موضوع البرنامج:
فدك لمعيلة المساكين
سلام من الله عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله.
ولكم مني أيها الأحبة أجمل تحية أهديها لكم في مطلع لقاء آخر ومع مشاهد من سيرة الزهراء وفي مشهد نعيدكم فيه إلى المدينة المنورة وفي السنة السابعة للهجرة.
وقد غمرت طيبة الخير مشاعر البهجة والسرور بفتح خيبر وبعودة جعفر ومن معه من مهاجري الحبشة.
غانم: آه، الحمد لله، إنه زيد، أدخل يابن محمد، أدخل رحمك الله يا زيد، لقد عرفتك من كيفية دقك الباب.
زيد: السلام عليك يا غانم.
غانم: وعليك السلام يابن رسول الله، يا زيد بن محمد أهلاً بك.
زيد: إنسبني لأبي حارثة يا غانم ولا تقل ابن محمد.
غانم: ولم يا زيد؟ لقد وجدتك من قبل تأنس كثيراً عندما أنسبك لرسول الله.
زيد: ولا زلت والله شديد الأنس أن تقول لي يا ابن محمد ولكن الأمر أمر الله والتسليم له أولى.
غانم: أمر الله! أي أمر تعني يا ابن حارثة؟
زيد: لقد أنزل الله في أمري قرآناً نهى أن ينسب أي من رجال المسلمين وأنا منهم.
غانم: ولكنك ربيب رسول الله يا زيد، ومن عادة العرب أن تنسب الربيب وإن كان مولى إلى سيده.
زيد: لقد جاء أمر الله ليبطل ذلك، والأمر مع رسول الله أعظم شأناً.
غانم: الطاعة لله ولرسوله يا زيد بن حارثة، لقد علمت من قبل أن الله جعل ولد رسول الله في ذرية ابنته فاطمة.
زيد: وأي ذرية أزكى من ذريتها، والله لم أجد أحداً أحب إلى رسول الله من ابنته فاطمة وبعلها وذريتها.
غانم: الأمر والله كما تقول يا زيد إنها الذرية الطيبة بعضها من بعض.
زيد: لا أطيل عليك يا غانم وأنت مريض، خذ ما جئتك به من رزق الله، أعانك الله على ما ابتلاك به من المرض، خذ رحمك الله.
غانم: جزاك الله خيراً يا زيد، أما والله إني لعاجز عن شكرك، لقد وجدتك بي باراً ولي وصولاً وقد قطعني غيرك منذ أن ابتلاني الله بهذا المرض فعجزت عن الكسب والعمل.
زيد: الشكر لله ورسوله وبضعته فاطمة، فالفضل لهم يا غانم، إنما أنا رسول فاطمة وكل ما جئتك به هو مما آثرتك به على نفسها وولدها.
غانم: ها، ما الذي تقوله يا زيد؟! أهذا العون الذي تأتيني به هو من بنت رسول الله؟
زيد: إي والله يا غانم هو من عطاء فاطمة.
غانم: ولماذا لم تخبرني بذلك من قبل كي أبعث عيالي لتشكوها؟
زيد: لم تكن فاطمة لترضى بذلك، ولعلها لا ترضى اليوم بكشف الأمر، إنها لا تريد من غير الله جزاء ولا شكوراً.
غانم: سلام الله على بنت رسول الله، سلام الله على فاطمة.
زيد: والله ما كنت لأخبرك بذلك إلا ما كان اليوم من ذكرك لها.
غانم: يا زيد أسألك أن تحمل عني رسالة إليها أمانة.
زيد: قل يا غانم إني موصل لها رسالتك إن شاء الله.
غانم: قد علمت أن الله لا يرد دعوة لفاطمة فاطلب منها أن تدعو الله لي بالشفاء لكي أكفيها مؤونة إعانتي.
زيد: إنما تتقرب فاطمة بذلك يا غانم إلى الله، فلا تبتئس، ولكني سأنقل طلبك إليها فلتقر عينك.
أم أيمن: بشراك يا زيد، بشراك يا أبا أسامة.
زيد: خيراً إن شاء الله، يبدو أن البشارة سارة إلى درجة أنستك السلام والتحية يا أم أيمن.
أم أيمن: عفواً يا زيد، السلام عليك.. نعم والله إنها لبشرى سارة.
زيد: وعليك السلام، إذن فبشريني بها رحمك الله.
أم أيمن: لقد أنزل الله قرآناً في فاطمة وأمر رسوله أن يعطيها فدكاً.
زيد: فدك؟! قد علمت أن الله قد فتح على رسوله هذه القرية الفيحاء دون قتال.
أم أيمن: أجل، إذ إن أهلها لما سمعوا بفتح خيبر وما فعله ابو الحسن علي بفارسهم مرحب اليهودي، بعثوا لرسول الله يسألونه أن يجليهم دون قتال ويتركون له هذه القرية الوفيرة البركات.
زيد: إذن فهذه القرية ليست من فيء المسلمين، بل هي من الأنفال التي لله ورسوله خاصة، فأمره الله أن يعطيها لفاطمة.
نزل جبرئيل الأمين على رسول الله – صلى الله عليه وآله – وقال له: يا محمد، العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول لك "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ"(وهذه الآية وردت في سورتي الإسراء ۲٦ والروم۳۸)
فقال – صلى الله عليه وآله -: حبيبي جبرئيل، ومن ذو القربى وما هو حقه.
ثم أتى جبرئيل الأمين بجواب الله عزوجل على سؤاله، فقال: يا محمد، ذو القربى فاطمة وولدها، إدفع فدك إلى فاطمة، وهي من ميراثها من أمها خديجة.
فدعا رسول الله – صلى الله عليه وآله – فاطمة وقال لها: يا فاطمة، هذه فدك، هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وهي لي خاصة دون المسلمين، وقد جعلتها لك لما أمرني الله به، فخذيها لك ولولدك.
فقالت – عليها السلام -: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، لكني لا أحدث فيها حدث وأنت حي، أنت أولى بي من نفسي ومالي، أنفذ فيها أمرك يا رسول الله.
فأمرها أن تستلمها منه لتتم الحجة على الناس وقال: يا بنيتي أكره أن يجعلوها عليك سبة فيمنعوك إياها من بعدي.
ثم جمع الناس وأخبرهم بالأمر، فاعترض بعضهم، فقال – صلى الله عليه وآله -: والله ما أنا أمرت لفاطمة وولدها بفدك، ولكن الله أمر لهم بها.
زيد: ها يا غانم، الحمد لله على معافاتك، كأني أرى الله قد استجاب دعوة فاطمة وعافاك من علتك.
غانم: الحمد لله وشكراً لإبنة رسوله على جميل دعوتها لي، الحمد لله.
زيد: ولكن ما الذي أخرجك في هذه الساعة يا غانم.
غانم: خرجت أبتغي فضل الله كسباً للمعاش، لكنني لم أجد من أصحاب المزارع من يستأجرني للعمل في مزرعته، لا أدري ما أفعل وإلى من ألجأ.. لقد دعوت الله وأنتظر الفرج منه.
زيد: الحمد لله، لقد أجاب الله دعوتك يا غانم فأبشر بالفرج.
غانم: بشرك بكل بخير يا زيد، كيف علمت باستجابة دعائي؟
زيد: أبشرك أن أم الحسنين فاطمة قد بعثتني إليك تدعوك للعمل في فدك ولك جميع ما تحصده من زرعك فيما خصصته لك من أرض هذه المزرعة المعطاء.
غانم: الحمد لله والشكر له ولمولاتي فاطمة على ما أغنتني من فضل، الحمد لله ولها الشكر.. ولكن.
زيد: وأي ولكن يا غانم؟
غانم: ولكن يا زيد أخبر مولاتي فاطمة أن لها الخمس من حصادي تصرفه فيما تحب.
زيد: جزاك الله خيراً يا غانم ولا أشك بأنها ستتصدق بهذا الخمس أيضاً على فقراء المدينة.