البث المباشر

تفسير موجز للآيات 71 الى 75 من سورة الزمر

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 866

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ..السلام على مستمعي برنامج نهج الحياة ورحمة الله وبركاته .نحن معكم لنحط رحلنا عند آلايات 71حتي 75 من سورة الزمر المباركة نستمع الان إلى تلاوة مرتلة للأيتين 71و72 منها :

وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٧١﴾ 

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴿٧٢﴾

تواصل الآيات هنا بحث المعاد، وتستعرض بالتفصيل ثواب وجزاء المؤمنين والكافرين الذي استعرض بصورة مختصرة في الآيات السابقة. وتبدأ بأهل جهنم، إذ تقول: (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً). و هي تعني الجماعة الصغيرة من الناس، وتوضح أن الكافرين يساقون إلى جهنم على شكل مجموعات مجموعات صغيرة ومتفرقة.

تكشف هذه الايات، أن أبواب جهنم تكون مغلقة قبل سوق أُولئك الكفرة، وهي كأبواب السجون المغلقة التي تفتح أمام المتهمين الذين يراد سجنهم، وهذا الحدث المفاجيء يوجد رعباً ووحشة كبيرة في قلوب الكافرين، وقبل دخولهم يتلقاهم خزنة جهنم باللوم والتوبيخ، الذين يقولون استهجاناً وتوبيخاً لهم ..حقّاً إنّ كلام خزنة جهنم يعد من أشد أنواع العذاب على الكافرين الذين يواجهون بمثل هذا اللوم فور دخولهم جهنم.على أية حال، فإنّ الكافرين يجيبون خزنة جهنم بعبارة قصيرة ملؤها الحسرات، قائلين: (قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين).

هذا النقاش القصير ينتهي مع اقترابهم من عتبة جهنم ، فأبواب جهنم - كما أشرنا إليها من قبل - يمكن أن تكون قد نظمت حسب أعمال الإنسان، وإن كلّ مجموعة كافرة تدخل جهنم من الباب الذي يتناسب مع أعمالها، وذلك مثل أبواب الجنّة التي يطلق على أحد أبوابها اسم "باب المجاهدين" وقد جاء في كلام لأمير المؤمنين "إنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة".

من تعاليم هاتين الايتين أن ملائكة العذاب تؤّكد مسألة التكبر من بين بقية الصفات الرذيلة التي تؤدي بالإنسان إلى السقوط في نار جهنم، وذلك إشارة إلى أن التكبر والغرور وعدم الإنصياع والإستسلام أمام الحق هو المصدر الرئيسي للكفر والإنحراف وإرتكاب الذنب.و قد صدق الرسول (ص) عندما قال: "لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال ذرة من كبر".

 

نستمع الان إلى تلاوة الايتين 73 و74 من سورة الزمر :

وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴿٧٣﴾ 

وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿٧٤﴾

تتحدث الايتان عن كيفية دخول المؤمنين المتقين الجنّة، بعد أن كانت الآيات السابقة قد استعرضت كيفية دخول الكافرين جهنم، لتتوضح الأُمور أكثر من خلال هذه المقارنة.

استعمال عبارة (سيق) يشير الي مدي رغبة الجنّة وملائكة الرحمة و اشتياقهم للمتقين ، كما هو الحال بالنسبة إلى المستضيف المشتاق لضيف والمتلهف لوفوده عليه إذ أنّه لا يجلس لانتظاره وإنّما يذهب لجلبه بسرعة قبل أن يأتي هو بنفسه إلى بيت المستضيف . عندها يلهج لسان اهل الجنة بحمد الله تعبيرا عن غاية السعادة والفرح اللذين غمراهم، حيث يقولون: (الحمد لله الذي صدقنا وعده و أورثنا الأرض والمراد من الأرض هنا أرض الجنّة. واستخدام عبارة (الإرث) هنا، إنّما جاء لكونهم حصلوا على كلّ هذه النعم الكثيرة في مقابل جهد قليل بذلوه، إذ - كما هو معروف - فإن الميراث هو الشيء الذي يحصل عليه الإنسان من دون أي عناء مبذول.

تتضمن الايات مفاهيم مهمة منها:

  •  إن الإيمان لا يكفي لوحده من أجل بلوغ الجنة بل إن التقوى والعمل الصالح هو نتيجة الإيمان الحقيقي .
  •  إن أهل الجنة يحمدون الله تعالى عند دخولهم الجنة عرفانا منهم أن كل نعمة تستحق الشكر والحمد وأي نعمة أكبر من فكاك رقبة الإنسان من النار والدخول في الجنة .

و أخيرا إليكم تلاوة الاية 75 من سورة الزمر :

وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٧٥﴾

وفي النهاية تخاطب الاية الرّسول الأكرم(ص) عن ما يشاهده في يوم القيامة من تسبيح الملائكة و تقديسهم لله تعالى والقضاء الذي يجري بينهم بالحق فقول الحمد لله رب العالمين هو النداء الذي يعم كل مكان .فأهل الجنة يقولون ذلك شكرا لله على نعمه التامة وقيل أنه من كلام الله تعالى الذي ابتدء الخلق بحمده وقاله بعد إفناء الخلق ثم بعد بعثهم واستقرار أهل الجنة في الجنة يكررالحمد لله رب العالمين .

 في نهاية هذا البرنامج نشكركم على طيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة