قبل عام وفي مثل هذه الأيام، اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية في طهران عبر اعتدائها على الأراضي الإيرانية.
بهذه المناسبة سوف نراجع معكم حكاية محاولة إسرائيل قبل 33 عامًا اغتيال هنية وأصدقائه تدريجيًا.
قصة كيان أراد القضاء على حركة فكرية بالنفي والضغط، لكنه لم يكن يعلم أنها تُربي أفضل الشخصيات الواعدة في فلسطين.
ففي شتاء عام 1992، قام الجيش الإسرائيلي بأوامر من إسحاق رابين بطرد 415 من الفلسطينيين الأكثر نشاطاً ضد الاحتلال الصهيوني من غزة وكذلك الضفة الغربية.
وقد تم ترحيلهم في رحلة استغرقت 36 ساعة إلى منطقة جبلية نائية تسمى مرج الزهور؛ وهي منطقة باردة ويصعب الوصول إليها ولم تتمتع بأبسط امكانيات الحياة بين فلسطين المحتلة وجنوب لبنان.
وكان هدف الكيان الصهيوني واضحا:
الترحيل القسري لهؤلاء الأشخاص إلى لبنان وعزلهم وكسر معنوياتهم وتطهيرهم بهدوء.
وكان من بين المنفيين قيادات مثل إسماعيل هنية وعبد العزيز الرنتيسي ومحمود الزهار وحامد البيتاوي وغيرهم من الشخصيات الرئيسية في المقاومة المستقبلية.
ورغم الظروف الصعبة قرر هؤلاء القادة أن يقاوموا دون مغادرة التراب الفلسطيني.
وبعد ساعة من وصولهم إلى مرج الزهور، شكلوا فريقاً قيادياً وأقاموا مخيما على الحدود، وأطلقوا عليه اسم "مخيم العودة".
لقد تحمل كل واحد منهم مسؤولية في هذه الهيئة القيادية وتم تدريجيا إنشاء مسجد وبعدها علاقات عامة ثم مدرسة في الخيام.
وكان المتعلمون منهم يقومون بتدريس الأدب والقرآن والفقه والسياسة وتاريخ المقاومة للأطفال من القرى المجاورة ومن تم نفيهم معهم.
الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في هذه القضية هو عندما قرر هؤلاء الأشخاص في خطوة تاريخية، القيام بشيء لم يسبق له مثيل في تاريخ المقاومة الفلسطينية حتى ذلك الحين وهي مسيرة بارتداء الأكفان.
وأظهرت هذه المسيرة أن هؤلاء الناس مستعدون للتضحية بأرواحهم دون مغادرة الأرض الفلسطينية.
وأخيرًا وبعد عام من المقاومة والاحتجاجات المشابهة نجحوا في جذب انتباه العالم والمؤسسات الدولية وأجبروا إسرائيل على الانسحاب من موقفها والعودة إلى مدنهم.
ولم تكن إسرائيل تعلم أن العمود الفقري للمقاومة قد تشكل في مرج الزهور وأن عبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل هنية وغيرهما من قادة حماس والجهاد الإسلامي خرجوا من رحم هذه المنطقة.
وعلى عكس التوقعات الإسرائيلية فإن هذا النفي لم يؤد الي ضعف المقاومة، بل حولها إلى حركة قوية ضد الاحتلال والفصل العنصري.
الحقيقة هي أن نفس هذه الواقعة تتكرر اليوم.
فسياسة التجويع القسري والضغط والعقوبات تُدرّب آلافًا من أمثال إسماعيل هنية والصهاينة الخبثاء يزعمون بإنتصار أيدولوجيتهم المريضة.
ما هو رأيكم؟.