السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته...
أهلاً بكم ومرحباً في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا...
سؤالنا فيها هو: ما هي الأدلة القرآنية على إمامة أئمة العترة المحمدية عليه السلام؟ نبحث معاً عن الإجابة في كتاب الله المجيد، فكونوا معنا.
أيها الأكارم، ننطلق في الإجابة عن السؤال المتقدم من التذكير بحقيقة قرآنية أصيلة هي أن الله جلت حكمته قد أوكل لنبيه الذي لا ينطق عن الهوى – صلى الله عليه وآله – مهمة تبيين وتفصيل ما أجمله في قرآنه الكريم فقال عز من قائل في الآية ٤٤ من سورة النحل: .... "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ".
فالدليل القرآني تكون دلالته بالبيان النبوي، وهذا ما يصدق على الآيات الكريمة التي نصت على إمامة أئمة العترة المحمدية صلوات الله عليهم أجمعين.
وباستذكار هذه الحقيقة القرآنية، نقول أن القرآن الكريم اشتمل على كثيرة من الآيات التي تنص على إمامة أهل البيت النبوي – عليهم السلام – بتحديد الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – لمصداقها في أئمة عترته – عليه وعليهم السلام -.
فمن هذه الآيات قوله تبارك وتعالى في الآية التاسعة والخمسين من سورة النساء وهي الآية المعروفة بآية (أولي الأمر)، حيث يقول أصدق القائلين:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً".
وأكمل جل جلاله مفاد هذه الآية الكريمة بالآية ۸۳ من سورة النساء نفسها حيث قال: "وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً".
أيها الأفاضل، لقد استدل العلماء في بحوثهم العقائدية بآية (أولي الأمر) لإثبات حتمية وجود إمام معصوم في كل زمان تكون طاعته طاعة لله ولرسوله ويكون مرجعاً للأمة في حل الإختلاف والتنازع لأنه ورث العلم النبوي فصار صاحب الرأي المعصوم في استنباط الحقائق القرآنية وبيانها للناس.
وقد صرح النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – بأن أئمة عترته الإثني عشر هم أولو الأمر المذكورين في هذه الآية، كما أن الواقع التأريخي شهد بأنهم – عليهم السلام – وحدهم الذي تحلو بالعصمة والأعلمية القرآنية بل لم يدعي غيرهم ذلك؛ ننقل لكم بعد قليل نموذجاً من هذه الأحاديث النبوية فابقوا معنا مشكورين.
روى الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة بسنده عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
لما أنزل الله عزوجل على نبيه محمد – صلى الله عليه وآله - : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ"قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن أولي الأمر الذين قرن طاعتهم بطاعته؟
فقال – صلى الله عليه وآله - : هم خلفائي – يا جابر – وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام.
ثم قال – صلى الله عليه وآله -: ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده إبن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان.
قال جابر: فقلت له يا رسول الله، فهل لشيعته الإنتفاع به في غيبته؟
فقال – صلى الله عليه وآله - : والذي بعثني بالنبوة، إنهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب، يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فأكتمه إلا عن أهله.
أيها الإخوة والأخوات، وقد رويت في المصادر المعتبرة كثير من الأحاديث النبوية المصرحة بأن أئمة العترة المحمدية الإثني عشر هم – عليهم السلام – مصداق أولي الأمر الذي قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله – صلى الله عليه وآله – ومضمون هذه الأحاديث يفوق حد التواتر، وقد جمع من المتقدمين الحافظ الحزاز من أعلام محدثي القرن الهجري الرابع كثيراً منها في كتابه القيم (كفاية الأثر في الأئمة الإثني عشر).
كما جمع من المتأخرين آية الله الشيخ لطف الله الصافي ما يقارب الـ (۲۷۰) حديثاً من مختلف المصادر المعتبرة في كتاب (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) إضافة إلى ما جمعته الموسوعات المتخصصة مثل (عبقات الأنوار) وملحقات إحقاق الحق وغيرها مما يولد اليقين العلمي الحاسم بانحصار مصداق (أولي الأمر) في الآية الكريمة بأئمة العترة المحمدية صلوات الله عليهم أجمعين.
وسننقل لكم، مستمعينا الأطائب، نماذج أخرى من هذه الأحاديث الشريفة بإذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين).
نشكر لكم طيب المتابعة ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات ودمتم بكل خير.