موضوع البرنامج:
فاطمة بهجة المصطفى
السلام عليكم إخوتنا وأخواتنا محبي الزهراء فاطمة.
يسرنا أن نكون في خدمتكم ونحن نرافقكم في مشهد آخر من مشاهد سيرة سيدة نساء العامين-عليهما السلام-.
ومشهد هذا اللقاء يعود بنا الى الأيام الأخيرة التي قضتها مولاتنا فاطمة في مكة المكرمة قلب الهجرة رافقونا على بركة الله.
أم أيمن: أراك تعد نفسك لسفر يازيد.
زيد: أجل، يا أم أيمن، لقد أذن لي محمد (ص) أن أرافقه الى الطائف في رحلة يدعو فيها ثقيفا الى الاسلام.
أم أيمن: أوليس قد اعتاد أن يرافقه علي في تطوافه على قبائل العرب.
زيد: بلى ولكن رحلته هذه قد تطول عشرة أيام، ولذلك أذن لي أن أرافقه فيها مع علي.
أم أيمن: عشرة أيام.
زيد: نعم ، عشرة أيام وقد تطول أكثر من ذلك.
أم أيمن: يالهفي وتقول قد تطول أكثر؟ !
زيد: نعم، هكذا أخبرني رسول الله ماالذي يؤذيك في هذا يا أم أيمن.. هل هو الشوق لرسول الله.
أم أيمن: يعز علي فراق رسول الله هذه المدة، ولكن مايؤذيني أكثر هو ماستعانيه ابنته فاطمة من هذا الفراق.
زيد: ستبقين معها خلال غيبة رسول الله كما اعتدت في رحلاته السابقة فلماذا ستتأذى فاطمة هذه المرة؟
أم أيمن: غفر الله لك يازيد، كأنك لاتعرف فاطمة وشدة حبها لرسول الله.
زيد: بلى، لي علم بذلك، وقد علمت أنها رغبت في أن ترافقه في رحلاته السابقة لكي تعينه على صعابها.
أم أيمن: وإذ لم يأذن رسول الله لها بذلك كنت أرى شدة صعوبة فراقها له وغيبته عنها.. كم كانت تتأذى لذلك.
زيد: أوكان ذلك منها رغم علمها بأن عليا معه يرافقه ويدفع عنه الأذى؟
أم أيمن: إي والله، لهفي عليها كما سيشق عليها أن تفارقه هذه المرة عشرة أيام أو أكثر.
زيد: كأن رسول الله قد أذن لي بمرافقته هذه المرة ليخفف عن فاطمة ماتعانيه ويطمئن قلبها.
أم أيمن: الأمر كما تقول يا أباأسامة، توكل على الله للذهاب مع رسول الله وسأعد نفسي للبقاء عند فاطمة خلال هذه الأيام.
زيد وأم أيمن: توكلنا على الله... توكلنا على الله..
وذهب رسول الله –صلى الله عليه وآله – الى الطائف ومعه علي – عليه السلام- وزيد بن حارثة.
وعرض الاسلام على زعماء ثقيف أكبر قبائلها وطلب نصرتهم لله وأن يمنعونه من قريش.
رجل ۱: إن استجبنا لدعوتك ودخلنا في دينك ونصرناك ومنعناك من قريش فهل يكون لنا ملك العرب من بعدك يا محمد؟
رجل ۲: هذا شرطنا وكل زعماء ثقيف لقبول دعوتك يامحمد، إن قبلت أجبناك ونصرناك وإن أبيت تركناك وقومك يسومونكم العذاب.
لم يرض رسول الله بشرطهم الجاهلي وأجابهم بمنطق السفير الإلهي:
قال –صلى الله عليه وآله- : ليس لي من الأمر شيء إنما الأمر بيد الله هو ربي وهو أعلم حيث يجعل رسالته.
رجل ۱: يا قوم ما أنتم فاعلون بمحمد وقد أبى أن يستجيب لشرطنا وسفه قولنا.
رجل ۲: إن قومه قد نبذوه فلن يثأروا له إذا عاقبناه على رده قولنا.
رجل ۱: ولكن لاينبغي لنا أن نبطش به في ديارنا وهو ضيفنا فتكون لنا سبة وعار علينا بين العرب الى الأبد.. حذار من ذلك ياقوم.
رجل ۲: ولكن لاينبغي أن نتركه دون أن نثأر لتسفيهه قولنا، فماذا ترى يا سيد ثقيف.
رجل ۱: أرى أن تكتفوا بإخراجه من ديارنا ذليلا.
رجل ۲: وكيف نخرجه ذليلا؟
رجل ۱: جيشوا غلمانكم لكي يرموه بالحجارة ويؤذوه حتى يخرج عنا مدحورا.
زيد: لقد أبليت بلاء حسنا في صد الحجارة عن رسول الله يا علي.. ولكنها كثيرة العدد والرامون كثر، آه.. لقد أصاب بعضها رسول الله.
وخرج رسول الله –صلى الله عليه وآله- من ديار ثقيف منصرفا الى مكة فجلس يستريح في ظل شجرة عنب.
وهناك دعا ربه قائلا: اللهم إني أشكو اليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهو اني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، الى من تكلني، الى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات من أن ينزل بي غضبك أويحل علي سخطك، لكن لك العتبى حتى ترضى ولاحول ولاقوة إلا بك.
زيد: ها قد عدت يا أم أيمن من بيت رسول الله.
أم أيمن: ليتك رأيته يا زيد وهو يحتضن ابنته فاطمة، لقد أبهجته رؤيتها وأزاحت عن قلبه تعب رحلته هذه.
زيد: وكم كانت متعبة وشاقة لقد آذاه أهل الطائف بأكثر مما آذاه غيرهم من المشركين..
أم أيمن: لقد عرفت ذلك من الجراحات التي شاهدتها عليه ولكن يبدو أن بهجته بلقاء فاطمة قد أنسته أذاه.
زيد: وكيف تلقته فاطمة وهو على تلك الحالة؟ لابد أن الأمر كان صعبا عليها أيضا.
أم أيمن: هي الأخرى أنساها مارأته من جراحات رسول الله فرحتها بعودته.
زيد: ساعدها الله.
أم أيمن: لقد تركتها وهي تضمد جراحاته وتنظف ثيابه ولسانها يلهج بالدعاء مسترجعة مخففة عنه ما يلقاه في سبيل الله.