البث المباشر

قصة النبي موسي (عليه السلام)

السبت 16 مارس 2019 - 18:47 بتوقيت طهران

الحلقة 18

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسوله وحبيبه محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم الي برنامج القصص الحق وفي هذا اللقاء سنتعرف علي حكاية معبرة اخري هي جانب آخر من حكاية النبي موسي (عليه السلام) التي ذكرت في سورة طه من الاية ۲٤ حتي الآية ۳٦.
بعد مقدمة عن الحكاية، نقف عند معاني المفردات والعبارات القرآنية التي وردت فيها.
نستمع الي الحوار القرآني الذي بشأن الحكاية، لننتقل بعد ذلك الي زملائنا وهم يحكون لنا تفاصيل الحكاية، ونستمر في تقديم البرنامج بفقرة من هدي الائمة (عليه السلام) واخيراً مع باقة من الدروس المستفادة من قصة النبي موسي (عليه السلام).

*******

في الحلقات الماضية جري الحديث عن كيفية ولادة النبي موسي (عليه السلام) وما رافقها من مخاطر كانت تهدد حياته المباركة أنقذه الله منها وبعثه بالنبوة، وأظهر المعاجز على يديه وفي هذا اللقاء نحط رحالنا عند تلك المسؤولية العظمية والرسالة الالهية التي حملها الله سبحانه النبي موسي (عليه السلام) فتعالوا معاً نستمع الي تلاوة الآيات التي تحكي لنا هذا الجانب من حياته المباركة وهي الايات ۲٤ حتي ۳٦ من سورة طه.

*******

من هدي الآيات

تقول الآية: «اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى».
الطغيان هو تجاوز الحدود في كل أبعاد الحياة.
ولما كان أهم وأول أسباب النصر الروح الكبيرة، والفكر الوقاد، والعقل المقتدر، وبعبارة أُخرى: رحابة الصدر، فقد طلب موسى (عليه السلام) ذلك: «قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي».
نعم إِنّ أوّل رأسمال لقائد ثوري هو رحابة الصدر، والصبر الطويل، والصمود والثبات، والشهامة وتحمل المشاكل والمصاعب، ولذلك فإِنّنا نقرأ في حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «آلة الرياسة سعة الصدر».
ولما كان هذا الطريق مليئاً بالمشاكل والمصاعب التي لا يمكن تجاوزها إلاّ بلطف الله، فقد طلب موسى من الله في المرحلة الثّانية أن تـُيسر له أُموره وأعماله، وأن تذلل هذه العقبات التي تعترضه، فقال: «وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي».
ثمّ طلب موسى أن تكون له قدرة على البيان بأعلى المراتب فقال: «وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي» فصحيح أن امتلاك الصدر الرحب أهم الأُمور والأسس، إلاّ أنّ بلورة هذا الأساس تتمّ إِذا وجدت القدرة على إِراءته وإِظهاره بصورة كاملة، خاصّة وأنّه بيّن علة هذا الطلب فقال: «يَفْقَهُوا قَوْلِي» فهذه الجملة في الحقيقة تفسير للآية التي قبلها؛ أي أريد أن أتكلم بدرجة من الفصاحة والبلاغة والتعبير بحيث يدرك أي سامع مرادي من الكلام جيداً.
ولما كان إِيصال هذا الحمل الثقيل ـ حمل رسالة الله، وقيادة البشر وهدايتهم، ومحاربة الطواغيت والجبابرة ـ إِلى المحل المقصود يحتاج إِلى معين ومساعد، ولا يمكن أن يقوم به إِنسان بمفرده، فقد كان الطلب الرابع لموسى من الله هو: «وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي».
نعم «الوزير» من مادة الوزر، وهي في الأصل تعني الحمل الثقيل، ولما كان الوزراء يتحملون كثيراً من الأحمال الثقيلة على عاتقهم، فقد أطلق عليهم هذا الإِسم، وكذلك تطلق كلمة الوزير على المعاون والمساعد.
ثمّ يشير إِلى أخيه، فيقول: «هَارُونَ أَخِي» وهَارُونَ ـ حسب نقل بعض المفسّرين ـ كان الأخ الأكبر لموسى، وكان يكبره بثلاث سنين، وكان طويل القامة، جميلاً بليغاً، عالي الإِدراك والفهم، وقد رحل عن الدنيا قبل وفاة موسى بثلاث سنين.
ثمّ يبيّن موسى (عليه السلام) هدفه من تعيين هارون للوزارة والمعونة فيقول: «اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي» و«الأزر» أخذت في الأصل من مادة الإِزار، أي اللباس، وتطلق خاصّة على اللباس الذي يشد ويعقد وسطه، ولذلك قد تطلق هذه الكلمة على الظهر أو القوّة والقدرة لهذا السبب.
ويطلب، من أجل تكميل هذا المقصد والمطلب: «وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي» فيكون شريكاً في مقام الرسالة، وفي إِجراء وتنفيذ هذا البرنامج الكبير، إلاّ أنّه يتبع موسى على كل حال، فموسى إِمامه ومقتداه.
وفي النهاية يبيّن نتيجة هذه المطالب فيقول: «كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا، وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا، إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا» وتعلم حاجاتنا جيداً، ومُطَّلِع على مصاعب هذا الطريق أكثر من الجميع، فنحن نطلب منك أن تعيننا على طاعتك، وأن توفقنا وتؤيدنا في أداء واجباتنا ومسؤولياتنا الملقاة على عاتقنا.
ولما كان موسى لم يهدف من طلباته المخلصة هذه إلاّ الخدمة الأكثر والأكمل، فإِنّ الله سبحانه قد لبى طلباته في نفس الوقت «قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى».

*******

اسئلة الخبير

اهلاً ومرحباً بكم في هذه المحطة من برنامج القصص الحق ونستضيف كالعادة خبير البرنامج فضيلة السيد عبد السلام زين العابدين استاذ العلوم القرآنية من مدينة قم المقدسة، فضيلة السيد لماذا طلب موسى من الله عزوجل ان يجعل له وزيراً؟
السيد عبد السلام زين العابدين: بسم الله الرحمن الرحيم، طبعاً الوزير من الوزر يعني بمعنى الحمل الثقيل، اصل الوزر الحمل الثقيل يعني سمي الوزير وزيراً لأنه يحمل ثقل الملك، بعضهم قال من الوزر الوزر يعني الملجأ من الجبل بمعنى الجبل الذي يلتجأ اليه يعني لأن الملك يلتجأ عادة اليه في آراءه وفي احكامه فلابد للانسان المسؤول، صاحب المسؤولية الكبيرة، المهمة، الصعبة كرسول الله (صلى الله عليه وآله)، كل الانبياء عندهم وزير لأن المهمة صعبة في آفاقها وجوانبها واطرافها، المسؤولية حينما تكون كبيرة ومتعددة، مسؤولية مواجهة اكبر طاغية آنذاك في عصره، طاغية يدق على طبل «أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى» فلابد من يؤازر النبي موسى (عليه السلام) «وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي» يعني ما هي مهمة الوزير «اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا، وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا» اذن هنا الوزير يشد الازر، يؤيده، يشركه في الامر، طبعاً في امر التبليغ ليس في التبليغ العام لأن كل الناس مسؤوليتهم التبليغ العام وانما تبليغ الرسالة الخاص الذي يوضح الرسالة ويبين اهدافها ويفصل المجمل من الرسالة، لابد لكل نبي هناك وزير بحيث يسير على خطاه ويوضح ما يريده ويمشي كما يريد ولهذا موسى (عليه السلام) في آية اخرى يقول: «وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي» الردء يعني المعين والمساعد وقد دعا النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، نبينا (صلى الله عليه وآله) بهذا الدعاء في حق علي بن ابي طالب (عليه السلام) ان يتخذ علياً وزيراً له (صلى الله عليه وآله) حتى ان الدر المنثور للسيوطي يذكر عن اسماء بنت عميس يقول رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأزاء هذا الجبل وهو يقول: "اللهم اني اسألك بما سألك اخي موسى ان تشرح لِي صَدْرِي وان تيسر لِي أَمْرِي وان تحل عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي علياً أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي" انظر هذه مهام الوزير اخ مصطفى، «اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا، وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا، إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا» وفي رواية المعروف من الفريقين "اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هرون من موسى الا انه لا نبي بعدي" الاشراك في الامر، مهمة الوزير طبعاً ليس المراد بأمر النبوة قطعاً لأن الحديث قول الا انه لانبي بعدي وانما امر التبليغ وتوضيح اهداف الرسالة وابعادها.
المحاور: طيب فضيلة السيد يعني لماذا حدد (عليه السلام) الوزير ان يكون من اهله؟
السيد عبد السلام زين العابدين: طبعاً هذه قاعدة ذرية بعضها من بعض يعني قد يتوهم البعض يقول انه مثلاً قضية وراثة او قضية ان الانسان يخلف اخاه او يخلف ابنه لا هذه قاعدة قرآنية، قاعدة ذرية بعضها من بعض، القرآن يصرح بهذه القاعدة وآل البيت طبعاً وآل ابراهيم كذلك انظر اسحق ابن ابراهيم، يعقوب ابن اسحق، يوسف ابن يعقوب هذا الامر ليس قضية وراثة كما يتصور البعض او يتخيل ان يبرر الحكام الان والملوك الذين يخلفون ابناءهم يقول يعني انتم ترفضون بيعة يزيد، نحن الان في شهر محرم الحرام يقول انتم الشيعة ترفضون بيعة يزيد بعد معاوية، انتم تقولون ايضاً بأهل البيت انه علي بعده الحسن، بعده الحسين، شتان بين الامرين هذه على قاعدة ذرية بعضها من بعض، قاعدة الاصطفاء «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ»انظر «وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» ولهذا عن ابي سعيد الخدري "اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد" يعني الصلاة البتراء التي نذكر الان هذه صلاة بتراء ولهذا جاء: "يا علي انت من ائمة الهدى واولادك منك فأنتم قادة الهدى والتقى والشجرة التي انا اصلها وانتم فرعها فمن تمسك بها قد نجا ومن تخلف عنها فقد هلك وهوى وانتم الذين اوجب الله تعالى مودتكم وولايتكم والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده، فقال عزوجل من قائل: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

*******

قصة النبي موسي (عليه السلام)

بعد ان خرج موسى مع أهله وسارباتجاه مصر ثم ذهب الي جبل الطور وحيث سمع النداء: «أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ».
اطمأن (عليه السلام) وسكن. وأصدر الله إليه أمراً أن أراه - معجزة العصا ومعجزة اليد- أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى الله برفق ولين، ويأمره أن يخرج بني إسرائيل من مصر. وأبدى موسى خوفه من فرعون. قال إنه قتل منهم نفسا ويخاف أن يقتلوه. توسل إلى الله أن يرسل معه أخاه هارون. إستجاب الله لما طلبه موسى وجعل أخاه وزيراً وطمأنه أنه سيكون معهما يسمع ويرى، وأنّ فرعون رغم قسوته وتجبره لن يمسهما بسوء. أفهم الله موسى أنه هو الغالب. ودعا موسى وابتهل إلى الله أن يشرح له صدره وييسر أمره ويمنحه القدرة على الدعوة إليه. ثم قفل موسى راجعاً لأهله بعد اصطفاء الله واختياره رسولاً إلى فرعون. انحدر موسى بأهله قاصداًَ مصر.
يعلم الله وحده أيَّ أفكار عبرت ذهن موسى وهو يحث خطاه قاصداً مصر. انتهى زمان التأمل، وانطوت أيام الراحة، وجاءت الأوقات الصعبة أخيراً، وها هو ذا موسى يحمل أمانة الحق ويمضي ليواجه بها بطش أعظم جبابرة عصره وأعتاهم. يعلم موسى أن فرعون مصر طاغية. يعلم أنه لن يسلمه بني إسرائيل بغير صراع. يعلم أنه سيقف من دعوته موقف الإنكار والكبرياء والتجاهل. لقد أمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون. أن يدعوه بلين ورفق إلى الله. أوحى الله لموسى أن فرعون لن يؤمن. ليدعه موسى وشأنه. وليركز على إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن تعذيبهم. قال تعالى لموسى وهارون: «فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ». هذه هي المهمة المحددة. وهي مهمة سوف تصطدم بآلاف العقبات. إن فرعون يعذب بني إسرائيل ويستعبدهم ويكلفهم من الأعمال ما لا طاقة لهم به، ويستحيي نسائهم، ويذبح أبنائهم، ويتصرف فيهم كما لو كانوا ملكاً خاصاً ورثه مع ملك مصر. يعلم موسى أن النظام الفرعوني يقوم في بنيانه الأساس على استعباد بني إسرائيل واستغلال عملهم وجهدهم وطاقاتهم في الدولة، فهل يفرط فرعون في بناء الدولة الأساسي ببساطة ويسر؟ ذهبت الأفكار وجاءت، فاختصرت مشقة الطريق. ورفع الستار عن مشهد المواجهة.

*******

من هدي الائمة (عليه السلام)

يستفاد من الرّوايات الواردة في كتب المسلمين ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد طلب من الله نفس تلك المطالب التي طلبها موسى (عليه السلام) من الله من أجل تقدم عمله، مع فارق، هو أنّه وضع اسم علي (عليه السلام) مكان اسم هارون، وقال: «اللهم إِنّي أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لِي صَدْرِي، وأن تيسر لِي أَمْرِي، وأن تحل عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي، علياً أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا، وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا».
وقد نقل هذا الحديث السيوطي في تفسير «الدر المنثور»، والعلاّمة الطبرسي في «مجمع البيان»، وكثيرون غيرهم من كبار علماء الفريقين باختلاف في العبارات.
وهذا الحديث يشبه حديث المنزلة، حيث قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): «ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إِلا أنّه لا نبي بعدي».

*******

دروس وعبر

من أجل إِصلاح بيئة فاسدة، وإيجاد ثورة شاملة يجب البدء برؤوس الفساد وأئمّة الكفر.. أُولئك الذين لهم تأثير في جميع أركان المجتمع، ولهم حضور في كل مكان، بأنفسهم أو أفكارهم أو أنصارهم.. أُولئك الذين تركزت كل الوسائل والمنظمات الإِعلامية والإِقتصادية والسياسية في قبضتهم، فإِذا ما أصلح هؤلاء، أو قلعت جذورهم عند عدم التمكن من إِصلاحهم، فيمكن أن يؤمن خلاص ونجاة المجتمع، وإلاّ فإنّ أي إِصلاح يحدث فإِنّه سطحي ومؤقت وزائل.
أنّ موسى (عليه السلام) لم يستوحش ولم يخف من هذه المهمّة الثقيلة الصعبة، ولم يطلب من الله أي تخفيف في هذه المهمة، فإنّه قد تقبلها بصدر رحب، غاية ما في الأمر أنّه طلب من الله أسباب النصر في هذه المهمة.
إِنّ القائد والقدوة الموفق المنتصر هو الذي يمتلك إِضافة إِلى سعة الفكر وقدرة الروح، بياناً أخاذاً بليغاً خالياً من كل أنواع الإِبهام والقصور.
صحيح أن موسى (عليه السلام) عندما طلب ذلك من الله في تلك الليلة المظلمة في الوادي المقدس حيث حُمّل الرسالة، كان قد مضى عليه أكثر من عشر سنين بعيداً عن وطنه، إلاّ أنّ ارتباطه ـ عادة ـ بأخيه لم يقطع بصورة كاملة، بحيث أنّه يتحدث بهذه الصراحة عنه، ويطلب من الله أن يشاركه في هذا البرنامج الكبير.
إِنّ موسى في الواقع طلب كل ما كان يلزمه في هذه اللحظات الحساسة الحاسمة التي يجلس فيها لأوّل مرّة على مائدة الضيافة الإِلهية ويطأ بساطها، والله سبحانه كان يحب ضيفه أيضاً، حيث لبّى كل طلباته وأجابه فيها في جملة قصيرة تبعث الحياة، وبدون قيد وشرط ثمّ وبتكرار اسم موسى أكمل له الإِستجابة وحلاوتها وأنزل كل إِبهام عن قلبه، وأي تشويق وافتخار اكثر من أن يكرر المولى اسم العبد؟

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة