ما زالت واقعة كورونا (وكل واقعة رافعة خافضة) تحدث مفاعيلها في النظام العالمي الحاكم للأرض.
يتعين علينا أن نستخلص من آيات سورة الرعد يلي:
أن الله تبارك وتعالى هو الحافظ للتوازن بين المخلوقات ولولا هذا الحفظ لهلك كل من عليها.
أن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يهلك قوما من الأقوام (دولة أو كيان) هيأ لذلك الأسباب ولن يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
الأهم من هذا أن من يمنون أنفسهم بقطف ثمار هذا التغيير وتسيد الأرض عليهم أن يعدوا العدة وأن يهيئوا الأسباب لأن (اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
هذه هي رؤيتنا لما يجري الآن من أحداث متسارعة ومتشابكة لم تبدأ قطعا بكورونا ولا حتى قبلها بأسابيع أو شهور بل منذ زمن بعيد.
كل الأمم تطمح أن تكون لها الريادة والقيادة وأن تمتلك الغنى والثراء، إلا أن من طلب العلا سهر الليالي.
الأمر كما قال أبو فراس الحمداني:
ونحن أناسٌ لا توسطَ عندنا ***** لنا الصدرُ دون العالمين أو القبر
تَهونُ علينا في المعالي نفوسُنا ***** ومن يَخْطُب الحسناءَ لم يُغْلِها المهر
أَعَزُّ بني الدنيا وأعلى ذوي العلا ***** وأكرمُ مَن فوقَ التراب ولا فخر!!.
أما أولئك الذين يأملون أن يسقط النجم في حجرهم لا لشيء إلا لأنهم يرون أنفسهم أهلا لذلك، فعليهم أن ينتظروا نصيبهم في القرعة الكونية القادمة ربما بعد عشرة قرون من الآن.
بعض المسلمين يعتقدون أنهم مؤهلون لوراثة الكون إلا أنهم بحاجة إلى عام أو عامين لإعادة ترتيب أمورهم ريثما يتم استيراد نظرية اقتصادية بديلة، فبعضهم يريد اشتراكية معدلة والبعض الآخر يقترح الكونفوشيوسية المؤمنة إلا أن هؤلاء وهؤلاء هم جماعة النوكى الذين لا يمتلكون سوى الاتكال على المنى (وَإِيَّاكَ وَالِاتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النوكى) أي الحمقى أجلكم الله!!.
الأكثر حمقا من هؤلاء وهؤلاء هم جماعة الوهابية الذين يروجون لمهدي وهابي يملأ الأرض عدلا بعد أن ملأها منظر الوهابية الصهيونية ابن تيميه وخلفه الضال ابن عبد الوهاب ظلما وقهر وبغيا وإجراما وقيحا وبعد أن عاثوا في الأرض فسادا ولم يبق شبر من الأرض إلا ملأه زهمهم ونتنهم!!.
لك أن تتخيل أن الوهابيين الذين حيروا العالم في تصنيف نظامهم الذي لا هو رأسمالي ولا ليبرالي ولا إنساني ولا يعدو كونه أكبر إقطاعية عرفها التاريخ البشري –أضحت الآن على شفا جرف هار- يروجون لمهدي وهابي يهودي من آل سعود!!.
الذين يمنون أنفسهم باستلام إدارة الكون عبر القرعة الكونية وربما عبر الاستحقاق الإلهي واهمون مثلهم مثل اليهود لأنه سبحانه وتعالى تعهد أن وراثة الأرض لن تكون إلا لعباده الصالحين!!.
قطعا لن تكون للتحالف الصهيووهابي فهم لا يختلفون شيئا عن قوم عاد وثمود (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ).
في رأينا أن جائحة كورونا ليست إلا حلقة في سلسلة الأحداث الممهدة للظهور سبقها أحداث وسيتلوها مزيد من الأحداث التي ستفتح الطريق أمام (عباد الله الصالحين) المتأهبين المجاهدين المعدين والمستعدين (أسماؤهم في الأرض مجهولة وفي السماء معروفة).
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ).
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ).
الدكتور أحمد راسم النفيس