وشكلت الكارثة المدمرة لسقوط السفينة في 15 أبريل 1912، موضوع بحث وتحقيق منذ اصطدامها بجبل جليدي، خلال رحلتها الأولى من ساوثهامبتون، المملكة المتحدة، إلى مدينة نيويورك. وتساءل الكثيرون لماذا لم ير أحد على متن السفينة الجبل الجليدي إلا بعد فوات الأوان.
وأمضى تيم مالتين، وهو مؤلف ومؤرخ ومقدم تلفزيوني بريطاني، أكثر من ست سنوات في البحث عن الروايات المباشرة لأولئك الذين نجوا من الكارثة.
ورجح أن السفينة غرقت نتيجة ظاهرة بصرية تعرف بالسراب حالت دون تمكن الطاقم من رصد الجبل الجليدي.
وردا على سؤال من Science Digest عن السبب الحقيقي وراء الغرق، أشار مالتين إلى أنه في ذلك الوقت، تم تقديم عدد من الأسباب، وكثير منها فضح زيفها في تحقيقه.
وأوضح: "المثير للدهشة هو أنه كان هناك عدد من الأسباب التي تم تقديمها في ذلك الوقت، قال الناس إن الكابتن سميث كان مخمورا، لذلك قمت بالتحقيق في ذلك ووجدت أنه لم يشرب في البحر أبدا. لذلك أنا أفكر، لم يكن الأمر أن الكابتن سميث كان مخمورا، ولم يكن الأمر لأن الدفة كانت صغيرة جدا، ولم يكن الأمر يتعلق بعدم وجود مناظير، ولا بأن المسامير لم تكن قوية بما فيه الكفاية، ولم يكن الحريق هو الذي تسبب في مثل هذا الضرر الذي غرق بعد ذلك".
وكان الدليل الرئيسي الذي لاحظه من جميع الشهادات هو أن العديد من الركاب والضباط وصفو زمن الرحلة بأنه "أوضح ليلة في التاريخ"، وهو ما يتناقض مع المراقبين الذين سجلوا "ضبابا" حول الأفق.
وتابع: "قادني هذا إلى اكتشاف وجود ضباب، وكانت أوضح ليلة في التاريخ لأن هناك شيئا يسمى ضباب السراب، الذي يشبه الضباب ولكنه ليس ناتجا عن قطرات الماء مثل الضباب العادي. إنه ناتج عن كمية الهواء التي يمكنك رؤيتها في ليلة صافية حقا".
وأضاف: "إذا كان بإمكانك رؤية 80 ميلا بينما يمكنك في العادة رؤية 20 ميلا، فسيحصلون على تأثير الضباب الذي كان في الحقيقة تشتت الضوء في الجزيئات في عمق الهواء الذي يمكنهم رؤيته من خلاله".
ويقال إن هذا الوهم حدث عندما كانت السفينة في جزء معين من المحيط الأطلسي حيث التقت المياه المتجمدة لتيار لابرادور بالتيارات الدافئة لتيار الخليج.
وهذا يخلق ظاهرة تعرف باسم الانعكاس الحراري، حيث يوجد الهواء الأكثر دفئا من تيار الخليج على قمة الهواء شديد البرودة بالقرب من الجبال الجليدية، ما يؤدي بشكل أساسي إلى حبس الهواء البارد لأسفل.
وبسبب الانعكاس الحراري، عمل الهواء البارد بالقرب من البحر كعدسة تعمل على ثني الضوء لأسفل.
ويُعتقد أن هذه الظاهرة البصرية سمحت لضباط تيتانيك برؤية مسافات طويلة جدا في تلك الليلة.
وأضاف مالتين أن هذا الضباب الخفيف من المحتمل أن يكون له نفس لون الجبل الجليدي القاتل، ما يقلل من "حجم القطر الزاوي (هو القطر المرئي للجسم من موقع معين مقاسا كزاوية) للجبل الجليدي".
ويقدر أن المراقبين كان لديهم أقل من دقيقة للرد منذ أن رأوا الجبل الجليدي إلى اتخاذ تدابير مراوغة.
وأطلق على السفينة اسم تايتانيك كونها "غير قابلة للغرق" لأن مصمميها حرصوا على أن يتكون الجزء السفلي من السفينة من 16 قسما (مقصورة) لا يمكن أن ينفذ منها الماء، وحتى لو غمرت المياه على سبيل المثال أحدها، فإنه يمكن لقائد السفينة أن يحجز المياه داخل هذا الجزء بمفرده ويمنعه من غمر باقي الأجزاء.
لكن مالتين يكشف أن نقطة الضعف في تصميمها كان أن السفينة لم تستطع أن تطفو بعد غمر خمسة منها بالمياه، وغرقت ببطء بعد أكثر من ساعتين.
وكان على متن سفينة الركاب البريطانية ما يقارب 2400 راكبا عندما اصطدمت بالجبل الجليدي قبل منتصف الليل بقليل.
وشهد الحدث المدمر مقتل أكثر من 1500 شخص في واحدة من أكثر الكوارث البحرية التجارية فتكا في التاريخ الحديث.
ويقع حطام السفينة تايتانيك، الذي اكتشف في 1 سبتمبر 1985، في قاع المحيط الأطلسي، على بعد نحو 4 آلاف متر تحت الماء. فيما يحذر الخبراء من أنه يتفكك بسرعة ويمكن أن يضيع قريبا إلى الأبد.