البث المباشر

اختلاف الأمة سبيل لسيطرة الباطل على أهل الحق

الثلاثاء 1 نوفمبر 2022 - 19:23 بتوقيت طهران
اختلاف الأمة سبيل لسيطرة الباطل على أهل الحق

نقرأ في عناصر الفساد التي تحدَّث عنها رسول الله (ص) ومسألة (اختلاف الأمَّة)، أي الأمَّة التي تعيش في حالة اختلاف وتنازع في كلّ أمورها، ولا تعمل على أساس الحوار والتَّفاهم والخضوع للحقّ من خلال الذين يبيِّنون الحقّ، وخصوصاً إذا جاءتهم الرّسالات وجاءهم الرّسل ليبيِّنوا لهم ما يريده سبحانه وتعالى. فما هي النَّتيجة من خلال ذلك؟.

في الحديث عن الرسول (ص) يقول: "ما اختلفت أمَّةٌ بعد نبيِّها..."، كما نلاحظ في الخلافات التي تحركت داخل الواقع الإسلامي، فجعلت المسلمين يحاربون بعضهم بعضاً، على أساس أنَّ هناك من عاش في خطِّ أطماعه، كما حدث في حرب (الجمل) ضدّ الإمام عليّ (ع)، وحرب (صفين)، وحرب (الخوارج)، مع أنَّ الإمام عليّاً (ع) أقام الحجَّة عليهم في حوار طويل مستمرّ، من أجل أن يبيّن لهم الحقَّ من الباطل، لا لمسألة شخصيَّة وطمع شخصي. "إلَّا ظهر أهل باطلها على أهل حقِّها" ، لأنها فقدت التَّوازن، وعندما تفقد الأمَّة التوازن، فإن من الطبيعي أن يهيمن الباطل على الحقّ، وذلك عندما يضعف أصحاب الحقّ، ويقوى أصحاب الباطل.

وقد جاء هذا أيضاً في حديث الإمام عليّ (ع) لأصحابه يخبرهم عن غلبة جيش معاوية: "إنِّي والله لأظنَّ أنَّ هؤلاء القوم سيدالون منكم"، أي سيأخذون منكم وسيتغلبون عليكم. بأيّ شيء؟ "باجتماعهم على باطلهم، وتفرّقكم عن حقكم، وبمعصيتكم إمامكم في الحقّ، وطاعتهم إمامهم في الباطل، وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم" .

إنَّه (ع) يقول: إنَّ المشكلة هي أنَّ هؤلاء القوم الَّذين يمثِّلون خطَّ الباطل اتَّفقوا على باطلهم، وأطاعوا إمام باطلهم، وأدّوا إليه الأمانة، وأصلحوا أمرهم معه. أمَّا أنتم، فقد تفرَّقتم عن الحقّ، وعصيتم إمامكم، وابتعدتم عن أداء الأمانة، وأفسدتم كلَّ أمركم.

وهذا، أيُّها الأحبَّة، هو ما نلاحظه في واقعنا، في تفرّق أهل الحقِّ عن حقِّهم، وعدم التزامهم بالخطِّ المستقيم الذي يمثِّله الحقّ. وهكذا رأينا كيف أنَّ أهل الباطل - في أيِّ خطٍّ من خطوط الباطل - يسيطرون على أهل الحقّ، ويتغلَّبون عليهم، وهذا ما لا بدَّ لنا أن نستفيد من تجربته، في ما نقبل عليه من شؤوننا في القضايا الإسلاميَّة في كلِّ المجالات.

فنحن نلاحظ الآن أنَّ أهل الباطل الذين يمنعون الإسلام من أن يحكم المسلمين، ويستبدلونه به غيره من المناهج التي انطلق بها أهل الكفر، لأنهم مجتمعون على ذلك، ونحن متفرَّقون عن كلّ ذلك.

إنَّها كلمات تضيء لنا الطَّريق، ولكنَّ مشكلتنا أنَّنا قد نرى الضَّوء أمامنا، ولكنَّنا نبتعد عنه لنغرق في الظّلمات؛ ظلمات الجهل والحقد والعداوة، وما إلى ذلك.

 

* من كتاب "النَّدوة"، ج 14.

 السيد محمد حسين فضل الله

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة