يقول الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي بصراحة:
"لا يوجد صراع إسرائيلي فلسطيني. الواقع هو احتلال إسرائيلي شامل يجب أن ينتهي".
هذه العبارة ، بغض النظر عمن يوافق عليها أم يعارضها، هي نقطة انطلاق مهمة لفهم سبب تكرار أزمة غزة.
أزمة لم يتغير هيكلها الأساسي على مدى العقدين الماضيين، رغم تغير الحكومات، القادة، وحتى التوازنات الإقليمية.
في تحليلاته الميدانية، لا تُوصف غزة بأنها "عدوة"، بل إنها ساحة منخفضة التكلفة لإسرائيل لممارسة سلطتها.
في كل مرة ترفع فيها غزة رأسها، لم يتشكل رد إسرائيل في سياق "حل القضية" بل في إطار "العقاب الجماعي".
هذا المنطق، الذي تكرر على مر السنين، حوّل غزة من قضية أمنية إلى نموذج إداري:
"السيطرة ، الحصار والعمليات الدورية التي يتم تنفيذها دون هدف سياسي واضح وليس لها إمكانية للانتهاء".
لكن ما أصبح أكثر بروزا في السنوات الأخيرة ليس مجرد استمرار لهذا النموذج ؛ بل هو تزايد الفجوة بين الواقع وسرد الواقع.
يشير ليفي مرارا وتكرارا إلى زيادة حجم الدمار، عدد اللاجئين والضحايا في غزة، لكن شريحة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي لا تزال ترى أن هذا الوضع ليس نتاجا للسياسات الإسرائيلية، بل كجزء من الحالة الطبيعية لـ "الصراع".
وهذا هو نفس الشيء الذي يسميه "أزمة الإنكار".
عندما يعجز المجتمع عن إدراك دوره في تشكيل الوضع الراهن.
من هذا المنظور، تعتبر غزة بمثابة مرآة للبنية السياسية والأخلاقية الإسرائيلية أكثر من كونها قضية خارجية.
اذا استمر النمط الذي اتبعناه لسنوات في إنتاج نفس النتائج كما في السابق – الدمار، العنف وانعدام الأمن المستدام - فإن السؤال الحقيقي لم يعد يتعلق بغزة.
السؤال يتعلق بإسرائيل نفسها:
"لماذا لا تزال تتكرر الإبادة الجماعية؟"