بسم الله وله الحمد والمجد وغاية آمال العارفين وحبيب قلوب الصادقين وأسنى صلواته وتحياته وبركاته على رحمته الكبرى للعالمين محمد وآله الطاهرين. سلام عليكم أعزائنا المستمعين، معكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج وموضوعها عن آثار زيارة أهل البيت ومعرفتهم – عليهم السلام –، في معرفة الله عزوجل والتوب إليه، تابعونا مشكورين.
صرحت كثير من الأحاديث الشريفة بأن الله جلت حكمته جعل زيارة وإعمار مشاهد أهل بيت النبوة – عليهم السلام – كزيارة وإعمار بيته الحرام من أهم الأعمال المقربة جاء في كتاب (روضة المتقين): روي عن أبي السائي واعظ أهل الحجاز قال: أتيت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فقلت: يا ابن رسول الله ما لمن زار قبره (يعني أميرالمؤمنين عليه السلام) وعمر تربته؟ قال: يا باعامر حدثني أبي، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي عن علي عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها – قلت يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن إن الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من عباده تحن (أي تشتاق) إليكم وتحتمل المذلة والأذى فيكم فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله ومودة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي والواردون حوضي وهم روادي غدا في الجنة. يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داوود عليه السلام على بناء البيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل له ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه فأبشر وبشر أوليائك ومحبيك من النعيم وقرة العين بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).
أيها الإخوة والأخوات، إن من أهم أهداف السالك إلى الله عزوجل تعميق معرفته بربه الكريم وصفاته وأسمائه الحسني، والنظر إليه حسب التعبير القرآني،.. وهذا الهدف لا يتحقق إلا بالارتباط بأوليائه المعصومين الكاملين صلوات الله عليهم أجمعين، لنتدبر معا أيها الأعزاء في الحديث الشريف التالي المبين لهذه الحقيقة السلوكية، فقد روى الصدوق في كتاب معاني الأخبار عن أبي الصلت عبد الله بن صالح الهروي قال: قلت لعلي بن موسي الرضا عليهما السلام يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقال: يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم على جميع خلقه من النبيين والملائكة وجعل طاعته طاعته، ومبايعته مبايعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته فقال الله عزوجل: "مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ" وقال: "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ" وقال "يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ" وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله جل جلاله، ودرجة النبي صلى الله عليه وآله أرفع الدرجات، فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى.
إن صفات الله عزوجل تتجلى في أوليائه المعصومين لأنهم سادات المتخلقين بأخلاقه عزوجل ولذلك كانت معرفتهم معرفة الله، جاء في تتمة هذا الحديث الشريف: قال الراوي أبوالصلت الهروي فقلت: يابن رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه: إن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟ فقال الرضا – عليه السلام –: يا أبا الصلت: من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفته وقال الله عزوجل "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ{۲٦} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{۲۷}" وقال عزوجل "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" فالنظر إلى وجه أنبياء الله ورسله وحججه في درجاتهم ثواب عظيم يوم القيامة: وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أبغض أهل بيتي وعترتي لم يرني ولم أره يوم القيامة – وقال صلى الله عليه وآله وسلم – إن منكم من لا يراني بعد أن يفارقني: يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يدرك بالأوصاف والأوهام.
مستمعينا الأفاضل نشكر لكم حسن المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (الطريق إلى الله) كونوا معنا في الحلقة المقبلة بمشيئة الله، من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران نودعكم ونستودعكم الله بكل خير في أمان الله.