لكن ماذا يقول التاريخ؟
هل إيران مستعدة حقًا للتنازل عن الميدان لصالح منافسيها الأكثر قوة؟.
"في أبريل 2024 وبعد الهجوم الإسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في سوريا ردت طهران بطريقة غير مسبوقة، حيث تم إطلاق أكثر من 350 صاروخ باليستي وصواريخ كروز وطائرات مسيرة بإتجاه إسرائيل.
فهذه كانت أول هجمة مباشرة من طهران ضد الكيان المحتل وهي التي أظهرت أن طهران انتقلت من مجرد الدبلوماسية إلى استخدام القوة الصارمة ضد أعدائها، لكن لماذا تمت هذه الخطوة ؟".
"يظهر التاريخ أن إيران لا تتراجع تحت الضغط فحسب بل إنها تتحدى أعداءها في كثير من الأحيان عبر استراتيجيات ذكية وهجمات مضادة. فمنذ نهاية الحرب المفروضة مع العراق في عام 1988 وإلى سقوط طالبان وصدام في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت طهران تستثمر التغييرات الإقليمية لتعزيز موقفها دوما.
وقد رأينا نفس الاستراتيجية رداً على سياسة ترامب في ممارسة أقصى قدر من الضغط ضدها: فبدلاً من الاستسلام اتجهت إيران إلى هجمات غير متقارنة وحمّلَت بهذا التكتيك تكاليف كبيرة علي أعدائها."
"في يوليو 2024 قامت إسرائيل بخطوة جريئة واغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" "إسماعيل هنية" في طهران. لكن بدلا من الحد من نفوذ إيران أدي هذا الأمر إلى التصعيد في الصراعات والمواجهات. وقد أظهر التاريخ أنه حتى خطوات مثل اغتيال الشهيد "قاسم سليماني" بيد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لم تقلص من قوة إيران ونفوذها الإقليمي، بل على العكس، حافظت إيران دائما على مكانتها من خلال الاعتماد على قدراتها العسكرية و السياسية."
"ولكن لماذا لم تعد السياسات الأمريكية تعمل كما كانت في الماضي؟ فمن جانب لازالت الصين وبعض الدول الأخرى تعمل علي طرق معقدة للالتفاف علي سياسة الحظر الأمريكي وتستمر بشراء النفط الإيراني.
ومن جانب آخر نري أن الدول المطلة علي الخليج الفارسي والتي كانت ذات يوم تدعم السياسات الأمريكية الصارمة ضد إيران فهي أصبحت الآن تفضل التعاون مع إيران بدلاً من مواجهتها، فجعلت هذه التغييرات أدوات الضغط التي كانت تستخدمها واشنطن أقل فاعلية تجاه ايران."
" وإلى جانب هذه التغييرات هناك أدلة على أن إيران ربما تتحرك نحو التحول في عقيدتها الدفاعية. فللمرة الأولى منذ عقدين من الزمن، تحدث المسؤولون في إيران علناً عن تجاوز حدود تجنب الأسلحة النووية. فهل هذه إشارات على تغييرات أعمق في السياسة الدفاعية الإيرانية؟.
" لقد أظهر تاريخ الثورة الإسلامية في إيران وعلي مدي اكثر من 45 عاماً أن هذا البلد لا يستسلم في مواجهة الأزمات الكبرى فحسب، بل يحول بذكاء ومرونة عالية هذه الضغوطات والتهديدات الي فرص يمكن الاستفادة منها.
فهل تستطيع السياسات الأمريكية والإسرائيلية تغيير هذا النموذج؟.
وهل تتجه العقيدة الدفاعية الإيرانية لتشهد تحولات أكبر في المستقبل؟.
ما هو رأيكم؟.