البث المباشر

رضا الله وتجنب سخطه أساس حركة المؤمن!

الإثنين 12 ديسمبر 2022 - 15:26 بتوقيت طهران
رضا الله وتجنب سخطه أساس حركة المؤمن!

في حياتك، عندما يطلب الناس منك شيئاً، سواء كانوا أقرباءك أو أصدقاءك، أو كانت لك مصلحة عندهم، قل لهم إنّني سأدرس المسألة، على أساس أنَّ ما طلبتموه منّي هل يرضي ربّي عنّي أو لا يرضي ربّي عنّي.

لأنّي أخاف الله ربّ العالمين، ولأنّني أعرف مدى خطورة عقابه. لو غضبتم منّي أو رضيتم ليس ذلك مشكلة، لأنَّ رضاكم وسخطكم قد يؤذيني بعض الشَّيء، ولكنّه يزول كما تزولون وكما أزول أنا معكم، ولكنَّ رضى الله سبحانه وتعالى هو الرِّضى، وإنَّ سخطه هو السّخط.

وهذا ما عبَّر عنه أمير المؤمنين (ع) في دعاء كميل، عندما تحدَّث عن سخط الله وعن غضبه، على أساس المعاصي التي يقوم بها الإنسان في حياته: "فإنَّ ذلك لا يكون إلَّا عن غضبك وانتقامك وسخطك، وهذا ما لا تقوم له السَّماوات والأرض، يا سيّدي، فكيفَ بي وأنا عبدُكَ الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين".

ولذلك، يريدنا الله دائماً أن نتذكَّر يوم القيامة، حتّى يتأكَّد هذا الخوف عندنا، لأنَّ مشكلتنا هي أنّنا نستغرق في الدنيا وننسى الآخرة، وأنّنا نتذكَّر عذاب النَّاس ولا نتذكَّر عذاب الله، وأنَّنا نعمل على أن نحصل على رضى النَّاس بسخط الله، من أجل أن نحصل على بعض ما يعطوننا إيّاه، ولكنَّنا عندما نتذكّر الآخرة، نتذكّر دائماً أنّه ليس عندنا ضمان من الموت، مَنْ منَّا يأمن على نفسه من أن يموت بعد لحظة؟ هل يملك أحد ضماناً؟ لو جاء أحد إليك وقال لك: اعصِ الله في ما أكلّفك به، بعد ساعة أو بعد يوم، قل له: ماذا إذا جاءني الأجل قبل هذه الساعة أو بعدها، كيف أواجه الله بما عملت؟!

إنَّ كثيراً منّا يستعجل المعصية ويسوِّف التوبة، ولكن مَن قال لك إنّك تدرك التوبة، فربّما تموت قبل أن تتوب، وربّما تنسى التوبة بعد ذلك. إنَّ الإيمان يفرض عليك أن تفكّر دائماً في الله، وأن تفكّر دائماً في خوف الله سبحانه وتعالى. وليس معنى أن تخاف من الله أن تيأس إذا كثرت ذنوبك، ليس معنى ذلك أن تسقط، بل معنى ذلك أن تعمل على أن تتوب إذا كنتَ قد عصيت، وتعمل على أن تصحِّح طريقك إذا كنتَ قد عصيت، حتّى يستقيم أمرك في طريق الله، وحتّى تنفتح حياتك على الله. معنى أن تخاف الله، أن تظلَّ تراقب نفسك وتحاسبها وتحاكمها وتغيّرها، حتّى تجعل نفسك على الصّورة الّتي يحبّها الله سبحانه وتعالى.

 

* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".

السيد محمد حسين فضل الله

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة