البث المباشر

احلى الكلام -٤

السبت 19 يناير 2019 - 09:54 بتوقيت طهران

الحلقة 4

وسألني الاخ علي النو فلي من سلطنة عمان -لازالت عامرة- من هو الراجز العماني؟
الراجز العماني هو محمد بن ذويب بن قدامة الحنظلي.
وقيل له العماني وهو بصري، لانه كان شديد صفرة اللون، وليس هو ولا ابوه من اهل عمان، وانما اقبل يوماً مصفر الوجه من علة، فقال له بعض اصحابه: يا ابا عبد الله، قد خرجت من هذه العلة كانك جمل عماني.
وكانت جمال عمان صفراً لحملها الورس من اليمن الى عمان.
وهو تميمي فقيحي شاعر راجز متوسط من شعراء القصر العباسي، استفاد بشعره اموالاً جليلة، لانه كان لطيفاً داهياً مقبولاً.
قصد محمد العماني عبد الملك بن صالح الهاشمي متوسلاً به الى هارون الرشيد ومدح عبد الملك هاذا بقصيدة منها:

نحته العرانين من هاشم

الى النسب الاوضح الاصرح

الى نبعة فرعها في السماء

ومغرسها سرة الابطح

وادخله عبد الملك على الرشيد، فانشده:

يا ناعش الجد اذا الجد عثر

وجابر العظم اذا العظم انكسر

انت ربيعي والربيع ينتظر

وخير انواع الربيع ما بكر

فقال له الرشيد: إذن يبكر عليك ربيعنا.
يا فضل، اعطه خمسة ألاف دينار وخميس ثوباً.
وكتب الي الاخ نور الدين السنوسي من ليبية في شأن هذا البيت:

قلت لا استطيع مدح امام

كان جبريل خادماً لابيه

من المادح، ومن الممدوح فيه، وما المناسبة التي قيل فيها؟
قلت: هذا البيت البديع الحكيم هو للشاعر الحاذق في القول المقدم على جميع الشعراء باماع النقاد والعلماء والادباء والشعراء انفسهم ابي نواس الحسن بن هاني الشهير بخفة الروح، ورفعة الذوق، الذي كان شيعياً امامياً حسن العقيدة.
وبيته الذي نحن في شأنه الان هو رابع ثلاثة ابيات سنية طريفة قالها ساعة عتب عليه الخليفة العباسي المامون عبد الله بن هارون ادخار مدحها لامام الرضا علي بن موسى (سلام الله عليهما) لما جعله ولي عهد، وتنافس الشعراء في مدحه والثناء عليه، فأنشا يقول:

قيل لي انت اشعر الناس طراً

في بديع من الكلام البديهي

لك من جوهر الكلام ثناء

يثمر الدر في يدي مجتنيه

فعلام تركت مح ابن موسى

والخصال التي تجمعن فيه

قلت لا استطيع مدح امام

كان جبريل خادماً لابيه

فاكرمه المأمون ايما اكرام.
وزاد الرواة على ما ذكرنا تواً بيتاً خامساً، وها هوذا:

قصرت السن الفصاحة عنه

ولهذا القريض لا يحتويه

وما يوسف عليه ان يشكو مومن من البلاء، ويجزع منه لغفلته عن معناه، وهذا ما جاء في كتابة اخوان الي سائلين عن حكمته.
وجواباً لها الاء الاعزاء نقول: لا ينبغي لمؤمن الا يميز البلاء من العذاب.
فالبلاء لا يكون الا عن حب الله (عزوجل) ورضاه.
والعذاب لا يكون الا عن سخطه (عزوجل) وغضبه.
وهذا ما بينه لنا الامام الصادق (عليه السلام) بقوله: «ان عظيم الاجرطع عظيم البلاء وما احب الله قوماً الا ابتلاهم».
وفي حديث آخر فصل الصادق (عليه السلام) ثواب البتلى الصابر قائلاً: «من ابتلي من المومنين ببلاء، فصبر عليه، كان مثل اجر الف شهيد».
وفي اخبار الائمة الاطهار ان البلاء كالعراضه، وهي الهدية التي يجيء بها المسافر الى اهله، فقد قام الامام الباقر (عليه السلام): «ان الله ليتعاهد المومن بالبلاء كما يتعاهد الرجل اهله بالهدية من الغيبة، ويحميه من الدنيا كما يحمي الطبيب المريض».
فالبلاء اذن لطف الا هي بالصالحين من العباد يوقظون فيه من الغفلة، ويحمون من السوء، وهذا ما يتبين من قول الامام الباقر(عليه السلام): «انما المومن بمنزلة كفة الميزان، كلما زيد في اهانه، زيد في بلائه».

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة