وأطلق أمير سعيد إيرواني، السفير الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة، تحذيرًا بشأن أجندة الكيان الصهيوني الخطيرة وغير المستقرة التي تهدف إلى فصل محافظات الجنوب السوري عن السيادة الوطنية السورية.
وقال إيرواني إنّ الغارات الجوية والهجمات العدوانية الأخيرة التي شنها الكيان الإسرائيلي على دمشق وجنوب سوريا تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والسيادة ووحدة الأراضي السورية، مضيفًا أن هذه التصرفات تُضعف العملية السياسية الهشة القائمة وتزيد من تعقيد الجهود المبذولة لإجراء حوار جاد والتوصل إلى حل سياسي.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة إيرواني أمام مجلس الأمن:
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرًا لكم، السيد الرئيس،
أود أن أعرب عن امتناني للسيد غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمين العام، والسيدة ووسورنو، مديرة قسم العمليات في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، على تقاريرهما الوافية والمضيئة.
وفيما يخص الوضع في سوريا، أود أن أؤكد على النقاط التالية:
أولاً: تؤكد الجمهورية الإسلامية الإيرانية مجددًا على التزامها الثابت والراسخ بسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها. نعارض بشدة أي محاولة، مباشرة أو غير مباشرة، تهدف إلى تقويض هذه السيادة أو تقسيم أراضي سوريا. وفي هذا السياق، نحذّر من الأجندة الإسرائيلية الخطيرة والمزعزعة للاستقرار، الساعية إلى فصل المحافظات الجنوبية السورية عن الحكومة المركزية.
إن هذه الإجراءات غير القانونية تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، وتمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة.
يجب على هذا المجلس أن يرفض هذه الخطط بشكل قاطع، وأن يعيد تأكيد التزامه بالمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
ثانيًا: نعرب عن قلقنا العميق إزاء الاشتباكات العنيفة الأخيرة في محافظة السويداء، والتي أسفرت عن مقتل مدنيين وإلحاق أضرار بالبنى التحتية الحيوية. تدعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية جهود الحكومة السورية المؤقتة في استعادة الاستقرار، وتدعو إلى إجراء تحقيق سريع وشفاف ومبني على سيادة القانون.
كما نلفت الانتباه إلى التقارير المتعلقة بجرائم قتل جماعي ضد أبناء الطائفة العلوية في محافظتي اللاذقية وطرطوس. إن ضمان المساءلة عن هذه الجرائم أمر لا بدّ منه، ويجب تحقيق العدالة عبر آليات مستقلة وموثوقة وخالية من التدخلات الخارجية والتوظيفات السياسية.
ثالثًا: ندعو إلى الاحترام الكامل لحقوق جميع الأقليات، وضرورة حل النزاعات الداخلية عبر الحوار الشامل. إن العنف الطائفي يضعف ثقة الشعب بالعملية السياسية، والتي ينبغي أن تكون شاملة، وطنية، ومنبثقة من إرادة الشعب السوري نفسه. إن سوريا موحدة وشاملة تُعد شرطًا أساسيًا للسلام الدائم والاستقرار طويل الأمد.
رابعًا: الغارات الجوية الأخيرة التي شنّها الكيان الصهيوني على دمشق وجنوب سوريا لا تنتهك فقط القانون الدولي، بل تشكل اعتداءً خطيرًا على سيادة الجمهورية العربية السورية، كما تقوّض العملية السياسية الهشة وتزيد من تعقيد الجهود المبذولة للحوار والحل.
إن استمرار الاحتلال غير القانوني لهضبة الجولان من قبل الكيان الصهيوني، والانتهاك المستمر لقرارات مجلس الأمن، يجب أن يتوقف. لا يمكن للمجلس أن يبقى صامتًا إزاء هذه الاعتداءات.
خامسًا: فيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية، نعرب عن قلقنا الشديد إزاء التدهور المتزايد في محافظة السويداء وغيرها من المناطق. النقص في الغذاء والماء والوقود والأدوية وسائر الاحتياجات الأساسية بات مقلقًا للغاية.
ونقدّر جهود مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، ووكالات الأمم المتحدة، وشركاء العمل الإنساني في تقديم المساعدات المنقذة للحياة.
وندعو جميع الدول المانحة إلى تقديم دعم سخي لخطة الاستجابة الإنسانية لسوريا لعام 2025، لا سيّما في ظل العجز الحاد في التمويل، إذ تم تأمين 36.6٪ فقط من خطة 2024.
سادسًا: نرحب بجميع المبادرات الرامية إلى رفع العقوبات الأحادية واللاشرعية المفروضة على الشعب السوري، لما تسببه من تفاقم الأزمة الإنسانية، وإعاقة جهود إعادة الإعمار، وشلّ التعافي الاقتصادي. إن رفع هذه العقوبات ضروري لتمكين سوريا من إعادة إعمار ما دمرته الحرب وتهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين والنازحين بشكل آمن وكريم. لكن يجب ألّا يُستخدم رفع العقوبات كورقة ضغط سياسية أو مشروطًا بالتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا.
سابعًا وأخيرًا: لا حلّ عسكريًا للأزمة السورية. السبيل الوحيد للمضي قدمًا هو عملية سياسية بقيادة وملكية سورية، تُيسرها الأمم المتحدة، وتستند إلى المبادئ الأساسية الواردة في القرار 2254.
نحن ندعم استمرار الحوار الشامل الذي يحترم سيادة سوريا ومؤسساتها الوطنية، ويعزز المصالحة بين جميع أطياف المجتمع.
وستواصل الجمهورية الإسلامية الإيرانية التزامها الكامل بالتعاون البنّاء مع الأمم المتحدة والشركاء الإقليميين من أجل دعم السلام والعدالة وإعادة إعمار سوريا، خالية من الاحتلال والإرهاب والتدخلات الأجنبية.
شكرًا لكم.