وعمد العلماء إلى إعادة هيكلة الممارسات الغذائية لإحدى الثقافات في شمال أفريقيا، ومن المدهش أنهم وثقوا نظاما غذائيا يعتمد بشكل كبير على النباتات.
عكف الباحثون على فحص البصمات الكيميائية لعظام وأسنان جُمعت من رفات سبعة أشخاص، ينتمون إلى ما يسمى بـ"الحضارة الأيبيروموروسية"، بالإضافة إلى أسنان منفصلة مختلفة يعود تاريخها إلى نحو 15 ألف سنة، عُثر عليها داخل كهف خارج قرية تافورالت شمال شرقي المغرب.
وتمكن العلماء من خلال تحليل هذه البقايا من التوصل إلى نوع وكمية النباتات واللحوم التي كان يتناولها هؤلاء الأشخاص، كما عثروا على بقايا نباتات برية مختلفة صالحة للأكل منها الجوز الحلو والصنوبر والفستق والشوفان والبقوليات، وكذلك الحيوانات الرئيسية التي كانوا يصطادونها، وفقا للعظام المكتشفة في الكهف، التي كانت عبارة عن نوع يسمى "الأغنام البربرية".
ونفت الباحثة زينب مبتهج، من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في ألمانيا والمؤلف الرئيسي للدراسة، المعتقد السائد بأن النظام الغذائي للصيادين كان يتكون في المقام الأول من البروتينات الحيوانية، حيث أن الأدلة التي عثر عليها داخل قرية تافورالت، تثبت أن النباتات شكلت جزءا كبيرا من قائمة طعام الصيادين.
من جانبها، قالت كليرفيا جاوين، عالمة الكيمياء الجيولوجية الأثرية في وكالة الأبحاث الفرنسية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، أن هذا الاكتشاف يفيد بأنه من المحتمل أن عددا من شعوب العالم قد بدأ بالفعل في إدراج كمية كبيرة من النباتات في نظامه الغذائي ما قبل عصر الزراعة.
يذكر أن أصحاب "الحضارة الأيبيروموروسية" كانوا من الصيادين وجامعي الثمار عاشوا في أجزاء من المغرب وليبيا، منذ ما يتراوح بين 11 ألف إلى 25 ألف عام تقريبا، ويشير الباحثون إلى أن أصحاب هذه الحضارة ربما خزنوا النباتات الصالحة للأكل على مدار العام لتعويض النقص الموسمي في الفرائس وللحصول على إمدادات غذائية منتظمة.
وتبين أن أهل "الحضارة الأيبيروموروسية" كانوا يأكلون النباتات البرية فقط، ولم يطوروا الزراعة أبدا والتي عرفتها منطقة شمال أفريقيا في زمن متأخر.