وفي إطار عملية التطهير وإبادة الفلسطينيين وطردهم من قطاع غزة، أو على الأقل من شماله، ركزت قوات الاحتلال كثيرا على ضرب المستشفيات في عمل إجرامي نادار ما تسجله الحروب.
وأمام بشاعة هذه الجرائم، روّجت إسرائيل لرواية احتضان المستشفيات ومنها الشفاء لجزء من القيادة العسكرية لحركة حماس وكذلك مكان احتجاز للرهائن الإسرائيليين. واعتقدت قيادة الاحتلال في هذه الرواية من جهة، كما تحاول توظيفها لتبرير قصف المستشفيات من جهة أخرى.
وبعد عملية الاقتحام فجر اليوم الأربعاء، تبين خلو مستشفى الشهداء من قيادات حماس، كما تبين أنه لا يضم ذخيرة حربية ولا مكاتب للتخطيط سوى ما قد تخترعه قوات الاحتلال من أكاذيب. والأكثر إثارة، أنه لا يتم الاحتفاظ بالمحتجزين الإسرائيليين داخل المستشفى. وبهذا، انهارت إحدى الأساطير التي بنت عليها تل أبيب عملية القصف الوحشي ضد المستشفيات في قطاع غزة.
وعمليا، تعتبر عملية اقتحام مستشفى الشفاء فشلا استخباراتيا كبيرا لدولة الاحتلال التي تتغنى بتقدمها الاستخباراتي طيلة عقود. ويتجلى هذا الفشل في عدم وجود أدلة تقدمها للرأي العام والمجتمع الدولي حول ادعاءات ما كانت تنسبه للمستشفيات، لاسيما وأن عواصم غربية مثل واشنطن وبرلين ورئاسة الاتحاد الأوروبي تبنت الرواية الإسرائيلية.
وكان الفشل الاستخباراتي الأول متمثلا في عدم رصد عملية اقتحام يوم 7 أكتوبر التي انهار فيها الجيش الإسرائيلي رغم تغلغله وسط الفلسطينيين، ورغم البرامج والأجهزة التجسسية الكبيرة التي يوظفها للتجسس مثل بيغاسوس. وتحول يوم 7 أكتوبر إلى علامة فارقة في الخداع والمباغتة في الحروب، وحجز مكانة مميزة في أجندة التدريس بالكليات الحربية.
وكان الفشل الاستخباراتي الثاني، وهو مثير كذلك، في فشل قوات الاحتلال بدعم من قوات النخبة الغربية، في العثور على خريطة الأنفاق تحت الأرض التي تستعملها المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب. ويرى الخبراء أنه طالما لم تدمر "إسرائيل" ثلثي الأنفاق، فلا يمكنها الحديث عن نصر عسكري، علما أن الأمر يتعلق بمواجهة بين أحد أقوى الجيوش في العالم أمام حركات مسلحة تصنع سلاحها بنفسها رغم الحصار الشديد المضروب عليها.