وبمجرد أن تم نشر هذه الصورة والاسم سارع الآلاف من مستخدمي الواتساب والفيسبوك والتلغرام الى تصديق الإدعاء وارسال اللعنات!!.
ولم يكلف أيٌّ منهم نفسه عناء التأكد من هذا الادعاء والصورة.وبعملية بسيطة لم تستغرق سوى دقيقة توصلت الى أن الصورة لا علاقة لها بانفجارساحة الطيران مطلقاً.
حيث سبق وأن وردت صورة واسم الشخص المذكور اعلاه في تصريح المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية في الثالث من حزيران /يونيو 2015 بأنه [تم يوم الجمعة الماضي، إحباط محاولة تنفيذ جريمة إرهابية تستهدف المصلين داخل مسجد الحسين (رضي الله عنه) بحي العنود بمدينة الدمام أثناء أدائهم صلاة الجمعة، من قبل شخص كان متنكراً بزي نسائي أثار وضعه المريب انتباه رجال الأمن، واستشعار مواطنين من المصلين لذلك، مما حال دون دخول الجاني للمسجد، وإقدامه على تفجير نفسه بحزام ناسف في مواقف السيارات المقابلة لمدخل المسجد، ونتج عن ذلك مقتله، واستشهاد (4) مواطنين (تغمدهم الله بواسع رحمته) .وعليه، فقد أسفرت التحقيقات القائمة في هذا العمل الإرهابي الدنيء عن معرفة هوية منفّذ الجريمة الإرهابية الآثمة بأنه يدعى خالد عايد محمد الوهبي الشمري (سعودي الجنسية) من مواليد 29/6/1416هـ ، كما أثبت المعمل الجنائي من خلال فحص عينات من بقايا جثة الإرهابي وموقع الحادث أن المادة المستخدمة في التفجير هي من نوع "آر دي إكس"] .
وبمجرد أن شاهدت الصورة المنشورة في منتديات واتساب ومنها [مجلة الكلمة الحرة] التي أتولى رئاسة تحريرها كتبت تعليقا بأن "لماذا هذه العجلة!! ياأخي،إن شعبة الادلة الجنائية عادةً ما تقوم بمعاينة ما تبقى من اشلاء الشخص القائم بالتفجير ومتابعة تسجيلات الكاميرات المحيطة بالساحة ومعرفة حجم الحفرة ونوع السلاح المتفجر و الدائرة التي خلف التفجير فيها الضحايا (150 مترا أو أكثر او أقل) ونوعية الشضايا وهناك خبراء مختصون يرصدون الوضع وكل ما تبقى في ساحة الحدث..ولا ينبغي الاستعجال ونشر الصور، ويفترض أن لا نستعجل في الحكم و الاستنتاجات واختيار صورة شخص ملتحي يرتدي يشماغاً احمر وعقالاً وكتابة ماهية جنسيته..هذه من أبجديات العمل لدى شعبة الأدلة الجنائية.. هم يبحثون هل هو ناتج عن عبوة ناسفة يدوية الصنع او قذيفة سقطت او حزام ناسف او سيارة ملغمة او دراجة نارية..كل واحدة تختلف عن الأخرى".
وفي كل الأحوال؛ لابد من التأكيد على الإدانة الشديدة للتفجير الارهابي الذي استهدف المدنيين الابرياء في ساحة الطيران وادى الى سقوط العشرات من الشهداء و الجرحى، والدعوة الى رفع مستوى التأهب الأمني وملاحقة أي خلايا ارهابية نائمة والقضاء عليها.
ولاشك ان استهداف المجموعات التكفيرية للأماكن العامة والأسواق والشوارع المزدحمة بالمدنيين هو دليل على إفلاس الارهابيين وموت أدنى مشاعر الإنسانية لدى هؤلاء المجرمين، و هذا يثبت من جديد أن هؤلاء يستهدفون الإنسان بشكل عام من خلال استهداف المرأة والطفل و الكبير والصغير بلا تمييز و لا استثناء، الأمر الذي يستدعي من الأجهزة الأمنية العراقية اليقظة والتحسب والدقة والمتابعة وإعادة النظر بالخطط الأمنية وملاحقة ما تبقى من تلك الخلايا المجرمة.
كما أن على الإعلاميين و السياسيين عدم التسرع في نشر صور ومعلومات تفتقد الى الدقة فإن من شأن ذلك فقدان مصداقية الاعلامي والقناة التلفزيونية والصحيفة والموقع الالكتروني وحتى السياسي الذي لا يتدبر فيما يصله من معلومات وصورة فيسبوكية فيبني موقفه ويطلق تصريحاته بناء على كلام مزيف!!.
وكان الصحفي الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل يسمي أمثال هؤلاء المتسرعين والمتظاهرين بامتلاك المعلومات عن الاحداث الأمنية او العسكرية بـ[جنرالات المقاهي!!].
والقرآن الكريم يقول:
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}
(83/النساء)
✍د.رعد هادي جبارة
باحث ودبلوماسي سابق