موضوع البرنامج:
رائحة الجنة وثمارها
السلام عليكم أيها الأعزاء وأهلا بكم في لقاء آخر من رحلتنا مع مشاهد السيرة الفاطمية المباركة. ولقاؤنا أيها الأفاضل في هذه الحلقة مع مشهد التدبير الإلهي لإنزال النور الفاطمي وولادتها عليها السلام طبق ما روته مصادر التأريخ المعتبرة ... وقد روت مصادرنا المعتبرة عن رسول الله – صلى الله عليه وآله- أنه قال: إن الله عزوجل خلق فاطمة من نور العظمة الممزوج بنور الرحمة. ومبدأ خلقها -سلام الله عليها- يرجع الى حادثة الإسراء العظيمة التي خلدها القرآن الكريم في قوله عز من قائل: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" (سورة الإسراء الآية۱)
*******
سلمى: قم يا ولدي ويا قرة عيني وثمرة فؤادي.. قم والعب مع الصبية وهذه قبلة لك من أمك ... إذهب بارك الله فيك يا ولدي.جابر الأنصاري: سبحان الله مغير الأحوال.. سبحان الله مغير الأحوال مما أسمع وأرى يا سلمى. سلمى: وماذا سمعت ورأيت فأثار تعجبك يا جابر؟ جابر: أثارتعجبي ما رأيته من زوجتي العزيزة سلمى وهي تفعله مع ولدها اليوم. سلمى: أعاذك الله من الهمز واللمز يا جابر فويل لكل همزة لمزة يا جابر. جابر: لا والله ياسلمى، ماهي همزة ولا لمزة، وإنما هي فرحة أردت التعبير عنها لما رأيته اليوم منك ياابنة عمي، فلطالما آذاني كثرة تعنيفك لولدنا الصغير هذا. سلمى: أنصفني يا جابر رحمك الله فقد تعلم أني شديدة الرأفة بولدي حريصة على دفع الأذى عنه، ومن حرصي أعنفه على بعض فعاله أحيانا. جابر: أعلم ذلك يا سلمى ولكني سمعت رسول الله يأمر بالرفق ويقول إن الله يعطي عليه ما لايعطي على العنف. سلمى: صدقت ياجابر وصدق رسول الله – صلى الله عليه وآله- وأسأل الله العون أن يرزقني الرفق بولدي ويجنبني تعنيفهم. جابر: اللهم آمين، آمين، ولكن لم تجيبيني ياسلمى عن سر تغيرك وما رأيته اليوم منك وأنت تخاطبين ولدك بهذه المحبة التي لم أرها منك من قبل. سلمى: أجيبك ياجابر مادمت قد سرك مارأيته مني أما والله لقد سرني لطفك بولدك كثيرا، فمن الذي بعثه فيك ياابنة عامر. سلمى: هو والله من بركة سيدتي فاطمة بنت محمد – صلى الله عليه وآله- وما رأيته منها.
*******
جابر: سبحان الله وماالذي رأيته من بنت رسول الله فغير حالك يا سلمى الى أحسن الحال.. سلمى: رأيت بالأمس صبية يلعبون عند بابها فزبرهم بعض ولد عمك. رجل: ويلكم يا أولاد إبتعدوا بلعبكم عن بيت فاطمة ولاتؤذوها ففي أذاها أذى الله ورسوله.. إبتعدوا يا أولاد إبتعدوا. سلمى: وكأنها سمعت قوله ففتحت الباب وخرجت إليهم بخبز، أطعمتهم منه وترفقت بهم وتلطفت اليهم بأجمل القول وكأنها تخاطب ولديها الحسنين.. فرجعوا الى بيوتهم فرحين وانقلبوا بلطف بنت رسول الله مستبشرين...
*******
جابر: نعم الأسوة الحسنة فاطمة بضعة رسول الله يا سلمى. سلمى: هي والله كذلك ياجابر، فقد أثر في فعلها الكريم ونفذ الى قلبي وندمت على طول تعنيفي لولدي، فكان مني مارأيت اليوم تجاهه.. جابر: لورأيت ياسلمى فعل رسول الله مع ابنته فاطمة لعلمت أن خلقهما واحد.. سلمى: بلى ياجابر لقد سمعت من بعض أزواجه أنه – صلى الله عليه وآله- يكثرمن تقبيله فاطمة ويخصها بذلك وهذا مما لم تعرفه العرب مع أولادهم من قبل. جابر: هو من طيب خلقه – صلى الله عليه وآله – ولكن له مع فاطمة سر آخر. سلمى: سر آخر؟! وما هو ياجابر؟ جابر: إنه سر فاطمة ياسلمى، سر خلقها من ثمار الجنة كلها يوم أسرى بأبيها – صلى الله عليه وآله – وعرج به الى السماء وأدخل جنان الرحمان.. ولقد سمعت من اعترضت عليه قائلة:
*******
إمراة (بتذمر): عجبا منك يارسول الله، أراك تكثر تقبيل فاطمة وتلثمها وتلزمها وتدنيها منك وتفعل بها ما لاتفعله بأحد من بناتك.. فأجابها – صلى الله عليه وآله-: إن جبرئيل أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها فتحولت ماء في صلبي ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فأنا أشم منها رائحة الجنة.. سلمى: قد علمت الآن ياجابر سر مارأيته منه – صلى الله عليه وآله – من شم التفاحة إذا قدمت إليه.. كأنه يكرم ذكر تفاحة فاطمة.. جابر: الأمر فوق ماتقولين ياسلمى، فلقد أطعمه الله من صفوة ثمار الجنة تمهيدا لخلق فاطمة وليس من تفاحها وحسب. سلمى: وكيف ذاك ياجابر؟ جابر: والله لقد سمعته يقول: لما عرج بي الى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة فإذا أنا بشجرة من نور ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت نطفة في صلبي فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية إذ اشتقت الى الجنة شممت فاطمة. ولقد أدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني ثمارها فأكلتها فحول الله ذلك ماء في صلبي.. فما قبلت فاطمة قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها...
*******
وهكذا مستمعينا الأعزاء كان خلق فاطمة ونزول نورها من شجرة طوبى سيدة أشجار النور الإلهية. فكانت – سلام الله عليها – مجمع كل خصال النور والخير والبركة الإلهية وكانت الصديقة الكبرى.
*******