البث المباشر

الطفولة المسلوبة (5)

الأحد 28 سبتمبر 2025 - 10:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- بودكاست: الحلقة الخامسة- سنناقش في هذه الحلقة كيفية اعتقال الأطفال الفلسطينيين على يد جيش الاحتلال. كما نروي العديد من الشهادات الموثقة والواقعية عن نقل الأطفال الفلسطينيين إلى مراكز الاحتجاز واعتقالهم.

يتفنن جيش الاحتلال الإسرائيلي في عمليات اعتقاله للفلسطينيين لاسيما عندما يتعلق الأمر بالأطفال، منها الاعتقال في المنازل، الاعتقال في الشوارع ونقاط التفتيش، الاعتقال في موقع الجريمة، والاعتقالات الجماعية، وفي أي من هذه العمليات لا يتم احترام أبسط المبادئ الإنسانية والقانونية.

مرحباً.

في الحلقة الخامسة من بودكاست "الطفولة المسلوبة" سنناقش كيفية اعتقال الأطفال الفلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي. كما سنستعرض العديد من الشهادات الموثقة والواقعية عن نقل الأطفال الفلسطينيين إلى مراكز الاحتجاز واعتقالهم.

يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بعمليات اعتقال الفلسطينيين بطرق متنوعة، خاصة في اعتقال الأطفال منها الاعتقال في المنازل، الاعتقال في الشوارع ونقاط التفتيش، الاعتقال في موقع الجريمة، والاعتقالات الجماعية، وفي أي من هذه العمليات لا يتم احترام أبسط المبادئ الإنسانية والقانونية. واحد من أكثر طرق الاعتقال وحشية هي الاعتقال في المنازل.

عادةً ما يتم الاعتقال بهذه الطريقة حيث يقوم عدد كبير من الجنود الإسرائيليين بمحاصرة منزل الشخص المستهدف، ويقتحمونه بالقوة ودون تصريح قانوني لاعتقال الطفل. يقوم الجنود عادة بتفتيش المنزل ويتسببون في أضرار للأثاث أو يدمرونها، كما يتعرض أفراد عائلة الشخص المشتبه به للأذى سواء لفظيًا أو جسديًا، وتشمل هذه السلوكيات الإهانة، والشتم، والتهديد، والتحرش الجنسي، والضرب.

وفيما يلي نتعرف على شهادات بعض الأطفال والضحايا في المحكمة:

هنا نتابع شهادة سلطان مهدي، البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، من منطقة الخليل، مخيم العروب للاجئين.

يقول سلطان مهدي:

"يوم الأحد، 5 نوفمبر عام 2000، حوالي الساعة 12:30 بعد منتصف الليل، استيقظت على صوت طرق على الباب. استيقظ والدي، وإخوتي، وأختي أيضًا. قال رجل من خلف الباب باللغة العربية إنه من قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي وطلب منا فتح الباب.

قبل أن يفتح والدي الباب، كسر الجنود المقبض بركلة. قام باقي الجنود بكسر إطار الباب وصرخوا مطالبين بفتح الباب. بمجرد فتح الباب، دخل عدة جنود إلى غرفة الاستقبال. كان الجنود قد سودوا وجوههم، وكان يرافقهم اثنان من رجال الشرطة. عندما دخلوا المنزل، وجهوا أسلحتهم نحوي ونحو عائلتي.

سألني أحد الجنود عن اسمي. أجبت بارتعاش، اسمي ندير وعمري 10 سنوات. سألوني عن أخي محمد . قال لهم والدي إنه في الطابق العلوي. صعد الجنود إلى الطابق العلوي وعادوا مع محمد. كانوا قد ربطوا يديه وعينيه. في تلك الأثناء، كان باقي الجنود يفتشون الغرف بسرعة.

عندما انتهوا، خرجوا من المنزل وأخذوا أخي محمدا معهم. لكن بعد دقيقتين، عادوا مرة أخرى إلى المنزل. كان الباب مفتوحًا. دخلوا وتوجهوا مباشرة نحوي. قال لي ضابط الشرطة، أنت كاذب واسمك الحقيقي سلطان. فقلت له صحيح واعترفت لهم باسمي الحقيقي.

قام أحد الجنود بتكبيل يدي وتعصيب عيني. جردني جنديان إسرائيليان من على كتفي وسحبوني وألقوني في الجيب العسكري الذي كان متوقفًا على بعد مئة متر من منزلنا على الطريق الرئيسي".

 

مراد أبو جودة، البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، من منطقة الخليل، يروي كيفية اعتقاله كالتالي:

«كانت الساعة 12:40 دقيقة منتصف الليل 15 ديسمبر 2000. كنت أنا وعائلتي نائمين عندما استيقظنا فجأة على صوت طرق شديد على باب المنزل. ذهب والدي نحو الباب. كسر الجنود الإسرائيليون زجاج الباب ودخلوا المنزل فجأة. كان ثلاثة منهم يرتدون ملابس مدنية ويغطون وجوههم بأقنعة. وكان هناك اثنان من عناصر المخابرات الإسرائيلية أيضًا بملابس مدنية.

سألني أحد الجنود عن اسمي وطلب مني بطاقة الهوية. ذهبت إلى الغرفة لأحضر بطاقة الهوية، وجاء أحد الجنود معي. عندما انحنيت لأخذ مفتاح الدرج، ضربني الجندي عدة مرات بركلة على ظهري وأسقطني على الأرض. أخيرًا وجدت البطاقة وأعطيتها للجندي الإسرائيلي. عثر على تذكرة طيران إلى كندا في أغراضي.

كنت قد سافرت إلى كندا في سبتمبر لمتابعة شؤون الدراسة. قال الجندي إنني ذهبت إلى كندا لتعلم طرق رمي الحجارة. فتش كل أغراضي. ثم أمسك بي من رقبتي وأخذني إلى الغرفة الرئيسية في المنزل. هناك رأيت الجنود الإسرائيليين يقلبون كل أغراض المنزل. قال لي الجندي الذي كان يرتدي القناع بهدوء في أذني: «سنعتدي على كل واحد منكم».

 

يتحدث محمد زعول، البالغ من العمر أربعة عشر عامًا، من منطقة بيت لحم، هوسان، عن كيفية اعتقاله:

«استيقظت يوم الاثنين 25 ديسمبر 2000، حوالي الساعة الواحدة والنصف صباحًا على صوت طرق رهيب على باب المنزل. فتح والدي الباب ودخل عشرة جنود إلى المنزل. كان بعضهم يرتدي أقنعة والبقية، ومن بينهم "رامي"، قائدهم، قد رسموا خطوطًا سوداء على وجوههم. خلال ثوانٍ، دخل أربعة جنود إلى غرفتي. قالوا لي نحن مأمورون باعتقالك بتهمة رمي الحجارة وطلبوا مني ارتداء ملابسي بسرعة ثم أخذوني معهم.»

 

حمزة زعول، البالغ من العمر أربعة عشر عامًا، من منطقة بيت لحم، هوسان، يتحدث أيضًا عن كيفية اعتقاله:

«استيقظت يوم السبت 6 يناير، حوالي الساعة 2:30 صباحًا على صوت جندي إسرائيلي. كان الجندي واقفًا فوق رأسي ويصرخ لكي أستيقظ. في البداية اعتقدت أنني أحلم، لكن في الواقع كان هناك عدة جنود إسرائيليين يرتدون أقنعة تغطي رؤوسهم واقفين فوقي. كان مظهرهم يخيفني حقًا. بعد أن ارتديت ملابسي، أخذني الجنود الإسرائيليون معهم.»

توجد الكثير من حالات اعتقال الأطفال الفلسطينيين من هذا النوع. لكننا سنكتفي بهذه الأمثلة القليلة على طريقة الاعتقال الوحشية والمنظمة التي تنتهجها إسرائيل. الاعتقال وحده يمكن أن يسبب أضرارًا نفسية كبيرة. لذلك، وضعت المعايير الدولية مبادئ دقيقة لتوفير أقصى حماية ممكنة للأطفال المحرومين من الحرية.

الطريقة التي تستخدمها إسرائيل لاعتقال الأطفال الفلسطينيين، مثل غيرها من أساليب هذه السلطة المحتلة، تتعارض بشكل صارخ مع جميع المعايير الدولية وتخالف بوضوح المبدأ الأساسي "المصلحة الفضلى".

طريقة الاعتقال الثانية تنفذ في الشوارع ونقاط التفتيش. عادةً ما يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي باعتقال الأطفال في الشوارع. قد يحدث هذا خلال مظاهرة، أو ببساطة في الشارع أثناء مرور الناس. قد يتذكر جندي إسرائيلي فجأة وجه أو ملابس طفل قام برمي حجر نحوهم في السابق أو شارك في مظاهرة، وهذا يكفي للاعتقال دون أي عذر أو سبب آخر. بعد الاعتقال، عادةً لا يُخبَرُ هؤلاء الأطفال بالتهم الموجهة إليهم، ولا يُسمح لهم بالتواصل مع أقاربهم أو محام لهم.

يُجبر معظم الأطفال على الانتظار لفترات طويلة وهم مقيدون، دون طعام أو شراب أو مأوى، وأحيانًا يتركون تحت أشعة الشمس المباشرة، أو تحت المطر أو البرد الشديد. هنا نستعرض بعض التقارير حول هذا الموضوع. في بعض الأحيان، نضطر لعدم ذكر أسماء الأطفال بالكامل، لأن إسرائيل قد تراقب هؤلاء الأفراد.

أحد هذه الحالات تتعلق بطفل يُدعى "أ.ز". تم اعتقال "أ.ز" في 2 أبريل 1999 أثناء عودته إلى المنزل. احتجزه الجنود لمدة أربع إلى خمس ساعات بجانب الطريق، حتى جاء جندي آخر ليحدد هويته، مما أتاح تقديم تهمة رمي الحجارة. الجندي المعني لم يرَ الطفل الذي رمى الحجر إلا لمدة دقيقة واحدة، ثم عاد إلى منزله في المستوطنات اليهودية.

عاد مرة أخرى لتحديد هوية "أ.ز". دافع الجندي عن اتهامه للطفل. في المحكمة طلب محامي الدفاع الذي عينه "القسم الفلسطيني من منظمة الدفاع عن الأطفال" طلب من الجندي أن يشرح كيف استطاع تحديد "أ.ز". فأجاب:

"من خلال ملابسه." عندما قال محامي الدفاع إنه قد يكون هناك أطفال آخرون مثل "أ.ز" يرتدون نفس البنطال الجينز والقميص في ذلك الوقت، رفض الجندي الإسرائيلي هذا الاحتمال. فاستمرت جلسات محكمة "أ.ز" حتى أواخر عام 2000.

من المناسب أيضًا أن نعلم أن إسرائيل تصدر بطاقات هوية للفلسطينيين الذين تزيد أعمارهم عن 16 عامًا، ويجب عليهم دائمًا حملها. يتم حفظ رقم هويتهم، إلى جانب مكان الإقامة، والميول السياسية، وسجلات الاعتقالات السابقة في قاعدة بيانات. يجب على جميع الفلسطينيين تقديم بطاقة الهوية عند عبور نقاط التفتيش والحدود.

يحمل الجنود الإسرائيليون دائمًا قائمة بأرقام الهوية للأشخاص الذين يجب اعتقالهم. إذا كان رقم هوية الطفل موجودًا في قائمة "المطلوبين"، سيتم اعتقاله على الفور. لا يوجد أي وسيلة للأطفال لمعرفة سابقة ما إذا كان اسمهم في قائمة المطلوبين، لأن القوائم تتحدث باستمرار. بعد الاعتقال، لا يُشرَحُ للأطفال سببُ اعتقالهم. فيُجبرون على الانتظار واقفين حتى يتم نقلهم إلى مراكز الاحتجاز أو الاستجواب، بينما تُربط أعينهم وأيديهم من الخلف.

طريقة الاعتقالات الثالثة هي الاعتقال في موقع الجريمة. نادرا ما يحدث هذا النوع من الاعتقالات. إذ يُعتقل الأطفال الفلسطينيون أحيانًا في المكان الذي ارتكبوا فيه جريمة ويُتهمون بها، أو يُزعم أنهم ارتكبوها. في هذه الحالات النادرة، يُحرم الأطفال الفلسطينيون من حماية القوانين الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية المخصصة لهم، ويكونون عرضة لاعتداءات شديدة.

سعاد غزال (Su'ad Ghazal)، كانت تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا في ديسمبر 1998، تم اعتقالها بتهمة طعن مستوطن إسرائيلي في الجزء الشمالي من الضفة الغربية. تعرضت هذه الفتاة منذ لحظة اعتقالها وحتى انتهاء فترة الاحتجاز والاستجواب لأشد أنواع الانتهاكات وسوء المعاملة.

تصف سعاد هذه الفترة في شهادة أدلت بها تحت القسم، قائلة:

"صباح يوم 13 ديسمبر 1998، تم اعتقالي أمام مدخل مستوطنة تسفي شمرون .عندما كنت أريد مغادرة المكان، نزل مستوطنان إسرائيليان بملابس مدنية من سيارتهما وحاصراني. ثم بدأوا بضربي وانتزعوا الحجاب من رأسي. لم يتوقفوا وظلوا يضربونني باللكمات والركلات، وسحبوني عدة أمتار إلى داخل المستوطنة. داخل المستوطنة، هاجمني عدد كبير من المستوطنين والجنود بأحذيتهم وأسلحتهم، وكذلك باللكمات والركلات، وكانوا يسبونني ويهينونني باستمرار."

في العشرين من فبراير عام 2003، تعرضت ريهام موسى (Riham Musa) البالغة من العمر 15 عامًا لإطلاق نار من قبل جنود إسرائيليين. ادعى الجنود أنها كانت تنوي مهاجمة أحدهم باستخدام سكين. أقسمت ريهام في شهادتها أمام محامي قسم الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين قائلة:

"عندما رأني الجنود، أطلقوا النار علي فجأة. أصابتني رصاصة ٌفي بطني، لكنني لم أسقط على الأرض. وقفت في مكاني بلا حركة، ظننت أنه إذا لم أتحرك، سيتوقفون عن إطلاق النار. لكن أحد الجنود أطلق النار مجددًا على قدمي، فسقطت على الأرض. تجمع العديد من الجنود في تلك المنطقة وحاصروها. لكن لم يقترب أي منهم نحوي.

طلبوا مني من بعيد أن أخلع ملابسي حتى يتمكنوا من تفتيشها. لكنني قلت إنني لن أفعل ذلك حتى يُحضروا لي غطاءً آخر. لذلك، أحضروا لي غطاءً. تمكنت من خلع ملابسي تحت ذلك ورميتها نحوهم، بينما كنت مصابة ًودمائي تتدفق. أخذَ الجنود ملابسي لتفتيشها."

بعد فترة، تم نقل ريهام إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية. حتى بعد ذلك، تم تقييدها بسرير المستشفى. استمر هذا الأمر حتى انتهاء فترة علاجها.

طريقة الاعتقال الرابعة هي الاعتقالات الجماعية. في الواقع، منذ بداية هجمات جيش إسرائيل على المدن والقرى الفلسطينية، قام الجنود الإسرائيليون باعتقال مئات الأطفال الفلسطينيين ضمن اعتقالات جماعية. بدءًا من البحث من منزل إلى منزل في الأحياء الفلسطينية، إلى جمع الناس في الشوارع، وإعلانات الجيش العامة. كانت إعلانات الجيش تنص على أن جميع الأولاد والفتيات الفلسطينيين في الفئة العمرية من أربعة عشر إلى ستين عامًا يجب أن يخرجوا من منازلهم ويتجمعوا في المدرسة أو في المباني القريبة.

في أبريل 2002، أصدر القائد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية أمرًا عسكريًا يسمح للجنود الإسرائيليين باعتقال الفلسطينيين، حتى لو لم تكن هناك جريمة مرتَكبة ، لمدة تصل إلى 18 يومًا. لم يكن للفرد المحتجز الحق في مقابلة محامٍيه، ولم تعقد له أي محكمة. إن هذا القرار يسوي بين الأطفال والبالغين. وفقًا لتقارير منظمة العفو الدولية، خلال عدة أشهر فقط من عام 2002، تم اعتقال آلاف الفلسطينيين. يقدر المدافعون عن حقوق الإنسان أن عشرة في المئة منهم كانوا أطفالًا.

يقوم الجنود الإسرائيليون المدججون بأنواع الأسلحة بتنفيذ هذه العمليات وهم يتعاملون مع الأطفال كما لو كانوا بالغين. شهادات الأطفال المحتجزين لا تترك مجالا للشك في أن معظمهم تعرضوا لانتهاكات منهجية وشديدة. تشمل هذه الانتهاكات تقييد الأيدي وتعصيب العيون لفترات طويلة، والحصول على كميات ضئيلة جدًا من الطعام أو البقاء بدونه ، وعدم الوصول إلى الرعاية الطبية، والنوم في أماكن خارج المباني ودون فراش، واحتجاز المعتقلين في زنازين مكتظة وغير صحية، وأخيرًا التعرض للاعتداءات والانتهاكات الجسدية والنفسية المستمرة. تم الإبلاغ عن هذه الانتهاكات فقط خلال اعتقالات عام 2002. وغالبًا ما كان المحتجزون مجبرين على خلع ملابسهم حتى الخصر.

أفادت منظمة العفو الدولية في مايو 2002 قائلة:

"لم يُسمح للمحتجزين بإبلاغ عائلاتهم، وكانت قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) ووكالة الأمن التابعة للاحتلال (GSS)، وبسبب وجود آلاف المعتقلين في المراكز العسكرية، لم تقدم إحصاءات دقيقة وصحيحة عن المعلومات المتعلقة ببعض الأفراد.

أشد إيلاما هو مواجهة الفلسطينيين لمخاطر ومشكلات أكبر بعد الإفراج عنهم من السجن. لأن معظم مناطق الضفة الغربية تحت الاحتلال المباشر، وسكانها يعيشون في حالة من الحكم العسكري. لا تقدم القوات العسكرية أي دليل على الإفراج عن المعتقلين. ولا توجد أخبار عن استعادة وثائقهم الشخصية. نتيجة لذلك، يتعرض هؤلاء المعتقلون الذين يبدوا أنهم أحرار للخطر من التعرض لإطلاق النار والاعتقال مجددًا إذا واجهوا جنودًا إسرائيليين. وغالبًا ما يُجبر هؤلاء الأشخاص على الاحتماء في مبانٍ فارغة أو منازل الآخرين في نفس المنطقة.

هنا نذكر مثالًا واحدا من بين آلاف الأمثلة.

التصريحات التالية تتعلق بمراهق يبلغ من العمر سبعة عشر عامًا يُدعى "سامح عطا جودة". يروي قائلاً:

" في 30 مارس في الساعة 2:30 من منتصف الليل ، هاجمت مجموعة من الجنود الإسرائيليين منزلنا. دخل بعض الجنود المنزل بينما أحاط الآخرون بالمنزل. قام الجنود بتحطيم أغراض المنزل. اعتدوا علينا باللكمات والركلات . ثم نقلوني أنا وأخي بسيارة عسكرية إلى المدرسة.

احتُجزنا لمدة يومين في ساحة المدرسة بدون غطاء، بأيدٍ وعيون مشدودة وتحت المطر. كان الجنود يصرخون علينا ويضربوننا. بعد يومين، تم نقلنا إلى قاعدة "عوفر" العسكرية. قضينا ثلاثة أيام وليالي في ساحة بجوار مكتب التحقيق، بأيدٍ وعيون مشدودة تحت المطر. خلال هذه الأيام الثلاثة، لم يقدموا لنا ماءً أو طعامًا. بعد ثلاثة أيام، أخذوني للاستجواب.

كان المحققون يسألون أسئلة عامة، مثل من هم أصدقائي ومن يزورني. خلال الاستجواب، كانوا يضربونني ويهددونني. بعد الاستجواب، وضعوني مع 60 سجينًا آخر في خيمة صغيرة. لم يكن هناك أي غطاء لنغطي أنفسنا. والأسوأ من ذلك، كانت الخيمة ممزقة وكان المطر يتساقط إلى داخلها.

بعد يومين، تم نقلي إلى ثكنة عسكرية، وأخيرا بعد عدة أيام، تم نقلنا إلى مخيم "قلنديا". وهناك، تم الإفراج عنا . حتى عند النزول من الحافلة ضربونا. قضينا عدة أيام محبوسين في المدرسة. كانت حصتنا الغذائية قليلة جدًا. على سبيل المثال، كانوا يعطون تفاحة واحدة لأربعة سجناء ليتقاسموها فيما بينهم، أو وعاء من الزبادي لعشرة سجناء."

قامت منظمة العفو الدولية في عام 2002 بدراسة الاعتقالات التعسفية والسلوكيات غير الإنسانية والوحشية والمُهينة تجاه المعتقلين الفلسطينيين من قبل إسرائيل. ومع ذلك، وعلى الرغم من الإدانات الدولية، إلا أن الاعتقالات الجماعية كانت مستمرة.

في أبريل 2003، تعرض جيش إسرائيل لانتقادات واسعة بسبب سلوكه العنيف وغير الإنساني في اعتقال وطرد الفتيان والرجال الفلسطينيين المقيمين في مخيم اللاجئين "طولكرم". أودت عمليات الاعتقال إلى خلق رعب كبير بين الفلسطينيين، حيث كانوا يخشون أن يواجه المعتقلون مصير اللاجئين الفلسطينيين في السنوات 1948 إلى 1967.

لم يعد هؤلاء المعتقلون إلى منازلهم أبدًا. الأمر المرعب الأخر للشعب الفلسطيني هو احتمال بدء تطهير عرقي في المخيمات. أحد المعتقلين، "سامر عمر"، طفل يبلغ من العمر 17 عامًا من المخيم، يروي تجربته خلال عملية الاعتقال في أبريل 2003 قائلاً: "أمر الجنود الإسرائيليون عبر مكبرات الصوت الرجال والفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و40 عامًا بالتوجه إلى ساحة مدرسة البنات التابعة لوكالة الأمم المتحدة، أو فلينتظروا العقوبة.

بعد قليل، دخل الجنود منزلنا. هددونا بإطلاق النار علينا. لذلك، تصرفنا وفقًا للأوامر. تجمعنا مع آلاف من الرجال والفتيان من المخيم في ساحة مدرسة الأمم المتحدة. يعيش حوالي 18 ألف شخص في مخيم "طولكرم"، لذا يمكنك أن تتخيل عدد الرجال والفتيان الذين اضطروا لمغادرة منازلهم.

قام الجنود بتقسيمنا إلى عدة مجموعات، وكان على الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عامًا الوقوف بعيدًا عن الآخرين في زاوية. أخذونا إلى غرفة أخرى. سألنا القائد الإسرائيلي إذا كنا نرغب في العمل لصالح إسرائيل أم لا. قال إنه إذا تعاوننا سيقدم لنا المال. عندما غادر قائدهم، أجبرنا أحد الجنود على تمزيق صور الشهداء والبصق عليها.

كنا مضطرين للقيام بذلك فقط لأنه هددنا بسلاحه . نفس الجندي ألقى بالقرآن على الأرض وطلب من أحد المعتقلين أن يقف عليه. ولكن عندما رأى معارضته، وجه سلاحه إلى جبهة المعتقل وأجبره. في تلك اللحظة، دخل القائد الغرفة وتوقف الجندي عن العمل. عصبوا أعيننا، وقيدوا أيدينا من الخلف. وضعونا في شاحنة عسكرية كبيرة. كانت الساعة العاشرة صباحًا عندما توقفت الشاحنة. قال لنا الجنود إننا أحرار في الذهاب بشرط ألا نعود إلى منازلنا في مخيم "طولكرم".

بالنسبة لي، كانت هذه أسوأ لحظة من التعذيب. كنا قريبين من مخيم "نور الشمس". كنت أعلم أن سكان المخيم سيساعدوننا، لكنني كنت أخشى ألا أرى عائلتي مرة أخرى. كان الجميع يعتقد أن الإسرائيليين يخططون لطرد جميع الفلسطينيين من منازلهم مستغلين فرصة حرب العراق، وكنت أنا أحد أول الضحايا في آخر خطواتهم.

وهي خطوة تم تنفيذها لأول مرة في عام 1948 ثم أعيدت عام 1967. وهذه المرة في عام 2003 كانت قد حلت علينا المصيبة من جديد . بعد عدة أيام، تم إبلاغنا بأنه تم رفع الحظر العسكري وأن بإمكاننا العودة إلى منازلنا. على الرغم من أن العديد من أجزاء المخيم، بما في ذلك منزلنا، تعرضت للهجوم، إلا أني شعرت بالطمأنية والاستقرار، مشاعر لا يمكنني وصفها .

بدأ الجيش الإسرائيلي منذ عام 1999 سلسلة من الاعتقالات الجماعية بحق الأطفال الفلسطينيين بتهمة رمي الحجارة. بحيث يستهدف مجموعات الأطفال الفلسطينيين ويقوم باعتقالهم في أماكن مختلفة. قدمت اللجنة الفلسطينية للدفاع عن حقوق الإنسان أكثر من ألف قضية تتعلق بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا والذين تم اعتقالهم بهذه الطريقة. لا يتهم هؤلاء الأطفال بجرم محدد عند اعتقالهم، ولا يتمكنون من التمتع بالأدوات القانونية. تفصل إسرائيل هؤلاء المعتقلين عن العالم الخارجي، ولا توجد وسيلة لمعرفة ما تفعله إسرائيل بحق المعتقلين في مراكز الاحتجاز هذه.

هنا نتعرف على تجربة طفل فلسطيني. و هي حالة واحدة من آلاف التقارير التي قدمتها لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان. التقرير يتعلق بـ"مفيد حمامرة"، البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، من "هوسان" في منطقة "بيت لحم". حيث يقول:

"أخرجني الجنود. غطوا عيني بشال وربطوا يدي وقدمي. مشينا تقريبًا 300 متر حتى وصلنا إلى سيارة جيب إسرائيلي. وضعوني داخل السيارة بينما كان مكبر الصوت بجانب رأسي. كل بضع دقائق، كانوا يبثون شيئًا بصوت عالٍ. في تلك اللحظة، كان أحد الجنود يضربني بقوة على رأسي. كنت في السيارة لمدة عشرين دقيقة حتى وصلنا إلى مركز احتجاز "اِتزيون (Etzion )". تركوني لنصف ساعة بمفردي بقميص صيفي واحد في ذلك البرد القارس على الأرض."

تقرير آخر من "طارق الريباي"، البالغ من العمر سبعة عشر عامًا، من "دُورا" في منطقة "الخليل". يروي قائلا:

"ربط الجنود الإسرائيليون أيدينا من الخلف. عصبوا أعيننا بملابسنا وأجبرونا على الجلوس على الأرض لمدة ساعة... جاءت سيارة وأخذتنا إلى منطقة "الفوّار". في الطريق، كانوا يركلوننا ويشتموننا. ثم أخذونا إلى مركز"مجنونة" للاحتجاز وأجبرونا مرة أخرى على الجلوس على الأرض حتى بعد الظهر. بعد ذلك، جاءت سيارة أخرى لنقلنا إلى مركز احتجاز آخر.

خلال الطريق، لم يكن لدينا الحق في الحركة أو الكلام. طوال الوقت، كانوا يضربوننا ويشتموننا. ومن أجل ان يزيدوا من عذابنا، كانت السيارة تمشي ببطء حتى نصل إلى مركز الاحتجاز في وقت متأخر." أحد المعتقلين هو "س.ك" ذو الثلاثة عشر عامًا. تم اعتقاله في سبتمبر 1999 في منزله في "الجلازون".

"س.ك" تم وضعه فور اعتقاله في جيب عسكري تحرك لمدة ساعتين تقريبًا. لكنه في النهاية تم نقله إلى مركز "بيت ال" للاحتجاز الذي يبعد فقط كيلومترين عن منزله. بسبب طول مدة النقل، فقد "س.ك" تمامًا موقعه. كانت أسئلته للجنود عن المكان الذي يوجد فيه تظل بلا إجابة من الجنود الإسرائيليين.

تشير التقارير إلى أن النقل من مكان الاحتجاز إلى مركز الاحتجاز تتم إطالته عن عمد. ويعود ذلك لسببين: إما لكي لا يعرف الطفل المعتقل الوجهة والموقع ، أو لزيادة وقت الإساءة والتعذيب للأطفال، أو كليهما.

نادراً ما يقوم الجنود الصهاينة بإبلاغ العائلات عن مكان احتجاز أطفالهم. لذلك، فإن العثور على الأطفال يصبح أمرًا صعبًا ومعقدًا للغاية بالنسبة للعائلات. المنظمات الحقوقية هي المسؤولة عن العثور على أماكن احتجاز الأطفال الفلسطينيين.

وقد أفادت هذه المنظمات أن العثور على الأطفال الفلسطينيين يستغرق عدة أيام. والأسوأ من ذلك أن العديد من الأطفال المعتقلين هم دون سن 16 عامًا وليس لديهم بطاقات هوية بعد. ولذلك، فإن معلوماتهم لا تُسجل بشكل جيد في الملفات العسكرية. حتى عندما يتم تثبيت الأطفال في مراكز احتجاز ثابتة، لا يسمح الجيش بزيارة العائلات أو اللقاء بالمحامين.

أحد المحامين الذين يتابعون قضايا الأطفال الفلسطينيين يرى أن إسرائيل سمحت له بلقاء 10% فقط من الأطفال الذين يمثلهم قبل الجلسة الأولى للمحكمة.

يمتلك الجنود الإسرائيليون حرية كاملة في التعامل مع الأطفال المعتقلين. لا يوجد أي نوع من الرقابة الداخلية أو الخارجية على تصرفات الجنود. في بعض الحالات، يتوفى الأطفال الفلسطينيون بعد فترة قصيرة من اعتقالهم.

"مراد آويسا" توفي في عام 2002 وهو معتقل بيد الإسرائيليين، وكان عمره 17 عامًا فقط. في ديسمبر من نفس العام، تم العثور على جثة شاب فلسطيني بعمر 18 عامًا بعد دقائق من اعتقاله في الضفة الغربية على يد السكان. في البداية، أنكرت شرطة الحدود اعتقاله تمامًا، لكن بعد مزيد من التحقيقات وبعد ضغوطات من منظمات حقوق الإنسان الدولية، تم اعتقال أربعة من أعضاء شرطة الحدود. وقد أدينوا بقتل الشاب الفلسطيني البالغ من العمر 18 عامًا انتقامًا لمقتل أحد أصدقائهم على يد مقاتلين فلسطينيين. شهد القتلة بضرب طفل فلسطيني أمام الكاميرا.

مع استمرار التحقيقات، تم الكشف عن أنواع مختلفة من سوء المعاملة من قبل الشرطة الإسرائيلية. يُعتبر التعامل العنيف مع الأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك التعذيب الجسدي والنفسي، سمة رئيسية لعملية اعتقال الأطفال ونقلهم إلى مراكز الاحتجاز الإسرائيلية. تتم الاعتقالات دون أي إنذار مسبق. الصدمة التي تسببها الاعتقالات المفاجئة تجعل الشخص يشعر بعدم الاستقرار ويفقد الإحساس بالزمان والمكان. عادةً ما تتم الاعتقالات في المنزل في منتصف الليل. هذه الهجمات تحدث أثناء النوم وفي أضعف حالاته، مما ينتهك خصوصيتهم في المنزل الذي من المفروض أن يكون مأمنا لهم .

ما هو أكثر رعبًا هو أن المستوطنين الإسرائيليين أيضًا يُسمح لهم باعتقال الفلسطينيين دون الحاجة إلى أي حكم من المحكمة. بالطبع، يتم كل هذه الأعمال بشكل مدروس ومخطط له. الشعور بعدم الأمان والظلم في فلسطين يزداد، ولكن أفواه العديد من الدول لا تزال مغلقة، وأعينهم تتغافل هذا الظلم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة