بسم الله وله الحمد والمجد حبيب قلوب الصادقين وغاية آمال العارفين وأطيب صلواته وبركاته على وسيلة الفوز بمغفرته والأدلاء على رضوانه ومحبته نبي الرحمة الهادي المختار وآله الأطهار.
السلام عليكم أعزائنا المستمعين ورحمة الله، أهلا بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، نتعرف فيها إلى لمحة عن آثار زيارة مراقد إهل البيت _عليهم السلام_ في تقرب العباد إلي بارئهم جل وعلا، تابعونا على بركة الله.
اهتم عرفاء مدرسة الثقلين بزيارة أهل البيت والتوسل بهم – عليهم السلام – إلى الله عزوجل لما ثبت بالنصوص الشريفة وصدقته تجارب السالكين من شدة تأثيرها في الحصول على المعارف الإلهامية وترسيخ معرفة الله وحبه في القلوب. يقول العارف الورع الشيخ محمد تقي المجلسي في كتابه القيم (روضة المتقين): "روى الكليني، عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام ما لمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: كمن زار الله في عرشه قلت: فما لمن زار أحدا منكم؟ قال كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم" وعلق العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي على هذا الحديث قائلا: والظاهر أن المراد من زيارة الله فوق عرشه أن من صعد على العرش وحصل له الكرامة العظيمة من المعارف الإلهية كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في معراجه الصوري وكالأئمة عليهم السلام في معراجهم الروحي في كل ليلة جمعة كما ورد به الأخبار الكثيرة لا يكون كمال فوقه، فكل من زارهم يحصل له رتبة من القرب المعنوي بالنسبة إليه، مثل الكمال الذي يحصل لهم في رتبتهم (أو) كما يحصل عليه المؤمنون في الجنة بالصعود على العرش لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام.
وتابع الشيخ محمد تقي المجلسي بيانه لأثر زيارة المعصومين والتوسل بهم _عليهم السلام_ للقرب من الله عزوجل، قائلا: (بل هذه الزيارات معراجهم، كما أن الصلاة معراجهم، وبالجملة فالذي يظهر من الأخبار والتجارب أنه لا تحصل المثوبات والكمالات إلا بالتوسل إلى أئمة الهدى عليهم السلام معنى أو صورة، وإذا اجتمعا فهو نور يهدي الله لنوره من يشاء فإن زيارة الله في العرش يوم القيامة زيارتهم كما أن محبتهم محبة الله، وإطاعتهم إطاعة الله ونصرتهم نصرة الله وبغضهم بغض الله، وسبهم سب الله، لأنهم خلفاء الله تعالى، وظاهر أن من أهان خليفة الملك فقد أهان الملك ومن أعزه فقد أعزه. روى الكليني في القوي – أي بسند قوي – عن يونس بن وهب القصري قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك أتيتك ولم أزر أميرالمؤمنين عليه السلام قال بئس ما صنعت لولا أنك من شيعتنا ما نظرت إليك – ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة وتزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون؟ فقلت: جعلت فداك ما علمت ذلك قال اعلم أن أميرالمؤمنين عليه السلام أفضل عند الله من الأئمة كلهم وله ثواب أعمالهم وعلى قدر أعمالهم فضلوا.
ونقل العارف الزاهد الشيخ محمد تقي المجلسي طائفة من الأحاديث الشريفة المبينة لأهمية زيارة مراقد أهل البيت – عليهم السلام – في حصول السالك على المعارف الإلهامية، قال – رضوان الله عليه –: (عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: من زار أميرالمؤمنين عليه السلام ماشيا كتب الله له بكل خطوة حجة وعمرة فإن رجع ماشيا كتب الله له بكل خطوة حجتين وعمرتين. وعن أبي عبد الله بن طلحة النهدي قال: دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا عبد الله ابن طلحة ما تزور قبر أبي الحسين عليه السلام؟ قلت: بلي إنا لنأتيه قال: تأتونه كل جمعة؟ قلت: لا قال: تأتونه كل شهر؟ قلت: لا قال: ما أجفاكم إن زيارته تعدل حجة وعمرة، وزيارة أبي علي – عليه السلام – تعدل حجتين وعمرتين وعن جعفر بن محمد بن مالك، عن رجاله يرفعه قال: كنت عند جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وقد ذكر أميرالمؤمنين عليه السلام فقال ابن مارد لأبي عبد الله عليه السلام ما لمن زار جدك أميرالمؤمنين عليه السلام؟ فقال: يا ابن مارد: من زار جدي عارفا بحقه كتب الله له بكل خطوة حجة مقبولة وعمرة مبرورة، والله يابن مارد ما يطعم الله النار قدما اغبرت في زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام ماشيا أو راكبا – يابن مارد اكتب هذا الحديث بماء الذهب.
ولا يخفى عليكم مستمعينا الأفاضل أن في الحديث الأخير إشارة إلى أن زيارة أولياء الله عليهم السلام كلما كانت عن معرفة أعمق بمقاماتهم كلما كان أثرها في التقريب من الله عزوجل أشد وأقوى.
وبهذه الملاحظة نختم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران أعزائنا حلقة اليوم من برنامجكم (الطريق إلى الله) نشكر لكم طيب الإستماع ودمتم سالمين.