البث المباشر

شرح فقرة: يا من وفـّقني وهداني

الأحد 1 سبتمبر 2019 - 10:37 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من وفـّقني وهداني " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناكم عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثكم الآن عن احد مقاطعه الذي ختم بهذه العبارات: (يا من وفـّقني وهداني، يا من آنسني وآواني، يا من أماتني واحياني). تري، ماذا نستخلص اولاً من عبارة (يا من وفـّقني وهداني)؟ 
ان التوفيق والهداية يصبّان في معني مشترك: كما هو واضح. فاذا قلنا ان الله تعالي (وفقنا) للاسلام، حينئذ تكون النتيجة مشتركة في الدلالة. ولكن - في الآن ذاته - ثمة فارق بين التوفيق وبين الهداية، مادمنا نعرف تماماً ان بلاغة الاحاديث الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) معصومة بدورها عن الاخطاء الفنية، وحينئذ لا يكتب المعصوم شيئاً لا ضرورة له، اي: لا يكتب شيئاً عبثاً، مادمنا نعرف بان الهداية والتوفيق اذا كانا بدلالة واحدة، فهذا لا يتسق مع عصمة الكلام. 
اذن ثمه فارق بين (التوفيق) وبين (الهداية). 
التوفيق هو ان ننجح في مسعانا (كما لو سلكنا الطريق فوصلنا الي المكان المطلوب، ولكن (الهداية) شيء آخر وهو مرحلة ما بعد التوفيق، ولذلك ذكر مقطع الدعاء عبارة (يا من وفـّقني) قبل عبارة (هداني)، والسؤال هو الآن عن معني الهداية، فماذا تعني؟
الجواب: الهداية هي: ان نظفر بالشيء الذي سعينا إليه، اي: عندما ننجح في طريقنا الي المكان المطلوب، حينئذ نطمح الي ان نحقق ما هو الموجود في المكان المطلوب وما وراءه. 
ان الشخصية العادية مثلاً: تسعي للحصول او الظفر بالمعرفة التي تحقق لها قناعة بالشيء: كما لو كانت تسعي للظفر بالعقيدة الاسلامية، فتنجح في الوصول اليها بعد مقارنتها بالديانات السابقة مثلاً، ولكن وصولها الي ان الدين عند الله الاسلام لا يستكمل حقيقة الا في حالة (حدايتها) الي الاسلام الاصيل المتمثل في الالتزام بمبادئ الله تعالي ورسوله، واولي الأمر الذين هم اهل البيت (عليهم السلام). اذن التوفيق هو الوصول الي تشخيص الاسلام، اما الهداية فهي: الوصول الي المذهب الحق في الاسلام. 
ونعتقد ان المثال المتقدم كافٍ في تحديد الفارق بين عبارتي (يا من وفقني وهداني، ...).
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من آنسني وآواني). هذه العبارة بدورها امتداد للسابق من العبارة، فاذا عدنا الي العبارة السابقة (يا من وفّقني وهداني) رأينا ان مرحلة ما بعد الهداية هي: ان الشخصية الاسلامية ستحقق طموحاتها بالنحو المطلوب حينما تتجه الي الله تعالي ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل البيت (عليهم السلام) وتخلص في سلوكها حيال الالتزام والتمسك بهم، عندئذ (تأنس) الشخصية بالقرب من الله تعالي من خلال القرب المتمثل في التمسك بهم. فاذا تم التمسك حينئذ فان الله تعالي (يؤوي) الشخصية إليه، ويمنحها من الرعاية ما يجعلها في مكان آمن بعقيدتها ومعرفتها، فتصل الي مرحلة المكاشفة والعرفان، وهي اعلي درجات الطاعة: كما هو واضح. 
بعد ذلك، نواجه عبارة (يا من أماتني واحياني)، وهي عبارة تتطلب مزيداً من التوضيح، حيث نؤجّل الحديث عنها الي لقاء لاحق ان شاء الله تعالي. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة