البث المباشر

الحديث الثقلين دلالة مباشرة على استمرار وجود اوصياء للنبي الخاتم صلى الله عليه واله الى اليوم القيامة

الثلاثاء 18 يونيو 2019 - 14:25 بتوقيت طهران

الحمد لله الجواد الواسع، الذي فطر أجناس البدائع، وأنزلَ المنافع، والكتاب الجامع، بالنور الساطع، وأزكي الصلاة والسّلام علي النبيِّ المبعوث بأسمي الشرائع، وعلي آله الأمناءِ حملةِ الودائع.
إنّ الناس لا يطمئنّون إلي حاكميهم حتي يعلموا أنّ لهم شريعةً أو منهاجاً معيّناً في حاكميّتهم، علي ضوئه يقيمون العدل، ويقضون بالحقّ، ويدفعون الظلم والباطل والعدوان، ويضمنون للرعيّةِ الحياةَ الآمنةََ والعيشَ الكريم. ولم تثق الأجيالُ - علي مدي عُمر الإنسانيّة التي عاشت علي وجه البسيطة- إلي دستورٍ أو لائمةٍ تشريعيّة كما اطمأنّت إلي الشرائع الدينيّة، تلك الشرائع التي جاء بها الأنبياء، تبليغاً من الله جلّت عظمتُه، وثبّتها الأوصياء، بياناً وتطبيقاً، حتي وثق الناسُ بها لأنّها من الله تبارك وتعالي، والله عزّوجلّ هو الأعلمُ بمصالح الناس ومنافعهم، وأعلمُ بما يضرُّهم ويُهلكهم، وهو الرؤوفُ أرحمُ بهم من أنفسهم، وأدري بهم من ذاتهم بذاتهم، وهو القائل عزّ من قائل: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»(سورة ق، ۱٦).
فلمّا كان العلمُ الإلهيّ، والرحمةُ الربّانيّة، جاءت الشرائعُ الدينيّة كلُّها أسباباً للحياة الهنيئة الطاهرة السعيدة الآمنة، فضلاً عن السعادة الأُخرويّةِ الأبديّة الدائمة. عند ذلك اقتضي العقل أن تنطوي الرعيّة في ظلّ الدين الإلهيّ، إيماناً وقبولاً، ورضيً وتحكيماً وطاعة، وقد جاء عن الإمام عليِّ الهادي (عليه السلام) قولُه: من جَمَعَ لَك ودّه ورأيه، فاجمع له طاعتك.
إنّ الناس في الحاكميّة عليهم، لا تستقرّ نفوسُهم حتّي يطمئنّوا إلي المصدر الإلهيّ الذي تنبثقُ عنه، فمن هو المُرسل ومن هو المُرسَل وما هي الرسالة؟ فإذا كان المُرسِلُ هو الله تبارك وتعالي اطمأنّت القلوب، وإذا كان المُرسَل صادقاً أميناً كذلك وثقت به العقول والنفوس، وإذا كانت الرسالةُ مفصّلةً تـُلبّي حاجات الأمّة ومقتضياتِ الحياة الهانئة، كان من الناس إقبالٌ واستقبال، واطمئنان. لأنّ الله عزّوجلّ لا يريد بهمِ إلاّ خيراً، وهذا تاريخ البشريّة شاهدٌ علي ذلك.
جاء في خطبةٍ لأميرالمؤمنين (عليه السلام) قوله: (واصطفي سُبحانَه من وَلَدِه (أي وَلَدِ آدمَ (عليه السلام)) أنبياءَ أخَذَ علي الوحي ميثاقهم، وعلي تبليغِ الرسالةِ أماناتهم إلي أن قال (عليه السلام): فبعثَ فيهم (أي في خلقِه) رُسُلَه، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهمُ ميثاق فطرته، ويذكروهم منسيَّ نعمته، ويحتجّوا عَليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويُروهُم آياتِ المقدرة ولم يخلِ اللهُ سبحانه خَلقَه من نبيٍّ مُرسل، أو كتابٍ مُنزَل، أو حجّةٍ لازمة، أو محجّةٍ قائمة، إلي أن بَعثَ اللهُ سبحانَه محمّداً رسول َالله (صلّي الله عليه وآله) لإنجاز عدته، وإتمام نبوّته، مأخوذاً علي النبيّينَ ميثاقـُه، مشهورةً سماتهُ، كريماً (صلّي الله عليه وآله)، وخلّفَ فيكم ما خلّفتِ الأنبياءُ في أممها، إذ لم يترُكوهُم هملا، بغيرِ طريقٍ واضح، ولا عَلَمِ قائم: كتابَ ربّكم فيكم: مبيّناً حلالَه وحرامَه، وفرائضَه وفضائلَه.
ولا يخفي عليكم أن خاتم الأنبياء (صلي الله عليه وآله) قد خلّف في إمته ثقلين يكون التمسك بهما معاً سبباً للنجاة من الضلالة والإهتداء الي طريق السعادة الحقة في الدنيا والآخرة.
هذا ما صرح به حديث الثقلين المتواتر الذي صحت روايته بأسانيد كثيرة في المصادر المعتبرة عند جميع الفرق الإسلامية، وفي هذا الحديث يصرح النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) بأن الثقلين هما القرآن الكريم وائمة العترة المحمدية الطاهرة (عليهم السلام) وأن تلازمهما مستمر الي يوم القيامة ولهذا الحديث الشريف دلالة مباشرة علي إستمرار وجود أوصياء للنبي الخاتم (صلي الله عليه وآله) الي يوم القيامة، وهذا ما يحدثنا عنه سماحة السيد كامل الهاشمي الباحث الاسلامي في الإتصال الهاتفي التالي:
المحاور: لحديث الثقلين دلالة مباشرة على استمرار وجود اوصياء للنبي الخاتم صلى الله عليه واله الى اليوم القيامة وهذا ما يحدثنا عنه الباحث الاسلامي سماحة السيد كامل الهاشمي.
السيد كامل الهاشمي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
هذا الحديث المبارك الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فيه دلالة مهمة جداً وصحيح نجد ان العلماء اشتغلوا على تفسيره خلال قرون عديدة واستنباط المعاني المهمة الموجودة فيه الا انه في عصرنا الحاضر تبرز نقطة ايجابية و مهمة جداً في هذا الحديثن الحديث يشير الى ان الاشكالية الموجودة والتي تتواجد بطبيعتها في اي نص ديني لا يمكن لهذه الاشكالية ان يعود الانسان ويحلها بنص اخر بمعنى اننا حينما نواجه مشكلة في نص معين كالقرآن الكريم والذي هو كتاب منزل من الله سبحانه وتعالى ولكنه بطبيعته كنص لغوي قابل للتأويل وقابل لتعدد الاراء ففي هذه الحالة ليس من الممكن ان نحاول ايضاح واستيضاح هذا الغموض من النص بنص آخر لأن المشكلة ستستعاد وتتكرر من جديد لذلك الرسول عليه افضل الصلاة والسلام هنا جعل القرآن وائمة اهل البيت (عليهم السلام) او العترة عدول بعضهم بمعنى ان الغموض الحاصل في النص القرآني او التأويل الممكن في النص القرآني لا يمكن ان يحسم الا من خلال الرجوع الى شخوص ائمة اهل البيت الى نفس اشخاصهم والا اذا رجعنا الى نص لغوي آخر كما البعض حاول ان يبدل كلمة العترة بكلمة السنة «اني تارك فيكم كتاب الله وسنتي» فأن هذا المعنى لا يستقيم لأن هذا المعنى يؤكد الاشكالية لذلك نرى اليوم في العصر الحديث ان الحكومات والدول حينما تتعدد فيها المحاكم تنشأ محكمة دستورية تمارس دور الفصل في النصوص المتعددة والاحكام المتعددة الصادرة من المحاكم الموجودة في نفس القطر الجغرافي او في نفس الدولة، المحكمة الدستورية لها قدرة وحاكمية على ان تحكم على تصفية كل النصوص الاخرى التي تأتي من بقية المحاكم كذلك النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) اراد ان يحل مشكلة عملية من الطبيعي ان تواجه مختلف النصوص الدينية وهي ان النصوص لها قابلية القراءات كما يقولون في المصطلح الحديث لها قابلية القراءات المتعددة فلا يمكن حسم هذه القراءات الا قبل ارجاعها الى قراءة واحدة وطرف واحد وهو الامام المعصوم المتمثل تحت عنوان العترة الطاهرة.
لذلك كما اشرت وقلت انه اليوم في علم الادارة الحديث بات هذا الامر جداً واضح بمعنى انه حينما تكون هناك في اية ادارة او في اية مؤسسة عدة جهات لها قابلية اصدار القرارات والقوانين، لابد ان تكون هناك جهة يمكن ان نسميها بمرجعية الحسم العملي يعني الجهة التي تستطيع ان تحسم الامور عملياً وليس الحسم النظري لأن الحسم النظري عادة يكون صعب ومعقد في كثير من القضايا التي نحتاجها في مقام العمل يعني حتى لو اختلفنا في اية قضية يمكن لكل انسان ان يراها من زاوية معينة فتختلف الاراء والنظرات على هذه المسألة ولكن جرت عادة البشر وسيرة العقلاء على ان يجعلوا طرفاً معيناً مشخصاً محدداً على ان يكون هو الطرف الذي يحسم اختلاف الاراء وليس بالضروري ان يكون هذا الطرف هو الافضل على كل المستويات وانما هي سيرة عملية يعني هو قانون عملي لحل الخلافات والاختلافات الحاصلة في مقام النظر بين الفرقاء، بين الاشخاص الذين يشتغلون في مؤسسة واحدة عن هذا الطريق لذلك اعتقد ان الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا عجب ان يكون في القمة على مستوى الادارة والتنظيم ان يشير الى هذا المطلب عبر هذا الحديث وان العترة هم الذين يحسمون الاختلافات التي من الطبيعي ان تحصل في قراءة النص القرآني وهي اختلافات شاهدناها منذ اللحظات الاولى من نزول القرآن الى يومنا هذا وستستمر وستتواصل لذلك تحتاج الى مرجعية حسم عملي تتمثل في الائمة الطاهرين عليهم افضل الصلاة والسلام الذين جعلوا عدول مع القرآن لا يفارقونه في حال من الاحوال.

*******

أجل، يرضي الناسُ ويطمئنّون إذا كان الحُكمُ عليهم من الله، والحاكمُ عليهم مبعوثٌ من الله أو بأمرالله، والأحكامُ القاضيةُ فيهم مشرّعةٌ من قِبَلِ الله، تبارك الله وجلّت رحمته، وإلاّ ارتابوا من حاكم منهاجه التسلّط علي الرعيّة كيفما يتسنّي له، وأحكامُه مترشّحةٌ عن نزواتٍ وعصبيّات وأهواءَ كيفما اشتهت. إنّ فطرة الناس تطالبُ بشريعةٍ إلهيّة مقروءةٍ أو مرويّة يأتي بها إنسانٌ إلهيّ يعرضُها عليهم، كما جاء رسولُ الله (صلّي الله عليه وآله) بالقرآن الكريم، من عند الله العزيزِ الحكيم، فتلاهُ عليهم، فوقعَ في القلوب قبل وقوعه في الآذان، وترك فيهم حالتِ الإيمان. قبلَ التلبية لنداء الأذان، فدوّنَته الأقلامُ والعقول، لأنّه من ربّ العالمين، ولأنّ الموحي به رسولٌ صادقٌ أمين، ولأنّه شريعةٌ هادية إلي الكرامة الإنسانيّة يصِفهُ أميرُ المؤمنين (عليه السلام) في دُررِ كلمه، وغررحكمِه، فيقول:
هوَ وحيُ اللهِ الأمين، وحَبلُه المتين، وهو ربيعُ القلوب، وينابيعُ العلم، وهو الصراطُ المستقيم.
هوَ هديً لمن ائتمَّ به، وزينةٌ لمن تحلّي به، وعصمةٌ لمنِ اعتصَمَ به، وحبلٌ لِمن تمسّك به.
هوَ الذي لا تزيغُ به الأهواء، ولا تلتبسُ به الشُّبَهُ والآراء.
هوَ الفصل، ليس بالهزل.
هُوَ الناطقُ بسُنّةِ العَدل، والآمرُ بالفضل.
نَعَم هذا بعضُ وصفِ الإمام عليٍّ (عليه السلام) لكتاب الله الذي نزّل علي رسوله المصطفي (صلّي الله عليه وآله)، يحكمُ به بينَ الناس، هذا هو القرآن وحيٌ من الله جلّت عظمتهُ، أمّا الموحي إليه فلابدّ أن يكون رجلاً قرآنياً، مترجماً لهذا الكتاب المبين بجميع أقواله وأفعاله وكان ذلك، حتي شهدِ له الأقربون ممّن عايشوه فقالوا: كان خُلُقُه القرآن.
وأمّا أوصياؤه، أئمّةُ الحقّ والهدي، فكانوا كذلك رجالاً قرآنيّينَ بحقّ، ليس تلاوةً وحفظاً للقرآن فحسب، بل كانوا قرآنيّين بكلّ ما في هذه الكلمةِ من عمقِ المعني. كانوا قرآنيين: قراءةً ومعرفة، بياناً وتبياناً، تطبيقاً وقضاءً، مناظرةً واحتجاجاً واستشهاداً بآياته، وعملاً بأوامره ونواهيه في حياتهم أوّلاً ثمّ في حياة الناس وعظاً وتحكيماً في كلِّ شؤونهم.
وهذه الخصال تجتمع اليوم في إمام عصرنا المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) وهو خاتم أوصياء العترة المحمديّة (عليهم السلام) وخليفة الله المؤتمن علي رسالته عزوجل وعباده في غيبته وظهوره (سلام الله عليه).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة