انها زيارة تدخل سياسي مفضوح ، وليست زيارة للتضامن مع الشعب اللبناني ، تلك التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون الى بيروت اليوم.
هو قدم الى بيروت كممثل لـ "بنك روتشيلد" ، الذي رباه وعلمه وأهله ، كي يصبح رئيساً لفرنسا وممثلاً لـ "رأس المال الدولي الماسوني" ، وهذا ما اكده بنفسه ظهر اليوم ، وفور وصوله الى مطار بيروت الدولي . حيث قال "مهدداً" لبنان ان لا مساعدات دوليه للبنان اذا لم يخضع للشروط الدوليه ، التي سماها اصلاحات .!
اي ان ماكرون قد اطلق تهديدات واضحة ومدوية ، في وجه الرئيس اللبناني الذي كان في استقباله. مما جعل كل ما تلى لحظة الوصول استعراضات تلفزيونية لا طائل من ورائها .
زبدة الزيارة ، التهديد والوعيد ، تم رميه في وجه الرئيس اللبناني منذ اللحظة الاولى لوصول ماكرون لبيروت . وعليه فالزيارة ليست بريئة وليست ذات طابع انساني ، وانما هي زيارة استعمارية استعلائية ، تهدف الى شد أزر بقايا عملاء الاستعمار و"اسرائيل" في لبنان ، من خلال قطعه تعهداً لهم بما يلي :
1. تشكيل جسم دولي شبيه بما كان يعرف باصدقاء سورية ، في السنوات الاولى ، من الحرب الكونيه ضد سورية.
2. إلغاء سيادة الدولة اللبنانيه وعدم الاعتراف بها وذلك من خلال توزيع "المساعدات" الدوليه على الشعب اللبناني مباشرة . وهذا يعني تجاوز صلاحيات الدولة وخلق كيانات لبنانيه عميلة ، كالمنظمات غير الحكوميه مثلاً ، وتكليفها بمهمات الدولة .
3. تهديد لبنان بمزيد من الغرق ، اي نشر الفوضى وضرب الاستقرار الداخلي فيه ، ان هو لم ينفذ "الاصلاحات " المطلوبه دولياً . اي اذا لم يقبل لبنان بفرض الوصايه الدوليه عليه وتحويله الى محمية اسرائيليه وليس دولية . وهو بالضبط ما تطالب به بعض الاصوات اللبنانية العميلة والتي تقلدت او لا زالت تتقلد مناصب رسمية في الدولة اللبنانيه ومؤسستا لبنان السياسية والحزبيه .
ان بامكان ربيب بنك روتشيلد اليهودي الصهيوني ، ايمانويل ماكرون ، اطلاق ما يريد من التهديدات ، تنفيذاً لامر العمليات الاميركي الذي ينص على بدء هجوم شامل للضغط على محور المقاومة وعلى حزب الله بشكل خاص لابتزازه واخضاعه للشروط الاميركيه الاسرائيليه والغاء دوره في منع السيطرة الاميركية الكامله على لبنان والاستثمار المباشر في فاجعة الدمار الذي لحق بميناء بيروت . …
ولكننا ، وبعد تذكير السيد ماكرون بانفجار مخزن نترات الامونيوم في مدينة طولون الفرنسيه سنة ٢� � ١ ، والذي اسفر عن مقتل ٣١ شخصاً وجرح ٢٥� � آخرين ، نقول له ، رداً على تهديداته وفظاظته الدبلوماسيه ، كونه اطلق هذه التهديدات في حضور الرئيس اللبناني مباشرة ، نقول له ما يلي :
أ)ان استحضار تجربة انشاء هيئة دوليه ، تحاكي تلك التي شكلت في بدايات العدوان على سورية ، هو دليل على انك تفكر خارج الواقع وانك بذلك توجه اهانة كبيرة للشعب الفرنسي وللسياسة الخارجية الفرنسيه ، التي يجب ان تكون على علم بما حصل من تغيرات ، سواءً في موازين القوى الاقليميه او الدوليه ، منذ بداية العدوان على سورية وحتى الآن .
ب)وهذا يعني ، وفي ظل وجود الفيتو الروسي الصيني المزدوج ، وعوامل القوه والاستعداد ، التي يتمتع بها حلف المقاومة حالياً ، انكم لم تعودوا قادرين على العبث باي منطقة في العالم كما يحلو لكم .
لذا فمن الافضل لكم ان تتعلموا التفكير بشكل اكثر واقعية ، وان تعلموا ان هذه التهديدات الفارغه ، لن تخيف احداً في حلف المقاومه ، ولن توصلكم الى اي نتيجة ، خاصة وان اركان حلف المقاومة يعرفون تمام المعرفة ان كل محاولات الاستثمار السياسي في هذه الكارثة الانسانيه هي تعبير عن عجزكم عن مواجهة حلف المقاومة في الميدان أولاً وعن انعدام انسانيتكم ونفاقكم اللامتناهي ثانياً ، عندما تدَّعون الانسانية والرغبة في مساعدة شعب لبنان .
ج)اما عن عجزكم ، فلا بد من الاضاءة على بعض جوانبه ، بهدف مزيد من توضيح هذا العحز . فنحن نعرف ان امر عمليات سيدكم في البيت الابيض ينص على ضرورة خلق البيئه السياسيه ، محلياً واقليمياً ودولياً ، للوصول الى مصادرة قرار الدوله اللبنانيه ، وتمهيد الطريق لنزع سلاح حزب الله كما تحلمون ، والحاق لبنان بالمحور الصهيواميركي مباشرة ، والتنازل عن ثرواته الطبيعيه ، من غاز ونفط لصالح "اسرائيل" ، وذلك لخلق المزيد من المصاعب الاقتصاديه لكل من الصين وروسيا ، في مجال اقتصاد الطاقة في العالم .
د)لقد فشلتم في تحقيق ذلك على مدى السنوات العشر الماضيه ، رغم مشاركتكم المباشره …انتم الامريكيين والفرنسيين والبريطانيين وغيركم ، ورغم استخدامكم لمئات آلاف التكفيريين في سورية والعراق واليمن ، فكيف لكم ان تنجحوا في تحقيق ذلك من خلال اعتمادكم على مخلبكم ، "اسرائيل" ، وبقايا فلول عملاءها في لبنان ؟
ان عليكم ان تعرفوا بان مخططاتكم هذه محكومة بالفشل الاكيد وان اوامر سيدكم في واشنطن لا يمكن لها ان تنفذ بسبب عجز القوى التي تعتمدون عليها لتنفيذ ذلك . كفوا عن هذه الاوهام واقرأوا ما صرح به رئيس اركان الجيش الاسرائيلي يوم امس ، عندما قال : نحن نحافظ على حالة التأهب نفسها على الجبهة الشمالية . فماذا يعني هذا ؟ ان التفسير الوحيد لذلك هو ان الجيش الاسرائيلي لا زال ينتظر رد حزب الله على استشهاد احد ضباطه في غارة اسرائيلية على دمشق قبل اسابيع ، كما انه يعني ان هذا الجيش لا زال في حالة انكفاء عن الحدود وانه يتحصن في خط دفاعي يبعد عنها حوالي ثمانية كيلومترات ، وهو بالتالي في وضع انتشار دفاعي تتابع قوات المقاومة تفاصيله لحظة بلحظة .
هـ)والى جانب كل ذلك فلا بد من تذكير ماكرون ، ومن يخاطبهم من محليين واقليميين ، بان قوات المقاومه هي التي تمسك تماماً بزمام المبادرة الاستراتيجية ، من حدود الصين الغربيه وحتى سواحل شرق البحر المتوسط ، وهي القادرة على تحديد ساعة الصفر وساعة انتهاء التحضيرات لهجومها الاستراتيجي . لستم قادرون ، لا على بدء حرب ولا على تحديد نهاياتها . اقرأوا تصريحات سيدكم في البيت الابيض ، قبل يومين ، التي قال فيها : ان اكبر خطأ ارتكبته اميركا في تاريخها ، هو خطأ الانخراط في حروب في "الشرق الاوسط" .
ان سيدكم والقوى الخفيه الداعمة له في الولايات المتحده ، لا يريدان حرباً في "الشرق الاوسط".
انه يستخدمكم فقط لاهداف انتخابيةٍ وسوف يضع على رأسكم حجراً ويقبر تبجحاتكم عندما تنتهي حاجته لكم .
و)ان حلف المقاومه لن يسمح لكم باسقاط بيروت ولن يسمح لكم بالسيطرة على لبنان . سيمنعكم من تحقيق ذلك بالقوة ، ان لزم الامر ، وسيسقط كل مشاريعكم، وخيانة بعض اللبنانيين .
تماماً كما فعل عندما اسقط اتفاقية الخيانه سنة ١٩٨٣ .
مع ضرورة تذكيركم بفارق الامكانيات وفوارق موازين القوى الدوليه والتحولات العميقه التي شهدها العالم مذاك .
احلام يقظة لا تهز في حلف المقاومة شعرة وانما ستزيده تصميماً على تحرير لبنان من عبث بعض العابثين وتكثيف الجهود الجماعيه لانتشال لبنان من ازماته والعمل على توفير الظروف المناسبه لتحقيق ذلك، سواء بالاتجاه شرقاً او باتخاذ اجراءات جراحية اكثر ايلاماً .
شعب المقاومة يقول لك ولكل الطامعين بثروات لبنان ، عد الى بلادك واهتم بها قبل فوات الاوان، فنحن شعب يثق بمقاومته وعزيمته للدفاع عنها اقوى واكثر اصرارا مما تتصور.
انتظر المفاجآت ، من الناقورة حتى ايلات..!
بعدنا طيبين قولوا الله
الكاتب محمد صادق الحسيني