البث المباشر

تفسير موجز للآيات 22 الى 30 من سورة الملك

السبت 24 أغسطس 2024 - 12:09 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1028

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين،،، مستمعينا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،، تحية قرآنية طيبة لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون إلى حلقة أخرى من برنامجكم "نهج الحياة" حيث سنكمل فيها بإذن الله تفسير ما تبقى من آيات سورة الملك المباركة نستهلها بالإستماع الى تلاوة الآيات الثانية والعشرين حتى الرابعة والعشرين منها فابقوا معنا مشكورين..

أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{22} قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ{23} قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ{24}

كلمة (مُكِب) أيها الأحبة، بمعنى الشخص الذي سقط إلى جهة الأمام، و(إنشاء) بمعنى الإيجاد المصاحب للإبتكار، و(ذرأ) بمعنى الخلق وتكثير النسل.

وشبهت الآية الثانية والعشرون الكافر بالشخص الذي سقط على وجهه على الأرض ويتحرك وهو في هذه الحالة فيزحف زحفاً؛ ولكن المؤمن يمشي منتصب القامة.

وتشير الآيات أنه مع أن شكرنا قليل في مقابل نعم الله علينا، إلا أن الله لا يمنع نعمه عنا؛ و نقرأ في دعاء شهر رجب "يا من يعطي الكثير بالقليل".

ومن تعاليم هذه الآيات المباركة يمكن القول أولاً: طريق الإسلام، طريق مستقيم ومُعبّد وله مقصد واضح، ولو مشت الأمة الإسلامية على هذا الطريق لمشت منتصبة القامة، مرفوعة الرأس.

ثانياً: إن خلق الإنسان موضوع مهم، إذ أُمر النبي بأن ينبه الناس إلى مبدأ الخلق والنعم المكنونة فيه مرات متعددة ومتتالية.

ثالثاً: أعطى الله تعالى الإنسان كل وسائل المعرفة حتى يتم الحجة عليه.

ورابعاً: لا يكون شكر الله باللسان فقط، وإنما الشكر العملي هو المطلوب ويكون بالإستفادة الصحيحة من النعم.

أما الآن، إخوتنا الكرام، نصغي وإياكم الى تلاوة الآيات الخامسة والعشرين حتى السابعة والعشرين من سورة الملك المباركة..

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{25} قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ{26} فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ{27}

أيها الأفاضل، جاءت جملة (متى هذا الوعد) ست مرات في القرآن الكريم على لسان المعارضين، وكان جواب النبي (ص) دائماً أن علمها عند الله وحده.

كما تشير الآيات إلى أن عدم العلم بجزئيات القيامة وبزمان وقوعها ليس دليلاً لإنكار كلياتها.

أما كلمة (زلفة) بمعنى القريب، ويطلق على أرض المشعر الحرام (مزدلفة) لأنها قريبة من مكة؛ وأما (تدعون) طلب جاد وفيه استعجال.

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الكريمة أولاً: يسعى العدو إلى إضعاف الدين والمبعوث السماوي عن طريق طرح الأسئلة والتحقير والإستهزاء، ولهذا يتهم الأنبياء بالكذب.

ثانياً: لم تكن رسالة النبي الأكرم (ص) للإعلام عن الغيب وإنما كانت لهداية الناس وتحذيرهم.

ثالثاً: يجب إرشاد المغرورين والمعاندين عن طريق التحذير، ولا ينفع التبشير والتشويق مع مثل هؤلاء.

ورابعاً: الكفر في الدنيا سبب لإسوداد الوجه في يوم القيامة.

إخوة الإيمان، في هذه اللحظات، ننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة الآيات الثامنة والعشرين حتى الثلاثين وهي آخر آيات سورة الملك المباركة...

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{28} قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ{29} قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ{30}

حول الآية الثامنة والعشرين، أيها الكرام، جاء في الروايات أن كفار مكة كانوا يتمنون موت النبي والمسلمين، تقول الآية حتى إن ذهبوا هم عن الدنيا فمن سيجيركم من عذاب الله تعالى؟

ومن إشارات هذه الآيات هي أن الأرض تتكون من أجزاء منفذة وأجزاء غير منفذة، فلو كانت كل أجزائها غير منفذة لما اختزن الماء فيها، ولو كانت كل الأرض منفذة لأصبحت الأرض مستنقعاً.

وكلمة (غوراً) أيها الأعزة، بمعنى النزول إلى العمق و(معين) يعني السهل والجاري.

وقد جاء عن الإمام الباقر (ع) في تأويل قوله تعالى (إن أصبح ماؤكم غوراً) قائلاً:"إن أصبح إمامكم غائباً عنكم لا تدرون أين هو؟ فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السموات والأرض وحلال الله وحرامه".

ومما نستنتجه من هذه الآيات الشريفة أولاً: يجب أن نتعلم أسلوب مجادلة الكفار والإحتجاج معهم من الوحي.

ثانياً: ينبغي على المؤمن أن يعيش بين الخوف والرجاء.

ثالثاً: إن النبي مطالَب بإعلان موقفه من المعارضين والمخالفين.

رابعاً: عنصرا الإيمان والتوكل هما الوسيلة لمواجهة الكفار.

وخامساً: العبرة في خواتيم الأمور لا في أولها.

مع ختام تفسير سورة الملك المباركة، أيها الأكارم، وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فلم يبقى سوى أن نشكركم لفضل إستماعكم وطيب متابعتكم لهذا البرنامج،، فحتى لقاء آخر دمتم بخير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة