البث المباشر

المرقد الحسيني الطاهر في القرن الهجري الثاني

الأحد 26 مايو 2019 - 09:41 بتوقيت طهران

كربلا.. لا زلت كرباً وبلا

مالقي عندك آل المصطفى

كم على تربك لما صُرّعوا

من دم ٍ زاك ومن دمع جرى

السلام عليكم يا أولياء الله وأحباءه، السلام عليكم يا أصفياء الله وأوداءه، السلام عليكم يا انصار دين الله، السلام عليكم يا أنصار رسول الله، السلام عليكم يا أنصار أمير المؤمنين، السلام عليكم يا أنصار فاطمة سيدة نساء العالمين، السلام عليكم يا أنصار أبي محمد الحسن بن عليّ الولي الناصح، السلام عليكم يا أنصار أبي عبد الله، بأبي أنتم وأمي طبتم وطابت الارض التي فيها دفنتم، وفزتم فوزا ً عظيما ً، فياليتني كنت معكم، فأفوز معكم.
قبل أن نعود الى تاريخ المرقد الحسيني الشريف، لابدّ من الاشارة الى الخريطة التاريخية - الجغرافية لكربلاء، والتي وردت الاشارات اليها في الروايات:
كقول الامام جعفر الصادق (عليه السلام): شاطئ الوادي الايمن، الذي ذكره الله تعالى في القرآن، هو الفرات. والبقعة المباركة، هي كربلاء.
أي في قوله تعالى في سورة القصص: «فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ».
وعن الامام الصادق (عليه السلام) أيضاً، قال: إن كربلاء، وماء الفرات، أول أرضٍ وأول ماء قدس الله تبارك وتعالى وبارك عليه.
وقال (عليه السلام): أربع بقاع ضجت الى الله أيام الطوفان: البيت المعمور، فرفعه الله، والغريّ، وكربلاء، وطوس.
وعن الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) جاء قوله: اتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً وإنه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الارض وسيرها رفعت كما هي ـ بتربتها ـ نورانية صافية، فجعلت في أفضل روض من رياض الجنة، وأفضل مسكن في الجنة، لا يسكنها الا النبيون والمرسلون. وفي رواية: لا يسكنها الا اولو العزم من الرسل.
ولا يخفى أن هذه الخصائص التي اختص الله عزوجل بها أرض الحسين المقدسة، جعلتها مهبط الملائكة حافلة بأشكال البركات الالهية ومهوى لأفئدة المؤمنين على مدى العصور. وهذا هو المنشأ الاساس لتفسير الظاهرة التي حيرت الكثيرين وهي استمرار زيارة المشهد الحسيني ومن مختلف أنحاء العالم طوال مراحل التأريخ الاسلامي على الرغم من مساعي الطغاة لمنعها.

*******

توضيحات اضافية لهذه الظاهرة من خطيب المنبر الحسيني سماحة السيد محمد الشوكي في الحديث الهاتفي التالي:
المحاور: الخصائص التي اختص الله عز وجل بها ارض الحسين المقدسة جعلتها مهبط الملائكة وحافلة باشكال البركات الالهية ومهواً لافئدة المؤمنين على مدى العصور، وهذا هو المنشأ الاساس لتفسير الظاهرة التي حيرت الكثيرين وهي استمرار زيارة المشهد الحسيني ومن مختلف انحاء العالم طوال مراحل التاريخ الاسلامي، على الرغم من مساعي الطغاة لمنعها، توضيحات اضافية لهذه الظاهرة نستمع اليها معاً من خطيب المنبر الحسيني سماحة السيد محمد الشوكي.
السيد محمد الشوكي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، بالنسبة الى هذا التفاعل الوجداني الكبير والمنقطع النظير، يعني هذا التفاعل الوجداني بين محبي الحسين (سلام الله عليه) وبين سيد الشهداء هذا التفاعل لم يعرف له التاريخ مثيلاً على الاطلاق، بحيث هذه الجذوة لا زالت مشتعلة في صدور احباء الحسين (سلام الله عليه)، ففي كل عام هناك تفاعل على مستوى قراءة المصيبة قراءة العزاء المشاركة في مراسم احياء عاشوراء عموماً التي تقام بطرق متعددة، هناك ايضاً زيارة سيد الشهداء (سلام الله عليه)، بصورة عامة هذا التفاعل الوجداني ناشيء من امرين: الامر الامر هو الامر الطبيعي هو الحسين (عليه السلام) كان يمثل كل قيم الخير وكل قيم الهدى والصلاح، وطبيعي النفس الانسانية الصالحة والقلب الطيب النقي ينجذب الى هكذا شخصية عظيمة هذا من الجانب الطبيعي، هناك تدخل السر الالهي الله عز وجل جعل للحسين (سلام الله عليه) هذه الخصوصية وكما نقل عن جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم انه قال ان لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد ابداً، فاذن هذا الجانب الالهي، هناك ايضاً الجانب الديني "ان صح التعبير" واقصد بذلك توصيات اهل البيت (سلام الله عليهم) باحياء امر الحسين (عليه السلام) واقامة شعائر الحسين (سلام الله عليه)، هذه الاحاديث كثيرة جداً طبيعي تحفز شيعة هل البيت للاستمرار في احياء هذا الامر العظيم، ومن اهم مفردات هذا الاحياء هو احياء زيارة الحسين (سلام الله عليه)، لان الظالمين وعلى طول الخط في زمان بني امية وفي زمان بني العباس وفي زماننا هذا الظالمون على طول الخط حاولوا ان يختموا اصداء الحسين صوت الحسين ذكر الحسين وفكر الحسين (سلام الله عليه)، فلابد من احياء الحسين وجعله حياً في واقع الناس وحاضراً في حياة الناس، من اهم مظاهرالاحياء التي تشكل هي في جانب من جوانبها احياء لذكرى الحسين (سلام الله عليه) وفي جانب من جوانبها تمثل ايضاً احياء لخط الحسين ونهج الحسين (عليه السلام)، لانه الزيارة هي تظاهرة كبيرة تظاهرة سلمية للتنديد بالظلم وللتنديد بالظالمين والبراءة من الظلم والظالمين ونصرة الحق واهل الدين، فزيارة الحسين (سلام الله عليه) فيها ابعاد كثيرة لا يسع الوقت لبيانها، من اجل ذلك نجد ان المؤمنين ويجب ان يبقى المؤمنون حريصين ومواضبين على احياء هذه الشعيرة المباركة بشكل لائق ورائع، لانها اولاً تمثل تخليد ذكرى الحسين (سلام الله عليه) ومن جانب آخر تفاعل مع الحسين (سلام الله عليه) بالاضافة الى الثواب الكثير الذي يحصلون عليه، وايضاً تمثل الزيارة مظهراً من مظاهر الاحتجاج احتجاج الحق وصرخة الحق بوجه الظالمين، فهذه الشعيرة الحضارية الرائعة ينبغي ان تبقى حية انشاء الله في اوساطنا والحمد لله.
نشكر ضيفنا الكريم سماحة السيد محمد الشوكي على هذه التوضيحات، بشأن سر توجه القلوب لزيارة سيد الشهداء (عليه السلام) رغم كل الصعوبات، كما نشكر لكم احبائنا طيب متابعتكم من برنامج ارض الحسين (عليه السلام).

*******

قد تعرفنا في الحلقة السابقة على تأريخه في القرن الهجري الاول والآن لننظر كيف أصبح عليه المرقد الحسيني الطاهر في القرن الهجري الثاني، فعلى ما يبدو أن القبة التي شيدها المختار الثقفيّ ظلت قائمة حتى وفود الامام الصادق (عليه السلام) لزيارة قبر جده الحسين (عليه السلام) حوالي سنة اثنتين وثلاثين ومئة هجرية، حيث روى عنه صفوان الجمّال أنه (عليه السلام) قال: "إذا أردت قبر الحسين (عليه السلام) في كربلاء، قف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر، ثم ادخل الروضة الحسينة وقم بحذائها (اي محاذياً لها) من حيث يلي الرأس، ثم اخرج من الباب الذي عند رجلي علي بن الحسين (أي الاكبر) (عليه السلام)، ثم توجه الى الشهداء، ثم امش حتى تأتي مشهد ابي الفضل العباس، فقف على باب السقيفة وسلم".
وهكذا في زياراته (عليه السلام) يذكر الجهات والابواب والمداخل والمخارج، وكذا القبة الشريفة، والسقيفة المنيفة، وباب الحائر المبارك، بما يظهرمن ذلك أن كان لمرقد الامام الحسين (عليه السلام) في عصر الامام الصادق (عليه السلام) أي في الثلث الاول من القرن الهجري الثاني ـ قبة مشهودة، وسقيفة معهودة، وأكثر من باب من جهة الشرق، وباب من ناحية ثانية، لعلها كانت من جهة الغرب.
والذي يبدو أيضاً أن السقيفة والمسجد كانا يشكلان مساحة ذات اربعة أضلاع حول المرقد الزاكي للإمام الحسين وابنه علي الاكبر، كان للمرقد بابان: أحدهما ـ من جهة المشرق عند قدمي عليّ الاكبر (سلام الله عليه). وكانت قبور الشهداء عليهم السلام خارجة عن اطار هذه المساحة. وقد يتصوّر من بعض الاخبار كرواية قائد ابي بصير أنّ البابين الخارجيين للحرم الحسيني الزاهر ـ كان احدهما من جهة الشرق، والآخر من جهة الجنوب (اي القبلة). كما ان هنالك باباً داخلياً آخر من جهة الغرب يربط بين المرقد والقبة من جهة، والمسجد من جهة اخرى. ولعل هذا الباب هو الذي كان لشير اليه الامام الصادق (عليه السلام) في رواية صفوان من قوله (عليه السلام): "فإذا أتيت باب الحائر فقف وقل، الى ان قال: ثم تأتي باب القبة وقف من حيث يلي الرأس"، فهنى (عليه السلام) الباب الغربيّ للمرقد، والذي يقع من جهة الرأس، لا الباب الجنوبي وفي ذلك تأمل للباحثين.
وتبقى زيارات الامام الصادق صلوات الله عليه دلائل تاريخية لمرقد الامام الحسين (سلام الله عليه)، تشير الى ان الروضة الحسينية المطهرة، كان لها سور وأبواب خارجية، وقد عبر (عليه السلام) عن المساحة المحيطة بالروضة باسم (الحائر)، والذي يسمى اليوم بـ (الصحن)، ويبدو أنه لم يكن قبل عصره، حيث لم يرد في نص زيارتيّ، او تاريخي. بينما ورد ذكره في روايات الامام الصادق (عليه السلام) في تسعة عشر موقعاً.
كما في رواية أبي الصامت الحلواني، حيث جاء قوله (عليه السلام): "فإذا أتيت باب الحائر فكبر الله اربعاً..."، او في رواية أبي حمزة الثمالي قوله: "ثم در في الحائر وأنت تقول...".
ويبقى الحائر الشريف على شكله حتى زمن الامام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) الشهيد سنة ثلاث وثمانين ومئة من الهجرة المباركة، ويتبيّن أن مساحته كانت ٦۲٥ ذراعاً من الخارج، فيما كان قطرسوره الخارجي خمسي ذراعاً والذراع يعادل خمسة وأربعين سنتيمتراً وثلاثة وثمانين بالمئة من أجزاء السنتيمتر تقريباً، فيكون قطر الحائر على هذا التقدير قرابة ثلاثة وعشرين متراً.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة