البث المباشر

خصوصيات الحرم الحسيني المبارك

الأحد 26 مايو 2019 - 09:20 بتوقيت طهران

وقفت على نهر الحسينية الذي

تدفق سلسالاً خلال الربى الخضر

على ضفتيه ينبت الحب يانعا

فيقطف منه العاشقون جنى الطهر

السلام عليك يا ابن رسول الله، اتيتك يا مولاي وافداً اليك اذ رغب عن زيارتك اهل الدنيا، واليك كانت رحلتي، ولك عبرتي وصرختي، وعليك اسفي ولك نحبتي وزفرتي، وعليك تحيتي وسلامي. القيت رحلي بفنائك، مستجيراً بك وبقبرك، مما اخاف منعظيم جرمي.
لقد كان من اكرام الله تعالى لكربلاء، قبل شهادة الامام الحسين في ارضها، بل ومنذ أول التاريخ الآدمي عليها، أن جعل لأنبيائه على نبينا وآله وعليهم أفضل الصلاة والسلام، مروراً عليها، بل ووقفة وموقفاً فيها، فتروي لنا الاخبار أن أبانا آدم مرّ على كربلاء وهو يبحث عن أمنا حواء، فاغتمّ وضاق صدره من غير سبب ظاهر، وعثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) فيما بعد، حتى سأل الدم من رجله، فرفع آدم (عليه السلام) رأسه الى السماء وقال: الهي، هل حدث منيّ ذنب آخر فعاقبتني عليه؟!
فأوحى الله اليه: يا آدم، ما حدث منك ذنب، ولكن يقتل في هذه الارض ولدك الحسين ظلماً، فسال دمك موافقة لدمه.
وروي أن نوحاً (عليه السلام) لما ركب في السفينة طافت به، فلما مرّت بكربلاء أخذته الارض، فدعا ربه: الهي، طفت جميع الدنيا وما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الارض.
فأخبره جبرئيل قائلاً: يا نوح، في هذا الموضع يقتل سبط محمد خاتم الانبياء، وابن خاتم الاوصياء.
ومرّ ابراهيم الخليل في ارض كربلاء وهو راكب فرساً، فعثرت به وسقط ابراهيم (عليه السلام) وشجّ رأسه وسال دمه، فأخذ في الاستغفار وقال: الهي، اي شيء حدث منيّ؟
فأجابه جبرئيل: يا ابراهيم، ما حدث منك ذنب، ولكن هنا يقتل سبط خاتم الانبياء، وابن خاتم الاوصياء، فسال دمك موافقة لدمه.
ومرّ بساط سليمان (عليه السلام) ذات يوم في أرض كربلاء، فأدارته الريح ثلاث دورات حتى خشي السقوط، وسكنت الريح ونزل البساط في كربلاء، فقال سليمان للريح: لم سكنت؟
فقالت: إن هنا يُقتل الحسين!
وقد وردت أحاديث اخرى روتها المصادر الحديثية المعتبرة عن ائمة العترة المحمدية (عليهم السلام) تخبرنا بأنباءات الهية للانبياء (عليهم السلام) بشأن مصائب سيد الشهداء (سلام الله عليه)، وهي تكشف عن عمق ارتباط الملحمة الحسينية بالتربية الالهية للعبادة وعظمة بركات التأسي بالحسين (عليه السلام) والتفاعل الوجدانية مع مصائبه.

*******

المزيد من التوضيح لهذه الحقيقة نستمع اليه من خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني في الحديث الهاتفي التالي:
المحاور: نتحدث حول مصائب العترة المحمدية (عليهم السلام) تخبرنا بانباءات الهية للانبياء (عليهم السلام) بشأن مصائب سيد الشهداء الحسين (سلام الله عليه)، وهي تكشف عن عمق ارتباط الملحمة الحسينية بالتربية الالهية للعبادة وعظمت بركات التأسي بالحسين (عليه السلام) والتفاعل الوجداني مع مصائبه، ومعنا على خط الهاتف خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني، سماحة الشيخ كيف يمكن ان يبكي الانبياء (عليهم السلام) على الامام الحسين قبل ولادته واستشهاده؟
الشيخ علي الكوراني: هذا ممكن، الان اذا احد مطلع على امر يأتي ويخبرك بان احد اولادك هكذا سيكون وسيكون من ذريته كذا ويتكلم لك عن مأساته وتبكي، عندما اخبر جبرائيل الانبياء (سلام الله عليه)م اخبرهم عما يجري، اخبرهم عن الرسول الخاتم وعن ذريته وعن ظلم الامة لهم عن مصيبتهم تقتيلهم عن فاجعة الامام الحسين (عليه السلام)، طبعاً هذا مؤثر يتاثر به الانبياء وهم يعرفوه لا يعرف الفضل الا ذووه، يعرفون قدره ويعرفون قدر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مثلاً ابراهيم لما جاءه جبرائيل وقال له لا تذبح اسماعيل وهذا الكبش بداله، لما يخبره بانه الذبيح الذي يكون ثار الله في الارض هو حفيدك الحسين بن علي وفاطمة ابن رسول الله، هذا الذي يكون ثأر الله في الارض، لما يتكلم النبي بهذا الامر يبكي، وعندنا نحن ان آدم على نبينا وآله و(عليه السلام) عندما توسل اخبره جبرائيل فعلمه فتلقى آدم من ربه كلمات بتاب عليه، فهذه الكلمات توسل بحق النبي واهل البيت، واراهم انواراً محيطة بالعرش اشكال اناس نورانية هو كان، يقول نبينا آدم (عليه السلام) ان هذا الخامس منهم اذا ذكرته اشعر بعاطفة خاصة وحنان خاص، الحرارة واللهفة والعاطفة الخاصة عند الانبياء والمؤمنين للامام الحسين (عليه السلام) مميزة عن غيرها، لان شخصيته ومأساته مميزة عن غيرها، اذن ليس عجيباً ان الانبياء عندما يخبرهم الله عز وجل عما يجري في المستقبل على كبيركم وخاتمكم وعلى عترته وكيف تجري الامور بعده ان يتأثروا لذلك ويبكو من اجل ذلك.

*******

وحديثنا عن خصوصيات الحرم الحسيني المبارك طبق ما ورد في الاحاديث الشريفة المعتبرة؛ والحديث متواصل وتبقى كربلاء تحظى بإجلال الله تعالى لها ودعوته انبياءه ورسله وعباده الى تقديسها، لأن فيها واقعة عظمى ستقع، ولأن ولياً عظيماً لله فيها سيستشهد ويقع، حتى تصبح تلك الارض من أشرف البلدان والبقاع، تطل على التاريخ والحضارات والامم تحكي قصة الشهادة في محراب العشق الالهي، وقصة الاخلاق الربانية التي تجلت في سبط رسول الله وريحانته وسيد شباب اهل الجنة. فأكرمت كربلاء بأن احتضنت حسيناً، فعلاها شرف عظيم، وجللتها كرامة كبرى فاخرة، قال الامام جعفر الصادق (سلام الله عليه): إنّ الله اتخذ بفضل قبره كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يتخذ مكة حرماً.
وفي وصف كربلاء، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هي البقعة التي كانت فيها قبة الاسلام التي نجى الله عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوح في الطوفان.
وروى الامام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) أنّ أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) مرّ بكربلاء، فاغرو رقت عيناه وبكى، وقال لاصحابه: هذا مناخ ركابهم، وهذا ملتقى رحالهم، ها هنا مراق دمائهم! طوبى لك من تربة عليها تراق دماء الاحبة.
وقال الامام الباقر (عليه السلام) وهو يحكي إخبار جده أمير المؤمنين (عليه السلام) عما كان في كربلاء وما سيكون، فقال: خرج علي (عليه السلام) يسير بالناس، حتى إذا كان من كربلاء على ميلين أو ميل، تقدم بين ايديهم حتى طاف بمكان يقال له (المقذفان)، فقال: قتل فيها مئتا نبيّ، ومئتا سبط، كلهم شهداء ومناخ ركاب ومصارع عشاق شهداء، لا يسبقهم من كان قبلهم، ولا يلحق من بعدهم.
وإذا كانت التربة تعني (التراب) مطلق التراب، فإن التربة الحسينية الشريفة أصبحت لها حقيقة عرفية، فهي التراب المأخوذ من جنب قبر سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، أو من طين قبره الزاكي وقد طلبت هذه التربة تبركاً وتعلقاً بولي الله الحسين، وإجلالاً وتكريماً واستشفاء، كما كان من المسلمين الاوائل يوم ارادوا أن يكرموا اسد الله وأسد رسوله، حمزة بن عبد المطلب (سلام الله عليه) بعد شهادته على يد عبد هند وتمثيل هند ببدنه الشريف، مالوا الى تربة قبره فأخذوا منها ما جعلوه مسبحات يذكرون الله تعالى بها، ويتذكرون بها احياناً شهيدهم العزيز حمزة فيترحمون عليه ويذكرونه ذكراً حسناً وهو له اهل، وقد روي أن اول من استعمل تربة حمزة مسبحة هي فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، ثم عملت المسابح من قبر حمزة رضوان الله عليه، وشاعت هذه السنة بين الناس ولم يمنعها رسول الله بل أقرّها، حتى اذا توفي (صلى الله عليه وآله) صار المسلمون يأخذون من تربة قبره الشريف كما نقل السيد نور الدين الشافعي، فمنعتهم احدى زوجاته إذ ضربت عليه جداراً، فأخذوا يقبضون التراب من فتحةٍ أو كوّةٍ فيه، فعمدت اليها فسدتها!
لكن اهل البيت (عليهم السلام) أكدوا تقديس تربة الحسين (عليه السلام)، فذكر الشيخ الطوسي أن الامام الصادق (عليه السلام) كانت له قطعة من ديباج فيها تربة الحسين (عليه السلام)، فإذا حضرته الصلاة صبّ ذلك التراب على سجادته وسجد عليه، ثم قال: إن السجود على تربة ابي عبد الله (عليه السلام) يخرق الحجب السبع.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة