السلام عليكم مستمعينا الأطائب و رحمة الله،
أهلا بكم و مرحبا في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا و سؤالنا فيه هو: كيف نستجيب عمليا لما أراده الله عزوجل من إرسال نبيه الخاتم صلى الله عليه و آله ، رحمة للعالمين حيث قال في الآية ۱۰۷ من سورة الأنبياء: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ". نبحث معا عن الإجابة في النصوص الشريفة فتابعونا على بركة الله .
تبين لنا عدة من الآيات الكريمة أن طاعة الرسول الأكرم – صلى الله عليه و آله – هي من أهم الوسائل العملية للإستفادة من كونه رحمة الله للعالمين .
قال الله جل جلاله في الآية ۱۳۲ من سورة آل عمران "وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ". و نقرأ في الآية ٥٦ من سورة النور"وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" . كما تعرفنا الآية الكريمة ٦۹ من سورة النساء أن طاعته – صلى الله عليه و آله – هي وسيلة الفوز بالنعمات الإلهية الخاصة و بلوغ مراتب صفوته من المؤمنين . قال عزوجل "وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً" و في طاعته الفوز العظيم أيضا ، قال عزوجل في الآية ۱۳ من سورة النساء : "تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
إذن فالوسيلة الأولى للإستجابة لما أراده الله عزوجل من جعله حبيبه المصطفى – صلى الله عليه و آله – رحمة للعالمين ، هي الإلتزام بطاعته و فيها طاعة الله عزوجل و رضاه ، و ذلك بالعمل بكل ما أمر به في مختلف مجالات الحياة . كما أن النصوص الشريفة تهدينا إلى وسيلة عملية أخرى للإستفادة من الرحمة المحمدية الكبرى ، و هو التوسل به إلى الله عزوجل في غفران الذنوب ، كما صرحت بذلك الآية ٦٤ من سورة النساء . قال تبارك و تعالى مخاطبا نبيه الأكرم – صلى الله عليه و آله – "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً". و تصرح الآيات الكريمة بأن الإعراض عن الإستغفار من الله بوسيلة الرسول الرحيم صلى الله عليه و آله و هو من علائم النفاق ، قال الله عزوجل في الآية الخامسة من سورة (المنافقون) ، في وصف المنافقين : "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ" و إطلاق هذه الآيات الكريمة صريح في جريان هذا الحكم في حياة الرسول و بعد رحيله – صلى الله عليه و آله – ، يضاف إليه الأحاديث الشريفة المصرحة بفتح باب الإستغفار برسول الله إلى يوم القيامة ، فمثلا روي في كتاب الكافي مسندا عن الإمام الصادق – عليه السلام – قال : "إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخل أو حين تدخلها ثم تأتي قبر النبي صلى الله عليه و آله .. إلى أن قال : ثم تدعو و تقول : اللهم إنك قلت "وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً "، و إني أتيت نبيك مستغفرا تائبا من ذنوبي [ يا رسول الله ] إني أتوجه بك إلى الله ربي و ربك ليغفر لي ذنوبي" .
مستمعينا الأطائب ، و قد رويت في مصادرنا المعتبرة عدة أحاديث شريفة تصرح بأن باب الإستغفار بالرسول الأكرم – صلى الله عليه و آله – مفتوح من خلال زيارته من بعيد أيضا كما ورد في نصوص زيارته من أي مكان كان فيه الزائر ، يضاف إلى ذلك كثير من أدعية التوسل به – صلى الله عليه و آله – المروية في المصادر المعتبرة .
كما أن من الوسائل العملية للإستجابة لما أراده الله عزوجل من إرساله حبيبه المصطفى رحمة للعالمين ، هو التإسي به و العمل بجميع سننه – صلى الله عليه و آله – في جميع شؤونه الحياتية . قال تبارك و تعالى في الآية ۲۱ من سورة الأحزاب "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً" و هذا مما خص به الحبيب المصطفى – صلى الله عليه و آله – من بين جميع النبيين – عليهم السلام – . أجل فلا تجد في القرآن الكريم أمرا بالتأسي بهذا الإطلاق و دون قيد سوى بالنبي الأكرم – صلى الله عليه و آله – و في هذه الآية الكريمة .
أما الأمر الذي ورد بشأن إبراهيم الخليل – عليه السلام – في الآية الرابعة من سورة الممتحنة فهو لا يختص بإبراهيم – عليه السلام – بل يشمل التأسي به و بمن كان معه من المؤمنين و في مورد محدد هو البراءة من قومهم المشركين . قال عزوجل : " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ". أما مع خاتم النبيين – صلى الله عليه و آله – ، فالأمر بالتأسي به مطلق متوجه إلى شخصه الكريم و جميع أفعاله و أخلاقه ، فالتأسي بها جميعا سبب للفوز بأعلى مراتب الكمال . نعم ، فهو وحده – صلى الله عليه و آله – الذي وصفه ربه العظيم بالخلق العظيم و بأنه مستحق للأجر بلا منة فقال في الآيتين ۳ و ٤ من سورة القلم : "وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ{۳} وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"أيها الأطائب ، و نخلص مما تقدم بأن من الوسائل التي ذكرتها النصوص الشريفة لاستجابتنا لما أراده الله من إرساله حبيبه المصطفى رحمة للعالمين ، هي طاعته – صلى الله عليه و آله – في كل ما أمر ، و الإستغفار به و التوسل به إلى الله عزوجل و التأسي به في جميع فعاله و أخلاقه و في ذلك الفوز بأسمى مراتب الرحمات الإلهية الخاصة .
وفقنا الله و إياكم لذلك ببركة التمسك بمودة و موالاة حبيبنا المصطفى و آله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ، اللهم آمين ، و بهذا ننهي أيها الأكارم لقاء اليوم من برنامجكم ( أسئلتنا و أجوبة الثقلين ) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران شكرا لكم و في أمان الله .