بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة علي رسول الله وأهل بيته الأطهار .. أحبة القران الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ها نحن معكم ضمن حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة لنواصل الحديث في ايات أخرى من سورة صاد و هي الايات 79 حتى 83 و البداية مع الانصات إلى تلاوة الايات 79 إلى 81 من سورة ص المباركة:
قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿٧٩﴾
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿٨٠﴾
إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴿٨١﴾
تقدم الكلام في الحلقة الماضية عن رفض إبليس الانصياع لأمر الله تعالى بالسجود لآدم (ع)، المعصية التي لم تبق عند هذا الحد بل إنه أصر على موقفه العاصي مبررا لموقفه ..فطرده الله من صفوف ملائكته.
تتحدث الايات عن طلب إبليس من الله تعالى بعد أن طرد من رحمة الله فقد طلب أن يمهله الله تعالى إلى يوم القيامة وإن يبقيه حيا حتى ذلك الوقت، ليس للتعويض عن معصيته بل ليضل الانسان عن طريق الله ولينتقم منه ؛ والحقيقية هي أن إبليس تصور أن الانسان هو السبب في طرده فأراد أن يثأر منه لنفسه. إن طلب إبليس واجه القبول ولكن ليس إلى يوم القيامة كما أراد ابليس بل إلى أجل محدد لا يعلمه إلا الله . فهو إما إلى نهاية حياة البشر أو آخر يوم من أيام حضور حجة الله وإمام العصر أو إلى يوم آخر يوجد في علم الله تعالى.
نستلهم من الايات معاني ودلالات منها:
- لم يطلب إبليس العفو من الله إزاء ما ارتكبه من معصية بل بادر إلى الانتقام وذلك بسبب التكبر والانانية لديه .
- إن الله بحكمته يطيل في عمر من يشاء وهو عليه سهل يسير .
- لم تكن المشكلة التي كان ابليس يعاني منها هي قلة المعرفة بالله و اليوم الاخر بل إن جذور انحرافه كانت في التكبر والانانية والاصرار على المعصية .
أما الان أيها الاحبة نستمع إلى تلاوة الايتين 82 و 83 من سورة صاد:
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٨٢﴾
إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴿٨٣﴾
كما أشرنا قبل قليل فقد طلب إبليس من الله أن يطيل في عمره فاستجاب الله له طلبه وأمهله إلى أجل محدد ولكن هذا الاستمهال لم يكن من أجل التوبة والعودة إلى الله تعالى بل أقسم إبليس بعزة رب الجلالة أن يضل الانسان عن سواء السبيل. و العجيب أن ابليس يقسم بعزة الله أنه سيغوي جميع بني البشر؛ والقسم بالعزّة يراد منه الإستناد على القدرة والإستطاعة، والتأكيدات المتتالية في الآية (القسم من جهة، ونون التوكيد الثقيلة من جهة اُخرى، وكلمة أجمعين من جهة ثالثة) تبيّن أنّه مصمّم بصورة جديّة على المضي في عمله، وأنّه سيبقى إلى آخر لحظة من عمره ثابتاً على عهده بإغواء بني آدم.
ولكن بعد قسمه ينتبه إبليس إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ هناك مجموعة من عباد الله المخلصين لا يمكن كسبهم بأي طريقة إلى داخل منطقة نفوذه، لذلك أجبر على الإعتراف بعجزه في كسب اُولئك فقال: (إلاّ عبادك منهم المخلصين).اُولئك الذين يسيرون في طريق المعرفة والعبودية لله بصدق وإخلاص وصفاء، فالله دعاهم إليه، وأخلصهم لنفسه وجعلهم في منطقة أمنه و أمانه، وهذه هي المجموعة الوحيدة التي لا يتمكّن ابليس من الوصول إليها، أمّا البقيّة فإنّ بإمكانه إيقاعهم في شباك مكره ووساوسه.
إن ظنّ إبليس كان صحيحاً، إذ أنّه أوجد العراقيل لكلّ واحد من بني آدم عدا المخلصين الذين نجوا من فخاخه وذلك ما أكّده القرآن المجيد في الآية (20) من سورة سبأ: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه فاتّبعوه إلاّ فريقاً من المؤمنين).
نتعلم من الايات مواعظ منها:
- يتعرض الانسان طوال حياته لعديد من الكمائن التي ينصبها الشيطان له وعليه يجب أن لا يرى نفسه بعيدا عن تلك الكمائن لأن إبليس أقسم بعزة الله أن يغوي بني آدم.
- احيانا تكون الذنوب الصغيرة مقدمة لكبائر الذنوب فقد ارتكب ابليس ذنبا عندما رفض السجود لآدم ولكنه أصر على ذنبه واخذته العزة بالاثم فطرد من رحمة الله تعالى.
- إن طهارة النفس والإخلاص في العمل لله تعالى شرطان أساسيان ليصون الانسان نفسه من الوقوع في المهالك الشيطانية.
.. في الختام نشكركم على المتابعة ..نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .