البث المباشر

بكاء الحسين(ع) عند خروجه من المدينة حوار مع السيد محمد الشوكي حول آثار البكاء على سيد الشهداء في الهداية الى الدين الحق

السبت 1 يونيو 2019 - 14:52 بتوقيت طهران

السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن امير المؤمنين، السلام عليك يا ابا عبد الله، السلام عليك يا سيد شباب اهل الجنة، ورحمة الله وبركاته. السلام عليك يا من رضاه من رضى الرحمان، وسخطه من سخط الرحمان، السلام عليك يا امين الله وحجة الله، وباب الله، والدليل على الله، والداعي الى الله.
ان عواطف آل الله، محمد وأهل بيته الاطهار، صلوات الله عليهم، هي عواطف سماوية، خالصة من جميع الشوائب والنزعات المتحيزة والاهواء الدنيوية حاشاهم سلام الله عليهم، انما عواطفهم روحية متألقة، تتسامى، وتتعالى، ولاتقع الا في مرضاة الله جل وعلا.
لذا نزورهم بهذه العبارات الشريفة: (من والاكم فقد والى الله، ومن عاداكم فقد عادى الله، ومن احبكم فقد احب الله، ومن ابغضكم فقد ابغض الله). وقد اوقفنا الامام الحسين عليه السلام على هذه الحقيقة القاطعة، فقال في خطبته بمكة قبيل رحيله عنها الى كربلاء رضى الله رضانا اهل البيت.
لقد نزلت النوائب متتابعة على قلب المولى ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه، فقابلها ذلك القلب القدسي بالصبر، بل وبالشكر راضياً مسلماً لله سبحانه، حسناً ظنه ان الله تعالى لا يريد بعباده فيما امتحنهم به من المحن الا خيراً، فجاء بعده العارفون يقولون: نحمدك اللهم يا من فتح باب البلاء للمقربين، وجعل الدنيا سجناً للمؤمنين وجنة للكافرين، ونشكرك اللهم يا من رفع درجات الصابرين، وجزاهم بما صبروا في يوم الدين، ونقدسك اللهم يا من احاطت رحمته بمن انكسر قلبه من المؤمنين، وجعل امواج بحر رحمته من تلاطم قطرات دموع الباكين، ونسبحك يا من جعل البكاء مفتاحاً لقضاء حوائج المحتاجين، حوائج الدنيا والاخرة يا رب العالمين.

*******

ولكن للبكاء على مصائب اولياء الله وما نزل بهم لا سيما مصيبة سيد الشهداء عليه السلام آثاراً مباركة في الهداية الى الله يسلط عليها الضوء سماحة السيد محمد الشوكي في الحوار الهاتفي التالي الذي اجراه معه زميلنا نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم احبائنا، ما تستمعون اليه اعزائنا هو برنامج الدمعة الساكبة في هذه الفقرة التي نستضيف فيها سماحة السيد محمد الشوكي، سلام عليكم سماحة السيد.
السيد محمد الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
المحاور: سماحة السيد من الظواهر المهمة التي اشتملت عليها واقعة كربلاء واستشهاد سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام هي قضية بكاء حتى قتلة الحسين عليه وعلى ما جرى لعياله، كيف تفسرون هذه الظاهرة؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين المعصومين.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين، نحن ربما اشرنا في حلقة سايقة وفي لقاء سابق الى ان البكاء يمثل حالة فطرية في قلب الانسان وهذا البكاء ربما يكون في كثير من الاحيان خارجاً عن ارادة الانسان يعني قد الانسان يبكي او يتأثر او يتألم لقضية ما خارجاً عن ارادته والقضية لا تكون مقصودة او متعمدة وانما بعض المواقف قد تهز الانسان من حيث يشعر او لا يشعر فيتأثر بها، بعض المصائب بقدر من البشاعة والمأساوية والاسى بحيث تهز حتى اولئك الذين يملكون قلوباً هي اشد من الحجارة يعني لا حظوا مثلاً في بعض الاحيان انسان لا يأنس بالشعر ابداً ولا يعرف معنى الشعر ولكن يستمع الى قصيدة جميلة لان القصيدة مؤثرة تهز ذلك الانسان وان كان هو في وادي اخر ليس هذا الوادي، ليس من عشاق الشعر وما شابه ذلك، قضية الحسين سلام الله عليه ما من شك انها قضية اختزنت من الاسى واللوعة والمصاب وعمق الاسى ما لايتصوره الانسان، هذا الاسى وهذه اللوعة وهذه المأساوية في قضية الامام الحسين سلام الله عليه تترك تأثيرها على الجميع دعنا عن اولئك الذين هم من اعداء الحسين، ابكت حتى بعض الاشياء التي لاعقل لها، نحن نعرف ان اسماء بكت دماً.
المحاور: نعم صريح الروايات من الفريقين.
السيد محمد الشوكي: نعم من الفريقين، ان النار فيها حجر من حجر وجد تحته دم عبيط، بكته كما في بعض الاخبار الكائنات اجمع سلام الله عليه فأذن حتى تلك المفردات وتلك الانواع من الكائنات التي لاتملك عقلاً او شعوراً كما هو الانسان.
المحاور: التي لها درجة من الشعور تأثرت.
السيد محمد الشوكي: نعم تأثرت ولكن لا هناك الشعور موجود حتى عند الحيوانات، هذا الشعور واضح حتى عند الحيوان ليس شعوراً واعياً كما عند الانسان، فهذه المصيبة اذن تمتلك من الاسى وتمتلك من اللوعة تأثيراً كبيراً جداً بحيث لاتقاومها حتى تلك الامور التي لاتملك اختياراً ولاتملك ارادة فالتالي اولئك الذين بكوا على الحسين سلام الله عليه هزهم الموقف هزاً عنيفاً بحيث خرجت الدموع من عينيهم ومن دون قصد ومن دون ارادة طبعاً هؤلاء مثل عمر بن سعد خصوصاً لما اتته زينب سلام الله عليها وقالت له والحسين سلام الله عليه ملقى على الارض قالت له بلوعة وبمصاب: يا عمر بن سعد وكأن خاطبت ضميره الذي او شك ان يموت او هو ميت والا لما اقدم على تلك الجريمة، قالت: يا عمر بن سعد ايقتل ابو عبد الله وانت تنظر اليه عند ذلك ادار بوجهه وتقول الرواية وبكى وذلك الرجل الذي ربما كان يسلب احدى بنات الحسين سلام الله عليه ويبكي فتقول له لا تبكي فيقول: كيف لا ابكي وانت بنت رسول الله.
قالت: اذن لماذا تسلبني؟
قال: اخاف ان يسلبك غيري فبعض الاشخاص مع انهم يعرفون انهم ارتكبوا جرماً كبيراً اما لجهل واما لطمع كما في حالة عمر بن السعد ارتكب هذا الجرم طمعاً في ملك الري وما شابه ذلك الا انهم يعرفون في قرارة انفسهم انهم ارتكبوا جرماً كبيراً ومأساة كبيرة اذن القضية ترتبط بعظم المأساة هذه العظمة تترك آثارها على الجميع حتى على من قتلوا الحسين عليه السلام وكفى بتلك المصيبة مصيبة تبكي حتى اولئك المجرمين الذين ارتكبوها.

*******

لمّا همَّ الحسين بن علي سلام الله عليه بالخروج من ارض الحجاز الى ارض العراق، واقبل الليل، ذهب الى قبر جده المصطفى صلى الله عليه وآله ليودعه، وهناك سطع نور بهي من القبر كأنه يعبر عن سرور رسول الله باقبال حفيده وسبطه عليه، ثم عاد اليه الليلة الثانية، فصلى عنده واطال حتى نعس وهو ساجد، فجاءه النبي في منامه واخذ حبيبه الحسين وضمه الى صدره، وجعل يقبل عينيه ويقول له: بأبي انت كأني اراك مرملاً بدمك، بين عصابة من هذه الامة يرجون شفاعتي، ما لهم عند الله من خلاق يا بني، انك قادم الى ابيك، وامك واخيك، وهم مشتاقون اليك، وان لك في الجنة درجات لا تنالها الا بالشهادة.
فانتبه الحسين فرأى نفسه باكياً شوقاً الى جده، ووحشة من فراقه فأتى اهل بيته فاخبرهم بالرؤيا وودعهم وتوجه نحو العراق.
وفي بعض المقاتل ان الامام الحسين عليه السلام اقبل الى قبر جده صلى الله عليه وآله فقال يخاطبه: السلام عليك يا رسول الله، ثم قام فصف قدميه، فلم يزل راكعاً ساجداً، قيل: فلما فرغ من صلاته جعل يقول: اللهم هذا قبر نبيك محمد، وانا ابن بنت نبيك، وقد حضرني من الامر ما قد علمت اللهم اني احب المعروف وانكر المنكر، وانا اسألك يا ذا الجلال والاكرام، بحق القبر ومن فيه، الا اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى.
ثم كانت تلك الرؤيا التي اسبلت عبرته فرش دموعه الشريفة على قبر حبيبه وجده رسول الله، ليقوم بعدها الى قبور الاعزة الاحبة، فها هو قبر امه الصديقة فاطمة يعلمه هو اهل بيته ولا يعلم به غيرهم، اخفي كما ارادت صلوات الله عليها، فدنا منه حبيبها وثمرة فؤادها الحسين ليودعها، فما احزنه من وداع ناداها بقلب منكسر كئيب: السلام عليكِ يا اماه، هذا آخر الوداع، وآخر زيارة مني لقبرك، فبقي عندها حتى الفجر، ثم التفت الى قبر اخيه الحسن المجتبى، شهيد السموم، فجلس عنده وبكى وودعه بقلب فجيع.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة