بسم الله الرحمن الرحيم أعزاءنا الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم واهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا معكم عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد حكايا وخفايا والذي خصصناه لإستعراض أساطير الشعوب في كل زمان ومكان ودلالاتها ومعانيها الإنسانية التي عبر الإنسان من خلالها عن امانيه وتطلعاته ومخاوفه وهواجسه. نرجو أن تقضوا معنا اوقاتاً طيبة في حلقة هذا الأسبوع، ندعوكم للمتابعة.
أحبتي المستمعين من بين الأساطير والرموز الأخرى التي عبّر الإنسان من خلالها عن تطلعه الى الخلود من خلال الإنبعاث من جديد والنهوض من بين رماد الموت أسطورة مايُعرف بطائر العنقاء او طائر النار فهناك بعيداً في بلاد الشرق الساحرة السعيدة تُفتح بوابة السماء الضخمة لتسكب الشمس نورها من خلالها وفي خلف البوابة تنتصب شجرة دائمة الخضرة حيث الجمال وحيث لاوجود للأمراض والشيخوخة والموت والأعمال الطالحة وحيث لاخوف ولاحزن. في هذا الموضع لايسكن سوى طائر واحد، إنه العنقاء ذو المنقار الطويل المستقيم والرأس الذي تزينه ريشتان ممتدتان الى الخلف حيث تستيقظ العنقاء لتردد أغنية بصوت رائع.
وبعد ألف عام أرادت العنقاء أن تولد ثانية فتركت موطنها وإتجهت صوب هذا العالم لتحط في بلاد الشام وإختارت نخلة شاهقة العلو تناطح عنان السماء وصنعت لنفسها عشاً. ثم تروي لنا الأسطورة أن العنقاء مصيرها أن تموت في النار ومن رمادها يخرج مخلوق جديد هو عبارة عن دودة لها لون كاللبن تتحول الى شرنقة ومن هذه الشرنقة تخرج عنقاء جديدة تطير عادة الى موطنها الأصيل وتحمل كل بقايا جسدها القديم الى مذبح الشمس حيث مدينة الشمس في مصر فيحيي شعب مصر هذا الطائر العجيب قبل أن يعود الى بلده في الشرق.
مستمعينا الأكارم تلك كانت أسطورة العنقاء كما ذكرها اليونانيون مع إختلاف في التفاصيل وعلى سبيل المثال فقد أخذ قدامى المصريين الأسطورة عنهم وسمّوا الطائر بإسم مدينة الشمس او هيليوبوليس وذكروه في أحد أناشيدهم الدينية قائلين: المجد له في الهيكل عندما ينهض من بيت النار، الكل يحب أريجه عندما يقترب من بلاد العرب، هو رب الندى عندما يأتي من الشرق، ها هو يدنو بجماله المضيء اللامع من فينيقيا.
نعم اعزائي المستمعين وأشارت بعض الروايات الى البلد السعيد في الشرق على أنه في الجزيرة العربية واليمن بالتحديد وأن عمر الطائر خمسمئة عام حيث يعيش سعيداً الى أن يحين وقت التغيير والتجديد وحينها يعود طائر النار او العنقاء مباشرة الى معبد الشمس رافعاً جناحيه الى الأعلى ثم يصفق بهما تصفيقاً عنيفاً وما هي لمحة حتى يلتهب الجناحان فيبدوان وكأنهما مروحتان من النار ومن وسط الرماد الذي يتخلّف يخرج طائر جديد فائق الشبه بالقديم ليعود من فوره الى موطنه الأصلي في الشرق البعيد.
إخوتنا المستمعين في كل مكان وتحدثت الأساطير الإيرانية القديمة عن طائر يشبه العنقاء في حجمه وأوصافه وإسمه بالفارسية عنقا ويصوره الإيرانيون القدامى طائراً ضخماً الى درجة يستطيع حمل فيل او حوت والطيران بهما وصوّروه احياناً بصورة طاووس له رأس كلب ومخالب أسد كما تخيلوه بشكل طاووس له وجه إنسان ووصفوه بأنه طائر مؤنث مُحب للخير وبينه وبين الثعابين عداء شديد يعيش في أرض غنية بالمياه الوفيرة ولون ريشه يشبه لون النحاس. وربما كانت أسطورة العنقاء العربية الكلاسيكية هي الأشهر من بين كل الحضارات التي ذكرت هذا الطائر فقد وصف بأنه طائر بديع الجمال بلون قرمزي أخّاذ وريش ذهبي وذو غناء عذب ساحر، يسكن قرب الينابيع الباردة ويطير كل فجر الى أعالي السماء وينشد بصوت ساحر الى درجة أن أبولو إله الشمس عند الرومان كان يقف ليستمع الى غناءه الجميل وتقول هذه الأسطورة: إن هذا الطائر عندما تقترب ساعة موته يعتمد صنع عشه من أغصان أشجار التوابل ثم يضرم النار في العش حيث يحترق في لهيبها وبعد مرور فترة على الإحتراق يظهر من رماده طائر عنقاء جديد.
أعزاءنا المستمعين نرجو أن تكونوا قد قضيتم معنا اوقاتاً طيبة في حلقة هذا الأسبوع من حكايا الشعوب وخفاياها على امل اللقاء بكم في حكايا وخفايا أخرى من اذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران نستودعكم العلي القدير وتقبلوا اجمل الأماني وأطيب التحايا. شكراً لكم والى اللقاء.