بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أبواب رحمة الله محمد رسول الله وآله الهداة إلى الله.
السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله، أهلا بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، نتناول فيه إشارات إلى اثنين من أصول المنهج المحمدي النقي في السير والسلوك إلى الله جل جلاله، الأول نأخذه من رساالة الإمام الجواد – عليه السلام – وهو أصل التمسك بولاية أئمة الحق والثاني أصل خدمة خلق الله الذي ذكره العارف الزاهد الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي في كتابه القيم (العقد الحسيني) تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل، للإمام محمد الجواد _عليه السلام_ رسالتان مهمتان لأحد أصحابه هو سعد الخير في الأولى يبين أن تحقق التقوى وهي زاد السلوك إلى الله لا يكون إلا بالبراءة من أئمة الضلالة المضلين، وفي الرسالة الثانية يبين أن سلوك الطريق إلى الله لا يتم إلا بالتمسك بولاية أئمة الحق وكلا الرسالتين مرويتين في كتاب الكافي، نقرأ لكم مقطعا مما جاء في الرسالة الثانية، جاء في الجزء الثامن من كتاب الكافي: (كتب أبو جعفر الإمام الجواد (عليه السلام) إلى سعد الخير: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه معرفة ما لا ينبغي تركه وطاعة من رضي الله رضاه، فقلت من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة لو تركته تعجب إن رضى الله وطاعته ونصيحته لا تقبل ولا توجد ولا تعرف إلا في عباد غرباء، أخلاء من الناس، _إلى أن قال (عليه السلام)_: يا أخي إن الله عزوجل جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون معهم على الأذى، يجيبون داعي الله ويدعون إلى الله فأبصرهم رحمك الله فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة أنهم يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله من العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من تائه ضال قد هدوه، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد وما أحسن أثرهم على العباد وأقبح آثار العباد عليهم.
أيها الإخوة والأخوات، أما الأصل الثاني من أصول منهج أهل بيت النبوة _عليهم السلام_ للوصول إلى الله فهو خدمة خلق الله، قال العارف الزاهد الشيخ التقي الحسين بن عبد الصمد الحارثي في كتابه (العقد الحسيني): إذا أراد [الحاكم العادل] الخروج للناس أن يقصد قضاء حاجات ذوي الحاجات من المؤمنين فإنها أكبر القربات عند الله وعند رسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين وقد جاء في ذلك من النص ما لا يحصى فمن ما رويناه في ذلك عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: لقضاء حاجة المؤمن أحب إلى الله من عشرين حج كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة ألف وقال (عليه السلام): قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة وخير من حملان ألف فرس في سبيل الله وقال (عليه السلام): ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلا ناده الله تبارك وتعالى ثوابك علي ولا أرضى لك الجنة.
ويقصد أيضا الإحسان للفقراء المحتاجين ليسرهم فقد رويت بسندي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من سر مؤمنا فقد سرني ومن سرني فقد سر الله وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): الخلق عيال الله وأحب الخلق إلى الله من نفع عياله وأدخل على أهل بيته سرورا.
ويقصد أيضا رد الظلم عن المظلومين وتفريج كربتهم بحسب الممكن فقد رويت بسندي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج كربته لم يزل في ظل الله الممدود عليه الرحمة وقال أيضا (عليه السلام): من أغاث أخاه اللهفان اللهثان فنفس كربته وأعانه على نجاح حاجته كتب الله له بذلك اثنين وسبعين رحمة يعجل له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته ويدخر إحدى وسبعين لأفزاع يوم القيامة وأهواله.
وبهذا يصير أفعال المولى بلغه الله آماله وحركاته وسكناته كلها عبادة وينال سعادة الآخرة كما نال سعادة الدنيا من كرم الله تعالى.
وبهذا ننهي أيها الأعزاء لقاء اليوم من برنامجكم (الطريق إلى الله) استمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.