مستمعينا الأطائب، تنوعت أشكال الهداية التي يحصل عليها الإنسان من التفاعل الوجداني مع ملحمة سيد الشهداء مولانا أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه.
ومن أشكالها بعث روح الجرأة على قول كلمة الحق ولو كانت مرة، والتمسك بالحق بعد معرفته وإن خالف القناعات الموروثة، وهذا ما هدى الله إليه صاحب قصة لقاء اليوم من برنامجكم (بالحسين اهتديت). ننقل لكم أيها الأكارم قصته من أجوبته على أسئلة حوار أجراه معه عبر البريد الإلكتروني الأخ محمد شاكر چراغ. و نشره علي..
قال هذا الأخ في البداية معرفا نفسه: (أنا علاء البيومي، مصري الجنسية، مواليد ۱۹٦۲ م في مدينة القيلوبية بمصر، نشأ في أسرة تعتنق المذهب الشافعي، درست الآداب واللغات السامية في جامعة الأزهر في مصر، والنقوش السامية في جامعة روما في إيطاليا، و الآثار الكلاسيكية اليونانية و الرومانية في جامعتي زيوريخ في سويسرا وغوتنغن في ألمانيا. أجيد عددا من اللغات الحية والقديمة، عملت في الترجمة و التدريس الجامعي وأعمل الآن في الحقل الإعلامي في الصحافة و الفن المسرحي، وكان اعتناقي لمذهب أهل البيت – عليهم السلام – عام ألفين وثلاثة للميلاد).
مستمعينا الأفاضل، ويحدثنا الأخ البيومي عن سابقته الدينية وسيره فيها قبل تعرفه التفصيلي على مدرسة أهل البيت – عليهم السلام – مشيرا إلى أن الله عزوجل قد من عليه باجتناب التقليد الأعمى وتلقى ما يراه صحيحا بالعقل وهو حجة الله الباطنة على العباد وترك ما عداه مما لا يقبله العقل السليم، يقول حفظه الله: ( التزمت بالصلاة مذ كنت في حوالي التاسعة من عمري وحضرت حلقات الدروس الدينية في الثالثة عشرة في مسجد الشيخ أحمد كفتارو مفتى سوريا السابق، وبعد أن وجدت افتقار هذا المسجد إلى الكمال تنقلت باحثا عن المنهج الديني الأكمل فحضرت دروسا للدكتور راتب النابلسي والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي وآمنت بما وجدته صحيحا عندهم و كذلك الأمر عندما اطلعت على التيار السلفي وليس الوهابي فقد أعجبني فيهم ثورتهم على بعض الموروثات ثم اطلعت على حركات إسلامية سنية عديدة وأخذت النافع منها وتركت ما عداه)
وبعد بيان هذه السابقة الدينية العامة يحدثنا الأخ المستبصر المصري علاء البيومي عن جذور معرفته الإجمالية بمدرسة أهل بيت النبوة – عليهم السلام – والتي شكلت قاعدة اتباعه لهم فيما بعد، يقول: (حقيقة أحمد الله سبحانه على تعرفي على تراث أهل البيت (ع) والذي كشف لي عن بحر من الروحانيات السامية و الأفكار الأصيلة و إن كنت متحفظا على بعض ما ينسب إلى أهل البيت (ع). وتعرفي على هذا التراث العظيم كان فضلا من الله سبحانه فقد بدأت القصة عندما كنت أقلب بين كتب الفقه إذ كنت مهتما بالمسائل الفقهية التي تهم شباب اليوم كمسألة الزواج ونحوها، وبينما أنا أقلب صفحات الكتب الفقهية إذ قرأت أن من كان من ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) يحرم عليه أن يأخذ من مال الزكاة شيئا احتراما لنسبه الشريف، فتوقفت عندئذ طويلا وتعجبت أن يكون للنسب أحكاما خاصة به وأنا من عائلة معروفة بانتسابها للنبي (ص)، الأمر الذي دفعني إلى البحث عن حقيقتي وما معنى كوني منتسبا؟ وهل أنا مطالب بغير ما يطالب به الناس؟ وما دوري في هذا الحياة؟ وبعد البحث الطويل في المكتبات السنية توصلت إلى النتائج التالية: الكتب السنية تحوي كما هائلا من الروايات التي تتحدث عن فضائل أهل البيت (ع). مستوى هذه الفضائل رفيع جدا حتى أنها تصل إلى حد اعتبار أهل البيت (ع) (سفينة النجاة التي تنقذ المسلمين من الضلال والتفرقة بعد رسول الله (ص)) بالرغم من كل هذه الفضائل وبالرغم من خطورة ما يترتب عليها لم أجد كتبا في المكتبات السنية تتحدث عن أهل البيت (ع) بتخصيص إلا النذر اليسير، وإن وجدنا التخصص لم نجد الخلاصة المقنعة الشافية.)
مستمعينا الأكارم، وفي خضم الإستغراب من هذا التجاهل لمنزلة أهل البيت – عليهم السلام – في الحياة الإسلامية، جاء التعرف على الملحمة الحسينية لكي يشكل المنعطف الذي نقل أخانا الأستاذ علاء البيومي إلى رحاب التعرف الجاد على أهل بيت النبوة – عليهم السلام – والبراءة من أعدائهم و ركوب سفينة نجاتهم، يحدثنا هذا الأخ عن منعطف الهداية فيقول: ( في الحقيقة بعد تلك المتابعات التي استنبطتها في أعماق كتب التاريخ والسيرة رأيت نفسي من الشيعة.. وأجزمت بأنني شيعي المذهب إلا أني لم أجاهر بهذ الشيء وأحتاج إلى ما يجعلني مجاهرا بانتمائي إلى مذهب آل البيت عليهم السلام، ومن خلال زيارتي وتجوالي في بعض الدول.. دعاني أحد الإخوة الأصدقاء في الكويت إلى حظور مسرحية تاريخية، هي مسرحية (محاكمة التاريخ) وفعلا راقت لي الفكرة خاصة وأنني أهتم جدا بمجال الإعلام المسرحي، حضرت المسرحية و أعجبت جدا بفكرة المسرحية و كان للمخرج و طاقم العمل المسرحي دورا كبيرا في تأثري الشديد بالواقع المؤلم الذي نعيشه بتهميش قضايا العصر مثل قضية مصيبة الحسين عليه السلام و أهل بيته و سيدتنا الطاهرة عقيلة الطالبيين زينب بنت علي عليهما السلام، خصوصا و إن المسرحية جسدت قصة الطف التاريخية وتجسيد وقائع التاريخ في قاعة محكمة تتلقي الضوء على تلك القضية المهمشة و من هم المتهمين و لماذا كان هذه التهميش.. و دور الفئة الباغية الفاسدة في هذا التهميش، وتساؤلات كثيرة طرحتها على من يشاهد التاريخ مجسدا أمامه بأم عينه، وبعد المسرحية أجهشت بالبكاء و أدركت الآن بأنه يتحتم علي بأن أجاهر بانتمائي لمذهب أهل البيت (ع) و أردت أن أقول ( كلمة الحق ولو مرة) كما اختتمت المسرحية بتلك العبارة)
إذن كان بكاء الأخ علاء البيومي على الحسين – عليه السلام – منطلق إعلان الولاء للدين الحق الذي استشهد من أجله سيد الشهداء وصحبه الكرام و ضحى من أجله بأزكى التضحيات، كما كان هذا البكاء المقدس منطلق التسلح بالجناح الثاني للتدين بالدين الحق و هو جناح البراءة من أعداء الله و أعداء دينه الحق و أوليائه الصادقين، يقول الأخ البيومي في تتمة قصته: (بعد حضوري لمسرحية (محاكمة التاريخ) حضرت مسرحية جراحات الحسين وشاهدت مسرحية المسيح و الحسين على شريط فيديو و حج الحسين و أتابع أخبار المركز الإسلاي أولا بأول و أشاهد القنوات الشيعية مثل الفضائية الفرات و أهل البيت. أسعى إلى توزيع تلك الأعمال و إيصالها إلى شتى دول العالم بالرغم من كثرة ترحالي و تجوالي و عدم استقراري في دولة معينة بسبب كثرة الأعمال، و حاليا أعمل على طباعة كتاب ((قل كلمة الحق ولو مرة)) أكتب به بعض مناظرات حول الإمامة والخلافة وسأتطرق إلى قصة تشيعي بخاتمته).
و ختم الأخ علاء البيومي كلامه بالقول: (المسرح الإسلامي كان له الدور في اهتدائي ولقد شيعني هؤلاء العاملين الكادين في تلك المسرحيات، كم أتمنى من الجميع التعاون لإيصال أعمالهم إلى كل إنسان في العالم و أرجو من الله جل و علا أن يديم النعمة عليهم و يجزيهم خيرا و شكورا بما قدمت يداهم و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و صلى الله على النبي محمد و آله أجمعين).
مستمعينا الأكارم و بهذا نختم نحن أيضا حلقة اليوم من برنامجكم (بالحسين اهتديت) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.. تقبل الله منكم حسن المتابعة و دمتم في أمانه سالمين غانمين و الحمد لله رب العالمين.