السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبسات من تفسير الميزان (١٨)
"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢)"
سورة الحجرات
✨ هل للغيبة أثر على المجتمع؟‼️
1️⃣ الغيبة علي ما في مجمع البيان ذكر العيب بظهر الغيب علي وجه يمنع الحكمة منه، وقد فسرت بتفاسير مختلفة حسب الاختلاف في مصاديقها سعة وضيقا في الفقه، ويؤول إلي أن يذكر من الإنسان في ظهر الغيب ما يسوءه لو ذكر به ولذا لم يعدوا من الغيبة ذكر المتجاهر بالفسق بما تجاهر به.
2️⃣ والغيبة تفسد أجزاء المجتمع واحدا بعد واحد فتسقطها عن صلاحية التأثير الصالح المرجو من الاجتماع وهو أن يخالط كل صاحبه ويمازجه في أمن وسلامة بأن يعرفه إنسانا عدلا سويا يأنس به ولا يكرهه ولا يستقذره، وأما إذا عرفه بما يكرهه ويعيبه به انقطع عنه بمقدار ذلك وضعفت رابطة الاجتماع فهي كالأكلة التي تأكل جثمان من ابتلي بها عضوا بعد عضو حتي تنتهي إلي بطلان الحياة.
3️⃣ والإنسان إنما يعقد المجتمع ليعيش فيه بهوية اجتماعية أعني بمنزلة اجتماعية صالحة لأن يخالطه ويمازج فيفيد ويستفاد منه، وغيبته بذكر عيبه لغيره تسقطه عن هذه المنزلة وتبطل منه هذه الهوية، وفيه تنقيص واحد من عدد المجتمع الصالح ولا يزال ينتقص بشيوع الغيبة حتي يأتي علي آخره فيتبدل الصلاح فسادا ويذهب الأنس و الأمن و الاعتماد وينقلب الدواء داء.
4️⃣ فهي في الحقيقة إبطال هوية اجتماعية علي حين غفلة من صاحبها ومن حيث لا يشعر به، ولو علم بذلك علي ما فيه من المخاطرة لتحرز منه وتوقي انهتاك ستره وهو الستر ألقاه الله سبحانه علي عيوب الإنسان ونواقصه ليتم به ما أراده من طريق الفطرة من تألف أفراد الإنسان وتجمعهم وتعاونهم وتعاضدهم، وأين الإنسان والنزاهة من كل عيب.