بسم الله ولحمد لله والصلاة والسلام على أبواب رحمة الله المصطفى رسول الله وآله الهداة إلى الله.
السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله، تحية طيبة وأهلا بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نخصصها لحديث مروي عن مولانا الإمام الصادق _عليه السلام_ يشتمل على إشارات دقيقة لعظمة الآثار السلوكية والعرفانية لزيارة مشاهد أهل بيت النبوة _عليهم السلام_ لا سيما مولانا الإمام سيد الشهداء الحسين _عليه السلام_ تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل، ننقل لكم نص الحديث الشريف ثم نلخص دلالاته فيما يرتبط بموضوع البرنامج، الحديث المروي في الكافي وغيره بأسانيد معتبرة وصحيحة عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبد الله (الإمام الصادق) عليه السلام فقيل لي، ادخل فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول: "يا من خصنا بالكرامة وخصنا بالوصية ووعدنا الشفاعة وأعطانا علم ما مضى وما بقي وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، أسألك أن تغفر لي ولإخواني ولزوار قبر أبي الحسين عليه السلام الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم رغبة في برنا ورجاء لما عندك في صلتنا وسرورا أدخلوه على نبيك صلواتك عليه وآله وإجابة منهم لأمرنا وغيظا أدخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضاك فكافهم عنا بالرضوان واكلأهم بالليل والنهار وأخلف على أهاليهم وأولادهم بأحسن الخلف، وأكفهم شر كل جبار عنيد وكل ضعيف من خلقك أو شديد وشر شياطين الإنس والجن وأعطهم ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما آثروا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم، اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا وخلافا منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبد الله عليه السلام وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى توافيهم على الحوض يوم العطش".
مستمعينا الأفاضل، وتلاحظون في نص دعاء الإمام الصادق – عليه السلام – لزوار جده الحسين صلوات الله عليه إشارات متعددة للآثار السلوكية الكثيرة لهذا العمل، مثل كونه يرفع الزائر إلى مراتب سامية من مودة أهل البيت – عليهم السلام – والبراءة من أعدائهم، والدخول في حصن حمايتهم – عليهم السلام – والفوز بالرحمات الإلهية الخاصة بما أحب من عباده الصالحين.
لنتابع معا تتمة هذه الرواية، قال الراوي وهو معاوية بن وهب: فما زال الصادق _عليه السلام_ وهو ساجد يدعو بهذا الدعاء فلما انصرف قلت: جعلت فداك، لو أن هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج _يعني الحج المندوب وليس الفريضة_ فقال لي ما أقر بك منه؟ فما الذي يمنعك من إتيانه، ثم قال يا معاوية لم تدع ذلك؟ قلت: جعلت فداك لم أدر أن الأمر يبلغ هذا كله قال: يا معاوية من يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض، يا معاوية لا تدعه خوفا من أحد فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان عنده، أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أيها الإخوة والأخوات، يتضح من تتمة هذا الحديث الشريف أن زيارة مشاهد أهل بيت النبوة _صلوات الله عليهم_ وخاصة الإمام الحسين _عليه السلام_ عامل أساس في تقوية إرتباط المؤمن بصفوة أولياء الله عزوجل محمد وآله الطاهرين _عليهم السلام_ وهذا الإرتباط من شأنه أن يرسخ مودتهم ومحبتهم في قلبه، فإذا تحقق ذلك اندفع المؤمن _وبصورة لا إختيارية أحيانا_ إلى التحلي بصفاتهم وأخلاقهم، لأن المحب بطبيعته منجذب إلى من أحب ساع إلي التشبيه.. وهذا يعني أنه يتحرك باتجاه التحلي بصفات أحباء الله وبالتالي الفوز بالكرامات الإلهية الخاصة من المعرفة والمحبة الإلهية وهذه من أهم أهداف السالكين إلى الله عزوجل.
وبهذه الخلاصة نختم مستمعينا الأفاضل حلقة اليوم من برنامجكم (الطريق إلى الله) استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.
تقبل الله أعمالكم ودمتم بألف خير.