "شيدني أمختريونة في عهد قدموس". ويضيف هيرودتس أن قدموس لم يكتفي بتعليم الأبجدية بل بنا المدن مثل إسبارطا وطيبة وكورنيثياو إكراماً لهارمونيا الصبية الجميلة التي أحبها وتزوجها.
وبهذا نأتي الى ختام حلقتنا لهذا الأسبوع من الحكايا والخفايا والتي إستمعتم اليها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران آملين أن تكونوا قد قضيتم معنا دقائق حافلة بالمتعة والخيال مع سحر الأساطير وغموضها المحبب الى النفوس. حتى نلتقيكم في حلقة الأسبوع المقبل عند حكايا جديدة وخفايا اخرى تقبلوا تحياتنا والى الملتقى.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة