البث المباشر

التأسي بالحسين(عليه السلام) والانتصار في الجهادين

الأربعاء 13 مارس 2019 - 12:06 بتوقيت طهران
التأسي بالحسين(عليه السلام) والانتصار في الجهادين

مميزات الجهاد الأصغر والأكبر (السيد محمد الشوكي) إنتقال إدريس الحسيني الى التشيع ببركة التأثر بمظلومية الحسين(عليه السلام)

السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم في الحلقة الاولى من حلقات هذا البرنامج نعرفكم في مطلعها على هدفه وما نسعى لتلمسه في لقاءاته.
هدف البرنامج أحباءنا هو محاولة التعرف على آثار التأسي بمظلومية وملحمة سيد الشهداء الحسين بن علي (عليهم السلام) في حركة الانسان التكاملية في كلاً الجهادين، اي في الجهاد الاكبر والجهاد الأصغر وبالتالي في حركة رقي الانسان وبلوغه مختلف اشكال الكمالات. وان شئت فقل: ان هدف البرنامج هو محاولة بيان آثار التفاعل مع مظلومية ونهضة الحسين ارواحنا له الفدا في تهذيب النفس والسير والسلوك الى الله عزوجل وكذلك في النجاح والانتصار في جهاد الاعداء او العمل الاصلاحي بمختلف شعبه السياسية والثقافية والفكرية والتبليغية وغير ذلك.
هذا عن هدف البرناج أيها الاخوة والاخوات اما بالنسبة لعنوانه فهو مقتبس من الحديث النبوي المشهور المروي من طرق الفريقين والذي جاء فيه: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث سرية فلما رجعوا قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي عليهم الجهاد الاكبر.
فقيل له: يا رسول الله، وما الجهاد الاكبر؟ 
قال: جهاد النفس. انتهى الحديث الشريف، فما سر هذا التقسيم؟

*******

هذا وسنجد الاجابة عنه في حوارنا مع خبير البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي.
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم سماحة السيد محمد الشوكي السلام عليكم.
السيد محمد الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المذيع: سماحة السيد، الاحاديث الشريفة وصفت جهاد النفس بانه الجهاد الاكبر في حين وصفت جهاد العدو بالجهاد الاصغر رغم ان الانسان قد يقتل فيه وفيه مشاق كثيرة فما هو سر هذا التمايز؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، الاساس في ذلك هو حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما رجع قوم من سرية فقال مرحباً بقول قضوا الجهاد الاصغر وبقي عليهم الجهاد الاكبر، الواقع اننا لو تأملنا هذين النوعين من الجهاد سوف نعلم ان الجهاد الاكبر وهو جهاد النفس له امتياز خاص باعتبار طبيعة هذا الجهاد ومدة هذا الجهاد، يعني الجهاد الاكبر يتميز عن الجهاد الاصغر الذي هو جهاد الاعداء من خلال طبيعة هذا الجهاد ومن خلال مدة هذا الجهاد، بالنسبة الى مدة هذا الجهاد هو مدة ممتدة ما امتدت حياة الانسان، يعني الانسان بمجرد ان يبتدأ او يصل الى عمر التكليف يصل الى مرحلة البلوغ ويفقه الاسلام وتتوجه اليه التكاليف، تبدأ عملية الجهاد والمجاهدة هذه من تلك اللحظة وربما مرحلة سابقة على تلك اللحظة الى ان يغمض الانسان عينه، بينما الجهاد الاكبر وجهاد العدو له مدة معينة، الحرب مع الاعداء قد تطول وقد تقصر ولكن مدتها معينة ولاتستوعب تمام العمر ربما يذهب الانسان شهراً للجهاد وربما يذهب الانسان سنة كما تستمر الحرب ثمان او عشر سنوات تنتهي وانما حرب الانسان وجهاده مع نفسه ومع شهواتها واهواءها ومع معينها ونصيرها الشيطان الرجيم هذه المعركة تبدأ ولكنها لاتنتهي ولذلك من اكبر الاخطار التي تواجه السالكين الى الله عزوجل انهم يتصورون ان المعركة قد انتهت وانهم وصلوا الى مرحلة تخلصوا بها من اهواء النفس واعباء النفس وهذه هي احد المخاطر التي يتعرض لها الانسان الذي يريد ان يهذب نفسه لان اهواء النفس موجودة ومستمرة ومتى ما انتصر عليها الانسان تأتي وتظهر في لباس جديد كذلك الشيطان الرجيم دوره باقي ولاينتهي ويبقى يوسوس للانسان حتى حين احتضاره وهذا ورد التوصية بقراءة دعاء العديلة مثلا يعني اغواء الشيطان ومعركة الشيطان مع ابن آدم تستمر الى حين موته بينما بالنسبة للجهاد الاصغر الذي هو الحروب العسكرية هذا المعنى غير موجود يعني مدة معينة وتنتهي، هذا فيما يرتبط بمدة الجهاد هكذا تتمايز في طبيعة هذه المجاهدة لان الجهاد الاصغر العدو خارجي مشخص بينما الجهاد الاكبر العدو فيه من الخفاء لان العدو هو نفس الانسان، اعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك، والنفس توسوس وتسول للانسان وتحاول ان تخدع الانسان.
المذيع: هنا المعركة والجهاد يكون اصعب...
السيد محمد الشوكي: لانها معركة الانسان مع ذاته.
المذيع: شيء قريب اليه وشيطان خفي عليه في حين الجهاد الاصغر اعداء واضحين يمكن ان يراهم...
السيد محمد الشوكي: ودائماً النفس تحاول ان تخدع صاحبها وتريد ان صاحبها يسالمها وتريد من صاحبها يحاربها فيما تريد وما تطلب ولا تظهر امام صاحبها بلباس العدو، ولذلك الكثير من الناس ينظرون الى ذواتهم ما تختزنه ذواتهم من غرائز وشهوات ومحركات وبواعث شيطانية لاينظرون اليها على اساس العداوة لان الشيطان او هي النفس تتلبس بلباس الرفيق ولباس المسالم وترى ان الاحاديث الشريفة تحاول ان تبرز هذا المعنى، تقول ان النفس لاتظن انها ليست عدواً ولكن هي العدو الاول والعدو الاخطر للانسان هذه القضية الثالثة ان الجهاد الاكبر الواقع انه المقدمة والاساس للجهاد الاصغر.
المذيع: لطيف هذا ايضاً علاقة بين الجهادين وان الانسان...
السيد محمد الشوكي: الانسان لما ينتصر على نفسه في الجهاد الاكبر سوف لن ينتصر على عدوه في الجهاد الاصغر وهذا ما نراه ان طالوت مثلاً لما قال لاصحابه ان الله مبتليكم بنهر وقال لهم ان من يشرب من هذا النهر فليس مني ومن لم يطعمه فانه منيترى الذين نجحوا في الاختبار ماذا قالوا بعد ذلك وقفوا وانهزموا قالوا لاطاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، اذن الانتصار على النفس هو مقدمة للانتصار على العدو ولن تنتصر امة على اعداءها وهي اسيرة بيد اهواءها وشهواتها وهي مهزومة داخليا ونفسياً.
المذيع: سماحة السيد محمد الشوكي شكراً جزيلاً عندما يجد الله تبارك وتعالى وجد "فيكم ضعفاً" والقرآن الكريم قريب من هذا المعنى فان تكونوا يعني تتبنى مرتبة القدرة القتالية عند الناس شكراً جزيلاً سماحة السيد محمد الشوكي.

*******

نتابع ايها الاخوة والاخوات تقديم هذه الحلقة من برنامج اسوة الجهادين بنقل هذه الفقرة من كتاب الكاتب والصحافي المغربي ادريس الحسيني الذي اختار له مولفه عنوان (لقد شيعني الحسين) مع عنوان فرعي هو: الانتقال الصعب في المذهب والمعتقد، قال هذا الكاتب في دراسته الجديدة لنصوص التاريخ الاسلامي عندما وصل الى الحديث عن ملحمة كربلاء، على الصفحة 297:
«انني أتجنب ان اكون أديباً في قضايا التاريخ الا في هذا الموقف، انها الجذبه التي لا اتمالك فيها احاسيسي مهما كان الامر، لان الحدث بلغ من الدراماتيكية ما يفقد الانسان تقنياته المعرفية... فلا يلومني القاريء اذا اخذت بي هذه الجذبة التي لا املك فيها نفسي امام مذبحة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، لكم التاريخ ولكم الوثائق ولكم كل شيء، ولي ان ابكي واحزن و«اشقشق»،‌ فمن هنا دخلت حرم آل البيت (عليهم السلام) وفيه ولدت من جديد».
تأملوا معنا مستمعينا الافاضل العبارة الوجدانية الجميلة التي سرها الكاتب المغربي المذكور في تتمة عبارته السابقة وهو يصور تجربته الذاتية مع الامام الحسين (عليه السلام) قال:
«مازلت اذكر اليوم الذي عشت فيه مأساة كربلاء بتفاصيلها حيث ما تزال ظلالها الحزينة ترافق ظلي الى اليوم... والآثار النفسية التي تركتها في اعماقي... لا املك ان انقلها كما احسها واستشعرها في كياني، لقد وجدت نفسي فجأة في هيئة اخرى وفي شرياني جرى دم هو مثل تلك الدماء التي اريقت على رمال الطفوف... ومنذ ذلك اليوم كان كل يوم عندي عاشوراء وكل ارض كربلاء...».
مستمعينا الافاضل، ونحن على اعتاب ختام الحلقة الاولى من برنامج اسوة الجهادين، نقول بكل ثقة: ان التفاعل الوجداني الصادق مع مظلومية الحسين (عليه السلام) ونهضته يجعل الانسان كل يوم في ولادة جديدة وحركة نحو الآفاق العالية، وهذا ما سيتضح بعون الله في لقاءات هذا البرنامج، نسأل الله لنا ولكم صدق التأسي بالحسين (عليه السلام) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة