البث المباشر

علي(ع) في آية (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ...)

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 13:13 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 7

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله الذي انزل الينا نعمة القرآن، وأسمى الصلاة والسلام على محمد نبي الايمان وعلى آله اولياء الرحمان.
ايها الإخوة المؤمنون... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حيّاكم الله واهلاً بكم.
في تاريخ القرآن الكريم حقائق لابدّ لكل مسلم ان يطّلع عليها، فهي ترسم له مشاهد هادية الى السبيل الأسلم للتعرّف على مفاهيم كتاب الله ومقاصده ومعارفه من ذلك أنّ الامام علياً (عليه السلام) كان اكثر صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) اطلاعاً على الوحي، وأشدّهم فهماً للآيات وأحفظهم لها، حتى قال عبد الله بن مسعود: قرأت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعين سورة، وختمت القرآن على خير الناس علي بن ابي طالب. روى ذلك: الخوارزمي الحنفي في (المناقب)، والبدخشي في (مفتاح النجا في مناقب اهل العبا).
وبعد رحيل النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كان الامام عليٌ (عليه السلام) أول من تصدّى لاحتضان القرآن الكريم، فقال: لمّا قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقسمت أن لا أضع ردائي على ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي على ظهري حتى جمعت القرآن. روى هذا: الحافظ ابو نعيم الاصفهاني في (حلية الأولياء) والايجي الشافعي في (توضيح الدلائل).
وأكد ذلك ابن النديم في (الفهرست)، فذكر أنّ علياً رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، فأقسم أنه لا يضع عن ظهره رداءه حتى يجمع القرآن، فجلس في بيته ثلاثة ايام حتى جمع القرآن، فهو أول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه.

*******



بعد هذه الحقيقة –اخوتنا الاحبة الاكارم- لا نشك أنّ الامام علياً (عليه السلام) كان الأدرى بكتاب الله من غيره، فإذا قال فيه شيئاً كان قوله الأدقّ والأرضى عند كل مؤمن ومسلم، وقد قال (سلام الله عليه):
"نزل القرآن أرباعاً: فربعٌ فينا، وربعٌ في عدّونا، وربعٌ أمثالٌ، وربعٌ فرائض وأحكام، ولنا كرائم القرآن. أورد هذه الرواية: الحافظ أبو نعيم في كتابه (النور المشتعل... أو: ما نزل من القرآن في عليّ)، والايجيّ الشافعي في (توضيح الدلائل)، بإسنادهما الى الأصبغ بن نباتة، فيما ذكر أنّ هذا المعنى الشريف مستفادٌ من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واقفاً فيه على تأكيد في علي (عليه السلام).. فقد جاء في (شواهد التنزيل) للحسكانيّ الحنفي، " أنّ رسول الله قال لأصحابه: إنّ القرآن أربعة أرباع: فربعٌ فينا اهل البيت خاصة،وربع في اعدائنا وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكامٌ، وإنّ الله انزل في علي كرائم القرآن. هكذا رويت رواية عن ابن عباس، أكّدها الحافظ ابو نعيم بأسانيد عديدة في كتابه (النور المشتعل).
ولعلّ من مشاهير الآيات التي نزلت في أهل البيت (عليهم السلام) خاصة، وهي من كرائم القرآن في علي (عليه السلام)، قوله تبارك وتعالى: " وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ" ( سورة البقرة:الاية الحادي و الثلاثون)قيل: علّم الله عزوجل آدم (عليه السلام) معاني الأسماء، وقيل: علّمه ألقاب الأشياء ومعانيها وخواصّها، ثم عرض سبحانه أصحاب الأسماء... وهنا يرى المفسّر المرحوم السيد محمد حسين الطباطبائي في (الميزان) أنّ هؤلاء الذين عرضهم الله تعالى على الملائكة موجودات عالية محفوظة عندالله تعالى، محجوبة بحجب الغيب، أنزل الله سبحانه كلّ اسم في العالم بخيرها وبركتها، واشتقّ كلّ ما في السماوات والارض من نورها وبهائها، وأنّهم على كثرتهم وتعدّدهم لا يتعدّدون تعداد الأفراد، ولا يتفاوتون تفاوت الاشخاص، وإنّما يدور الأمر هناك مدار المراتب والدرجات، ونزول الإسم من عند هؤلاء إنّما بهذا القسم من النزول.
والآن... لنذهب معا- ايها الإخوة الافاضل- الى بيان أوضح، وأكثر كشفاً لمعنى الآية الشريفة.

*******



يميل بعض المفسرين –اخوتنا الاعزة- الى أنّ الاسماء التي علّمها الله تعالى لآدم (عليه السلام) هي ذوات المسّميات، وحقائق الاشياء لوجود خاصية الاسم فيها، فيكون تعالى قد علّمه أسماء كل شيء. وهذا لا يتعارض مع تعليمه سبحانه آدم أسماءً خاصة شريفة، كانت سبباً للفيض الإلهي الذي انبثق عنه هذا الوجود العظيم، فنجد أنّ السيد هاشماً البحراني في كتابه (اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية) يرى أنّ علياً (عليه السلام) هو أحد المعروضين على الملائكة فيمن عرض من حجج الله تعالى وهم أرواحٌ، مستدلّاً بقول الامام جعفر الصادق (عليه السلام):
(إنّ الله تبارك وتعالى علّم آدم أسماء حججه حجج الله كلّها، ثمّ عرضهم وهم أرواحٌ على الملائكة، "فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" بأنكم أحقّ بالخلافة في الارض، لتسبيحكم وتقديسكم، من آدم ، "قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (سورة البقرة۳۲)، قال الله تعالى: "يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ" فلّما أنبأهم بأسمائهم وقفوا على عظم منزلتهم عند الله عزّ ذكره، فعلموا أنهم أحقّ بأن يكونوا خلفاء الله في أرضه، وحججه في بريّته.. هذا فيما روى فراتٌ الكوفيّ في تفسيره قول الامام الصادق (عليه السلام): فلمّا خلق الله تعالى آدم، نظر اليهم (أي إلى محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين) صلوات الله عليهم عن يمين العرش، فقال: يا ربّ من هؤلاء؟ قال: يا آدم هؤلاء صفوتي وخاصّتي، خلقتهم من نور جلالي، وشققت لهم اسماً من أسمائي.
قال: يا رب، فبحقك عليهم علّمني أسمائهم، قال: يا آدم، فهم عند أمانة، سرٌ من سّري لا يطّلع عليه غيرك إلا بإذني... فأخذ عليه العهد ثم علّمه أسماءهم، ثم عرضهم على الملائكة ولم يكن علّمهم بأسمائهم، فقال: أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين: قالوا: سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا، إنك انت العليم الحكيم، قال: يا آدم أنبئهم بأسمائهم، فلّما أنبأهم علمت الملائكة أنه مستودعٌ، وأنه مفضّلٌ بالعلم، وأمروا بالسجود، إذ كانت سجدتهم لآدم تفضيلاً له وعبادة لله...

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة