البث المباشر

ما الهدف الأساس من بعثة الأنبياء؟

السبت 9 مارس 2019 - 12:46 بتوقيت طهران

الحلقة 72

سلام الله عليكم إخوة الإيمان.. تحية مباركة طيبة نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من برنامجكم العقائدي هذا سؤالنا فيه هو: ما الهدف الأساس من بعثة الأنبياء؟
ونعرض هذا السؤال بعد أن عرفنا في حلقة سابقة أن الله عزوجل ولرحمته بعباده بعث لهم الأنبياء لكي يهدوهم إلى الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
وسؤال هذه الحلقة هو من فروع العقيدة المتقدمة، ويرتبط بكيفية عمل الأنبياء – عليهم السلام – في تحقيق الحياة الطيبة المنشودة.
نتلمس الإجابة عن هذا السؤال من ثقلي الهداية الربانية، الكتاب الإلهي وأهل بيت الرحمة – عليهم السلام – فتابعونا مشكورين.
نقرأ أولاً - أيها الأكارم - الآية الخامسة والعشرين من سورة الحديد وفيها تصريح بأن إقامة العدل هو المحور الأساس للدعوات النبوية كافة.
قال عزمن قائل: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ".
ونتدبر معاً، أيها الأطائب، في الآية التسعين من سورة النحل فنجدها تصرح بأن العدل أول ما يأمر به الله عزوجل ولكنه عدل في أسمى مراتبه إذ يقرنه عزوجل بالإحسان وبأزكى القيم الأخلاقية.
قال تبارك وتعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
أيها الأكارم ونذهب بكم إلى الثقل الثاني لنعرف من نصوصه الشريفة أبعاد هذه العقيدة القرآنية فتابعونا.
قال العلامة الطبرسي في تفسير مجمع البيان: (وجاءت الرواية أن عثمان بن مظعون قال: كنت أسلمت إستحياءً من رسول الله لكثرة ما كان يعرض علي الإسلام، ولم يقر الإسلام في قلبي، فكنت ذات يوم عنده حال تأمله، فشخص بصره نحو السماء كأنه يستفهم شيئاً، فلما سرى عنه سألته عن حاله.. فقال – صلى الله عليه وآله -: بينا أنا أحدثك إذ رأيت جبرئيل في الهواء أتاني بهذه الآية "إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ"
قال عثمان بن مظعون: وقرأها – صلى الله عليه وآله – علي إلى آخرها فقر الإسلام في قلبي، وأتيت عمه أبا طالب فأخبرته، فقال: يا آل قريش اتبعوا محمداً ترشدوا، فإنه لا يأمركم إلا بمكارم الأخلاق.
قال عثمان بن مظعون – رضوان الله عليه -: وأتيت الوليد بن المغيرة وقرأت عليه هذه الآية، فقال: إن كان محمد قاله، فنعم ما قال، وإن قاله ربه فنعم ما قال.
مستمعينا الأفاضل، إن الذي نستفيده من الرواية المتقدمة أن الدعوة النبوية للعدل والإحسان ومكارم الأخلاق تستجيب في الواقع لنداء الفطرة بأقوى صورة ولذلك تنفذ إلى القلوب ويستقر بها الإسلام.
ومن هنا لم يستطع إنكارها حتى أمثال الوليد بن المغيرة الذي غرق في الشرك، علماً منه بأن إتباع العدل والإحسان هو طريق الرشاد وكما قال أبو طالب سلام الله عليه.
ونبقى مع نصوص الثقل الثاني وهي تبين لنا أبعاد هذه الدعوة النبوية، فنقرأ في تفسير علي بن إبراهيم أن رجلاً سأل الإمام الصادق – عليه السلام – عن آية "إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ" وآية "أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ".
فأجاب – عليه السلام – قائلاً: "نعم، ليس لله في عباده أمر إلا العدل والإحسان فالدعاء من الله عام والهدي خاص مثل قوله "يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" ولم يقل: ويهدي جميع من دعا إلى صراط مستقيم".
ونفهم من هذا الحديث الشريف أن العدل والإحسان لا يتحقق إلا بعبادة الله عزوجل، وهذا هو الوجه الآخر للهدف المحور للرسالات النبوية، فإذا صدق العبد في الدعاء والتوجه إلى الله حقق في نفسه هدف الرسالات النبوية وطابت حياته بالعدل والإحسان.
ونقرأ في كتاب الخصال للشيخ الصدوق أن رجلاً سأل الإمام زين العابدين – عليه السلام – فقال: أخبرني بجميع شرائع الدين؟
فأجاب – عليه السلام – قائلاً: "قول الحق والحكم بالعدل والوفاء بالعدل" فهذه جميع شرائع الدين.
وفي الخصال أيضاً عن مولانا الباقر – عليه السلام – قال: في كتاب علي – عليه السلام – ثلاث خصال لا يموت صاحبهن حتى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة.
مستمعينا الأفاضل.. ونصل الآن إلى تلخيص النتيجة المستفادة من النصوص الشريفة في الإجابة عن سؤال هذه الحلقة وهي:
إن الهدف المحوري لجميع الرسالات النبوية هو جعل الناس يعيشون على أساس العدل والإنصاف والإحسان ومكارم الأخلاق وذلك من خلال عبادة الله وإتباع أوامره، وهذا ما يحقق لهم الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
وفقنا الله وإياكم لذلك ببركة التمسك بولاية محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
وشكراً لكم على طيب المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.. تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة