البث المباشر

أبو الحسن علي بن عيسى الإربلي الشيباني

الثلاثاء 12 فبراير 2019 - 13:40 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 244

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن الصادقين المجاهرين بحبهم لاهل البيت هو عالم دهره وفريد عصره ابو الحسن علي بن عيسى الاربلي الشيباني وهو من مواليد عام 625 هـ على الارجح، اشتهر بالعلم والادب والتتبع وكان واسع المعرفة بالتفسير والحديث والتاريخ الاسلامي ويظهر لنا ذلك جلياً من كتابه المعروف والممتاز وهو كتاب «كشف الغمة في معرفة الائمة» والذي طبع مرات كثيرة، نلاحظ انه حينما ينقل خبراً او حديثاً يسرد اسماء المصادر يعني يضبط المنابع، وقد تتلمذ المرحوم علي بن عيسى الاربلي على ايدي علماء متبحرين من امثال السيد رضي الدين علي بن طاووس المشهور ابن طاووس الحلي وغيره وكان المرحوم الاربلي من مفاخر علماء الامامية‌ ومؤدباً مع بقية المذاهب الاسلامية وعلمائهم يعني كان يحترم الرأي وصاحب الرأي ويناقش بأطار من الاريحية والشفافية وكان مجاهراً بحبه لآل الرسول(ص) ومصرحاً بأنه متبع لهم ومصيب بعقيدته هذه يعني قناعاته ومعتقداته حاصله عن قناعات وهضم واستيعاب منطقي فمثلاً نلاحظه يقول في قصيدة له مخاطباً آل الرسالة: 

انا عبد لكم ادين بحبي

طبعاً هنا العبودية المجازية، العبودية الحقيقية لله، لكن هذه عبودية مجازية «انا عبد الضيف مادام ثاوياً»:

انا عبد لكم ادين بحبي

لكم الله ذا الجلال الكبيرا

عالم انني اصبت وان الله

يؤلي لطفاً وطرفاً قريرا

مال قلبي اليكموا فالصبا

الغضم واجبتكم وكنت صغيرا

وتوليتكم وما كان في اهلي

ولي مثلي فجئت شهيرا

اظهر الله نوركم فأضاء الافق

لما بدا وكنت بصيرا

فهداني الله بكم لطفاً بي

ومازال لي ولياً نصيرا

هنا ننتزع من شعره ان عشيرته واهله لم يتمذهبوا بمذهب الامامية، يبدو انه الوحيد من اسرته مال صوب اهل البيت صوب الحق.
ويتفق مترجموا علي بن عيسى الاربلي على الثناء عليه والاشادة بعلمه وادبه وانه كان كريماً متواضعاً وله ديوان في بيته ببغداد يعني يجلس فيه طرفي النهار يجتمع عنده الفضلاء واهل الادب العلماء وتدور بينهم البحوث في مختلف العلوم وهنا استشهد بما العلامة الاميني في حقه، الكلام للمرحوم الاميني قال: «علي بن عيسى الاربلي فذ من افذاذ الامة واوحدي من نياقب علمائها وهو احد ساسة عصره المشهورين كما ابتسم به ثغر الفقة والحديث» هذا تعبير المرحوم الاميني «وحميت به ثغور المذهب». اما بالنسبة للادب والنظم فقد مارس ذلك علي بن عيسى الاربلي منذ ايام صباه كما يستعرض الاربلي ذلك بنفسه في كتابه «التذكرة الفخرية» وكان يكثر من نظم الشعر في مختلف المناسبات وبالخصوص الغزل والنسيب كما ذكر مترجموه ان له اكثر من عشر مؤلفات في مختلف الفنون لكن كما ذكرت سلفاً اشهر كتبه هو كتاب (كشف الغمة في معرفة الائمة) حقيقة هذا الكتاب ايام كنت في النجف الاشرف وان كان الآن قلبي وروحي وفكري هناك ووجودي المعنوي هناك ومن بركة امير المؤمنين، نحن من ايام الطفولة لما دخلنا سلك المنبر وخدمة اهل البيت احدى ‌الكتب التي رشحها لنا اساتذتنا في مطالعتها بدقة هو كتاب كشف الغمة، قرأته عدة مرات كتاب جميل ولا حظت ان علي بن عيسى الاربلي دأب على ذكر بعض قصائده في الائمة في نهاية ‌تراجم الائمة وقد حفظت بعض قصائده منذ بداية خطابتي واتذكر ان له في كل امام قصيدة يعني رثاء مثلاً في رثا الامام الهادي:

يا ركب الشدنية الوجناء

عرج على قبر بسامراء

قبر تضمن بضعة من

احمد وحشاشة للبضعة الزهراء

قبر سما شرفاً على هام

السهى وعلا بساكنه على الجوزاء

وقد قرأت له تصريحاً ‌بخطه وذيل بذلك قصيدة او قصيدتيه اللتين نظمهما في رثاء الحسين(ع) فقال مصرحاً «وهاتان القصيدتان قلتهما قديماً وكان عهدي بهما بعيداً، ولما جرى‌ القلم بجمع هذا الكتاب عزمت على‌ ان امدح كل واحد من الائمة بقصيدة لا لانها تزيد من اقدارهم او ترفع منارهم فهم اعلى رتبة واسمى‌ مكانة من ان يزيدهم ذلك مجداً على مجدهم الاثيل او شرفاً ‌على شرفهم الاصيل ولكنه جهد المقل ونصرة من تعذرت عليهم النصرة باليد» هذا طبعا ً‌يضاهي ويجاري كلام الصاحب بن عباد لما خاطب اهل البيت في شعره:

فما فاتني نصركم باللسان

اذا فاتني نصركم باليد

واحد يقول «ياليتنا كنا معكم» الآن يمكن ان تطبق وتصبح مصداقاً يعني ان لا يكون في كربلاء، في كل مكان اي نصرة لاهل البيت بكلمة واحدة هو من مصاديق الجهاد والدفاع عن اهل البيت «ولكنه جهد المقل ونصرة من تعذرت عليه النصرة باليد» ويقول: «ولاني احببت ان اخلد لي ذكراً‌ بذكرهم وحمدهم وانبه على‌ اني عبدهم وابن عبدهم» طبعاً هذه العبودية المجازية كما يقول لاحد خادم «ومن الله استمد التوفيق».
وقرأت لهذا الشاعر المجاهد قصيدة قالها في رثاء الامام الباقر(ع): 

يا ركباً يقطع جوز الفلا

على امون جسرة ضامر

عرج على طيبة وانزل بها

وقف مقام الضارع الصاغر

وعج على ارض البقيع الذي

ترابه يجلو قذى الناظر

وبلغن عني سكانه

تحية كالمثل السائر

او من هم الغاية في

فضلهم فالاول السابق كالآخر

واشرقت في المجد احسابهم

اشراق بدر القمر الزاهر

الى ان يقول:

كم لي مديح فيكم شائع

وهذه تختص بالباقر(ع)

توفي هذا الشاعر الملهم والكاتب الشهير عام 692هـ في بغداد وشيع تشييعاً ‌مهيباً ودفن في منزله المطل على نهر دجلة في منطقة تعرف ببرداز خانة وقد زار داره المحقق الشهير آغا بزرك الطهراني كما ذكر ذلك في مذكراته وكان قبره معروفاً يزار لكن في الآونة الاخيرة هدم وانقطع السبيل الى ‌زيارته والوصول الى معرفة قبره نسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة