بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴿۱﴾ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴿۲﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴿۳﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴿٤﴾ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴿٥﴾ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا﴿٦﴾ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴿۷﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴿۸﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴿۹﴾ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴿۱۰﴾ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا﴿۱۱﴾ إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴿۱۲﴾ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا﴿۱۳﴾ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴿۱٤﴾ وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا﴿۱٥﴾
التعريف بالسورة
سورة الشمس، هي السورة الواحدة والتسعون ضمن الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، وهي من السور المكية. واسمها مأخوذ من أول آية فيها.
في هذه السورة أقسَم الله تعالى في أحد عشر مظهراً من مظاهر الخليقة، وفيها تأكيد على أنّ فلاح الإنسان يتوقف على تزكية نفسه، فإنّ التقي هو الرابح الناجح، والمجرم هو الخائب الخاسر. وورد أيضاً في استحباب قراءة سورة الشمس في موارد خاصة، كصلاة الظهر والعشاء، وصلاة العيدين.
كما وردت في فضل قراءتها روايات كثيرة، منها ما رويَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من كان قليل التوفيق فليُدمِن قراءتها، فيوفقه الله تعالى أينما يتوجه، وفيها زيادة حفظ وقبول عند جميع الناس ورفعة.
تسميتها وآياتها
سُميت هذه السورة بــ(الشمس)؛ على أول آية منها، وفيها يقسمُ الله تعالى بــ(الشَّمْسِ وَضُحَاهَا) وله تعالى أن يقسمُ بما شاء من خلقه على عظم شأنه وكثرة الانتفاع به، وآيات السورة (15)، تتألف من (54) كلمة في (253) حرف. وتعتبر هذه السورة من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة.
ترتيب نزولها
سورة الشمس من السور المكية، ومن حيث الترتيب نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتسلسل السادس والعشرين، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثلاثين بالتسلسل الواحد والتسعون من سور القرآن.
معاني مفرداتها
أهم المفردات في السورة:
(وَضُحَاهَا): الضحى: انبساط الشمس وامتداد النهار.
(جَلاَّهَا): كشفها وأبرزها.
(طَحَاهَا): بسطها ومدها.
(سَوَّاهَا): جعلها على مقتضى الحكمة من حيث ما جعله من قوى مقوّمة للنفس.
(فَأَلْهَمَهَا): الإلهام: إلقاء الشيء في الروع، ويختص ذلك بما كان من جهة الله تعالى.
(فُجُورَهَا): الفجور: هو التهتك في ارتكاب المحرمات.
(زَكَّاهَا): أصل الزكاة: النمو والزيادة، ويُقصد هنا بتزكية النفس: تطهيرها.
(دَسَّاهَا): أخفاها.
(ثَمُودُ): اسم قبيلة.
(فَعَقَرُوهَا): عقرتُ البعير، أي: نحرته، وعقرتُ النخلة، أي: قطعتها من أصلها.
(عُقْبَاهَا): عاقبتها وتبِعتها.
القَسَم بأحد عشر مظهراً
جاء في كتب التفسير أنّ في السورة من القَسَم ما لم يُجتمع في سورة أخرى، ففي مقدمتها قَسمَ الله تعالى بأحد عشر مظهراً من مظاهر الخليقة، فإنّ الأقسام الأحد عشر المتتالية فيها ترابط، كأنّ الله سبحانه يُريد أن يقول لعباده: إني وفرتُ لكم كل الوسائل المادية والمعنوية لسعادتكم، فبنور الشمس والقمر أضاءت لكم الحياة وباركتها، ونظمتُ لكم الليل والنهار والحركة والسكون، ومهدتُ الأرض لحياتكم. والسورة هي لتهذيب النفس وتطهير القلوب من الأدران، والتأكيد على أنّ فلاح الإنسان يتوقف على تزكية نفسه.
محتواها
تذكر السورة أنّ فلاح الإنسان تزكية نفسه، وعليه أن يُنمّيها نماءً صالحاً بتحلّيها بالتقوى وتطهيرها من الفجور، والخيبة والحرمان من السعادة لمن يُدسّيها، بمعنى: إنّ التقي هو الرابح الناجح والمجرم هو الخائب الخاسر.
قراءتها في الصلاة
سورة الشمس من السور التي ورد الاستحباب بقراءتها في بعض الصلوات، كصلاة الظهر والعشاء.
ورد أنّ من قرأ سورة الشمس في الركعة الثانية من صلاة عيد الفطر له من الثواب ما طلعت عليه الشمس. كما يُستحب قراءتها أيضاً في صلاة عيد الأضحى.
فضيلتها وخواصها
ورد فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من قرأها فكأنما تصدّق بكل شيءٍ طلعت عليه الشمس والقمر».
وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من كان قليل التوفيق فليُدمن قراءتها فيوفقه الله تعالى أينما يتوجه، وفيها زيادة حفظ وقبول عند جميع الناس ورفعة».
وردت خواص كثيرة، منها:
عن الإمام الصادق عليه السلام: «من أكثر قراءة والشمس، والليل إذا يغشى، والضحى، وألم نشرح في يومٍ أو ليلةٍ لم يبقَ شيء بحضرته إلا شهد له يوم القيامة حتى شعره وبشره ولحمه ودمه وعروقه وعصبه وعظامه، وجميع ما أقلت الأرض منه، ويقول تبارك وتعالى: قبلت شهادتكم لعبدي وأجزتها له، فانطلقوا به إلى جناتي حتى يتخير منها حيث ما أحب، فأعطوه من غير مَنٍّ، ولكن رحمة مني وفضلاً عليه وهنيئاً لعبدي».